الجمعة، 23 مارس 2012

300 مليون دولار... فرّقت الصفدي عن ميقاتي!!

        ليندا مشلب - "الجمهورية"
        ذهل الصحافيون الذين سمعوا وزير المال محمد الصفدي وهو يعلن من على باب السراي الحكومية قبيل دخوله الى الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، اصطفافه الى جانب وزير الطاقة جبران باسيل ضد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي (حليفه المفترض في الانتخابات النيابية سنة 2013)، عندما سئل عن بواخر الكهرباء، وأبعد من ذلك عندما انتقد تفرّده بالقرارات.
ظاهر الخلاف بين الحليفين اللذين عاشا سويا السراء والضراء منذ كانون الثاني 2011 اثر اسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري، بواخر الكهرباء المعلقة حتى إشعار آخر او الى حين تقديم رئيس الحكومة رؤيته لحل كهربائي مستدام في الجلسة المقبلة لمجلس لوزراء، على ما وعد في اليومين الأخيرين. لكن يبدو ان ظاهر الخلاف هو هذه المرة باطنه في استثناء الحياة السياسية العامة، بمعنى ان الصفدي لم يكن يناور حينما انتقد ما سمّاه تفرّد ميقاتي في "اختصار الحكومة واللجنة الوزارية"، من خلال امتناعه عن الدعوة الى جلسة للجنة الوزارية المكلفة درس مسألة البواخر، مع الاشارة الى ان القاعدة في لبنان عادة ما ترتكز على ان يظهّر الساسة خلافاتهم بعكس ما هي عليه الحقيقة.
في المعلومات أن رئيس الحكومة تلقى من نسيب له من آل غندور (ابن خاله)، عرضاً لإحدى الشركات المشغّلة لبواخر انتاج طاقة كهربائية، بيّن ان القيمة الرقمية لكلا العرضين الفائزين للشركتين الاميركية والتركية هي اعلى من العرض الذي قدّمه نسيب رئيس الحكومة (تردد ان الفارق يزيد عن 300 مليون دولار على امتداد مجموع السنوات الخمس، هي المدة التي ستضع فيها الباخرتان انتاجهما الكهربائي في تصرف شركة كهرباء لبنان). وبما ان العرض الجديد اتى بعد نفاد مهلة استدراج العروض، وفضّها وابلاغ مجلس الوزراء بإسمي الشركتين الرابحتين، وتكليف فريق من وزارة الطاقة التفاوض معهما حول امور تقنية ومادية، صرف رئيس الحكومة النظر عنه، لكنه في المقابل قرر وقف إجراءات ومفاعيل استدراج العروض وتجميد عمل اللجنة الوزارية، وانصرف في الوقت نفسه لإعداد تصوّره حول حلّ جزئي لتدني انتاج الكهرباء، من خلال البحث عن بدائل، في مقدّمها انشاء معامل طاقة جديدة بعدما تبين ان ثمة شركات قادرة على ذلك في غضون 12 او 16 شهرا (يصل انتاج المعمل الواحد الى الف ميغاوات).
إذا كانت هذه حقيقة تجميد اللجنة الوزارية، فلماذا كان صوت وزير المال اكثر ارتفاعاً هذه المرة من صوت وزير الطاقة جبران باسيل في الاعتراض على قرار رئيس الحكومة؟
يوحي مقرّبون من مرجع بارز ان ثمة تقاطعاً في المعلومات على ان "للاصوات المعارضة مصلحة في المسألة"، وهو الامر الذي ينكره آخرون، نافين وجود اي مصلحة مباشرة او غير مباشرة تحرك المعترضين على تجميد خيار بواخر انتاج الطاقة الكهربائية.
ويقول المعترضون ان "اللجنة الوزارية سبق ان أعدّت تقريراً حول الشركتين الأميركية والتركية، على ان يليه تقرير آخر لرفعه إلى مجلس الوزراء تقترح بالتعاون مع إحدى الشركتين او الاثنتين معاً -في حال اقتضى ذلك- تدني الانتاج الكهربائي. لكن ما حصل هو ان رئيس الحكومة بادر الى تجميد غير معلن لأعمال اللجنة من دون اي مبرر. وكنا ننتطر ان نسمع جوابا واضحا حول هذه المسألة في الاجتماع الأخير، الأمر الذي لم يحصل، وظلّ الكلام في العموميات".
وينفي مقرّبون من وزير المال وجود اي خلفية سياسية للخلاف المعلن حول البواخر، مشيرين الى ان المسألة "محض تقنية تتعلق بتجاوز دوري الحكومة واللجنة الوزارية، الامر الذي في المستطاع جعله يستقيم تلقائيا في الجلسة المقبلة للحكومة، ومن المتوقع كذلك لأن النوايا صافية".
أمّا المقرّبون من رئيس الحكومة فيبدون اعتراضاً في الشكل على تظهير وزير المال الخلاف على شاكلة ما حصل، معتبرين انه كان في الامكان ترك الامور في سياقها الطبيعي داخل المؤسسات، منعاً لأي تأويلات او تفسيرات عادت ما ترتكز على مبالغات وتخيلات.
في موازاة ذلك، رأى مراقبون انه من الصعب الاستنتاج ان الخلاف بين رئيس الحكومة ووزير المال سياسي، إذ إنّ ما يجمعهما حاضنة سياسية بقواعد ثابتة أرسيت منذ أن قرّر ميقاتي قبول الترشح الى رئاسة الحكومة بديلا من الحريري، وتالياً ان المظلة السياسية لا تزال على حالها، ولا مؤشرات الى امكان تفرّقهما، ربطا بالاحداث السورية وتأثيراتها السياسية المباشرة على لبنان وعلى افرقاء الصراع فيه.
واعتبر المراقبون ان "سبب الخلاف تقني مرتبط برؤية كل من الرجلين لحل مشكلة الكهرباء وانعكاسات هذا الحل على المالية العامة، وبالتالي لا بد ان تتوضح الامور بينهما ويعود الوئام الى ما كان عليه".

0 التعليقات:

إرسال تعليق