الثلاثاء، 6 مارس 2012

الوزير شربل كما لم ترونه من قبل: يتحسّر ويبكي

2012 Mar 06 الوزير شربل كما لم ترونه من قبل: يتحسّر ويبكي
أن يبكي مواطن أسفاً على سيارة سُرقت، أو محل تجاري نُهب، أو عزيز له خُطف، فذلك أمر طبيعي.
أما أن يبكي وزير الداخلية تحسراً على ضعف الإمكانات، فهذا أمر غير مألوف، ولا سيما إذا كان الوزير المعني العميد مروان شربل، الذي عُرف عنه، منذ تدرجه في سلك قوى الأمن، الطابع الصارم.
من هنا، فإن دموع شربل التي «استمعنا» اليها خلال المقابلة الإذاعية التي أجرتها معه الزميلة وردة الزامل، عبر أثير «الشرق»، شكلت مفاجأة للبعض، وربما صدمة للبعض الآخر، ممن كانوا يفترضون أن وزير الداخلية في العادة يُبكي .. ولا يبكي!
ومع ذلك، فإن الانفعال العاطفي لشربل في هذه الحالة، يكشف عن بعد إنساني في شخصيته، يبدو أن البزة الأمنية التي ارتداها على مدى عقود، لم تتمكن من قمعه، وإن نجحت في إخفائه الى حين.
كان كل شيء طبيعياً في الحوار الإذاعي، الذي أثارت فيه الزامل موضوع الفلتان الأمني، وحوادث الخطف وعمليات الإفراج الملتبسة والفدية غير العادلة. وعندما طرحت على شربل سؤالها في هذا السياق، قال لها إنه لا يريد الإجابة. فعقبت الزامل قائلة: «ولكنك وزير مسؤول ويجب أن تجيب». هنا انقطع حبل الكلام لثوان، باغت خلالها الدمع مقلتي الضيف.. ففوجئت الزامل وراحت تنقذ الموقف بلباقتها المعهودة قائلة: «أفهم انفعالك معالي الوزير.. وكلنا نعبّر أحيانا بالدمع.....» ثم غيرت بوصلة الحديث بعد قولها: «رح إرجعلك.. بعد ما تمرق موجة الانفعال».
ولكن فضول المحاورة لم يدم طويلاً، فانتظرته على قارعة السؤال بعد دقائق، مستفهمة بقولها: «هذه المرة من دون دموع معالي الوزير.. لماذا هذا الانفعال؟ فأجاب عندئذ متحسراً على وضع وزارته، التي لا عناصر كافية فيها، فيما يُفرغ عناصر عديدون للمرافقات الشخصية، مشيراً الى أنه لو كان هناك عدد وعديد كافيين لكانت النتيجة أفضل على مستوى الأمن، واعداً بنقل هذا الملف وهذه الصرخة الى مجلس الوزراء.
وأضاف متأثرا: «سقط عدد من الشهداء من العناصر الأمنية جراء عمليات المداهمة بحثاً عن الخارجين عن القانون».
وهكذا أفلت الدمع من عيني الوزير في «المجالس بالأمانات»، الذي عادت المحاوِرة بعد انتهائه، تسأل ضيفها مجدداً بعيداً عن آذان المستمعين، عن سبب ردة فعله، فقال لها إنه ابن المؤسسة الأمنية، ويحزّ في نفسه ألا تنجح في مسؤولياتها، تبعاً لما نقلته الزامل الى «السفير».
لا بد أن الزامل في هذه اللحظة شعرت بأن تجربة جديدة ومختلفة أُضيفت الى سجل مقابلاتها الإذاعية الطويل والحافل. وصحيح أنها كانت صادفت سابقاً ضيوفاً ممن لم يتمكنوا من السيطرة على حالاتهم «الوجدانية»، وكان آخرهم، أمين سر «حركة التجدد الديموقراطي» الدكتور إنطوان حداد، الذي بكى مؤخراً حزناً على غياب الراحل نسيب لحود، وقد شاركته المُحاوِرة ايضاً البكاء، «ولكنها المرة الأولى، بحسب مقدمة البرنامج، التي تبكي فيها شخصية رسمية أمامي لدى إثارة موضوع سياسي - أمني»!
أما الوزير شربل فأوضح لـ«السفير» رداً على سؤال: «تأثرت لأنني أشعر بتقصيري أحيانا تجاه المواطن، فهذا تُسرق سيارته، وذاك يُطالب بفدية، وأنا «عم بتفرّج»، فقط بسبب ضعف الإمكانات. ويرجوني بعض الموقوفين أحياناً البقاء في الشارع تحت المطر، كيلا يُزج في سجن رومية، الذي لا تسأل عن تحسين ظروفه لا الدولة ولا القضاء! الشعب اللبناني لا يستحق ذلك، يكفي أنه صامت عن الوضع السياسي، والمسؤولون لا يقومون بواجباتهم حياله. كل ذلك يقهرني ويستفز الدمع من عيني».
وإذ يسجل للوزير مروان شربل عفويته وجرأته الأدبية في ذرف الدمع مباشرة على الهواء، الا أن ذلك لا يمنع من التساؤل الآتي: ما دام المسؤول يندب حظه ويبكي على ما وصلت اليه حال الدولة، فماذا تركنا للمواطن العادي؟ وكيف سيتلقى هذا المواطن الرسالة المبللة لوزير الداخلية؟!

0 التعليقات:

إرسال تعليق