الخميس، 15 مارس 2012

أخطاء 14 آذار التكتيكية والاستراتيجية - طارق ترشيش - الجمهورية

لوحظ ان قادة 14 آذار قد خاضوا معاركهم الخطابية بـ"الوكالة" عبر مجموعة شبّان قدموهم على أنهم مستقلون ومن "المجتمع المدني" ليتبين أن القسم الاكبر منهم يعلن انتسابه الى فريق 14 آذار مستعيداً خطابات ردّدها قادته مرارا.
ولكن بعض السياسيين المخضرمين رأوا في تحويل المناسبة هجوما على دمشق خطأ تكتيكياً واستراتيجياً في آن:
فعلى المستوى التكتيكي اندفع الخطباء، وقبلهم الرئيس سعد الحريري، في هجوم عنيف على النظام السوري وكأنه ساقط بين ليلة وأُخرى، في وقت تؤكد التقارير انه ماضٍ في تقدمه ميدانياً وفي تحقيق اختراقات ديبلوماسية وسياسية.
اما على المستوى الاستراتيجي، فيقول المخضرمون، ان الحديث عن "وحدة الشعبين اللبناني والسوري"، و"وحدة الربيع العربي" هو اقرار ضمني بعروبة لبنان بعد أن كان بعض قادة 14 آذار بنوا سابقاً وجودهم السياسي على ان لبنان مختلف عما حوله.
وذكّر المخضرمون بأن هذا الخطأ الاستراتيجي يكرر خطأ استراتيجياً آخر وقع فيه زعماء "الجبهة اللبنانية" السابقة حين استنجدوا بالجيش السوري عام 1976فسقطت بذلك رؤيتهم العقائدية التي تقوم على تخويف المسيحيين من العرب عموماً، ومن سوريا خصوصا.
اما الفريق الآخر في 14 آذار كتيار "المستقبل" فإن خطأه الاستراتيجي يبرز في التحريض والتوتير ضد دمشق بما يخالف "اتفاق الطائف" الذي يركّز عليه ليل نهار ويرفض أي مساس به، فيما هو يتجاوزه في محور العلاقة اللبنانية ـ السورية الذي يقضي بأن لا يكون لبنان أو سوريا مصدراً لتهديد أمن البلد الآخر.
اما الخطأ الاستراتيجي الآخر الذي ارتكبه هؤلاء في رفع شعار "لبنان اولا" في رد غير مباشر على منطق المقاومة الذي يدعو الى مواجهة اسرائيل، فإذ بهم يتصرفون ازاء الأزمة السورية و"كأن دعم المسلحين في البلد الشقيق صار مطلبهم الاول، وأن حرية لبنان لا تتحقق إلاّ اذا تحققت للسوريين حريتهم".
اما الخطأ الاستراتيجي الثالث لهذا الفريق، فهو عدم قراءته الدقيقة لما يدور في المنطقة والعالم من متغيرات سريعة، سواء على مستوى موازين القوى الدولية وما يطرأ عليها من تغيير، أو على مستوى الشروع في تسويات دولية واقليمية لحل الأزمة السورية بعدما اتضح للجميع صعوبة اسقاط النظام في المدى المنظور، ويبدو هؤلاء "كالذاهب الى الحج والناس راجعة"، فيكررون أخطاء سبق لإطراف لبنانية أن ارتكبتها في العلاقة مع سوريا منذ عام 1975 حيث راهن الجميع يساراً ويميناً على امكانية اسقاط النظام السوري في حال خاضوا مواجهة ضده، فجاءت النتائج خلافاً لتوقعاتهم. اما الحديث عن رفض المجازر التي يتعرض لها بعض المدن، بغض النظر عن صحة الترويج الاعلامي عن هوية مرتكبيها، فيؤكد "ان المسألة ليست انسانية او مبدئية او اخلاقية، بمقدار ما هي سياسية بامتياز". ويُذكّر سياسيون بأنه قبل سقوط الرئيس الروماني السابق نيقولاي تشاوشيسكو تحدث الاعلام الغربي عن مجزرة واحدة سقط فيها 72 الف ضحية، لتظهر الحقيقة فيما بعد أن عدد ضحايا الديكتاتور الروماني لم يتجاوز 270 ضحية. "فلعبة الارقام لا تكون دائما في مصلحة اصحابها، حسبما يقول قريبون من دمشق، وسيأتي اليوم الذي يكشف فيه عن حقيقة هذه المجازر ومرتكبيها".
فهل كان غياب قادة 14 اذار عن الكلام في "البيال" خطوة الى الوراء تتناسب مع المتغيرات المحيطة بالأزمة السورية؟ وهل أن هؤلاء القادة مستعدون لأن يتنازلوا عن قيادتهم للشباب الذين تنازلوا لهم عن منبر البيال؟ تلك هي المسألة..... 

0 التعليقات:

إرسال تعليق