الاثنين، 12 مارس 2012

هل هناك من "شهود عيان" على طاولة مجلس الوزراء؟

 ماهر الخطيب - موقع النشرة
تؤكد المادة التاسعة من المرسوم رقم 2552 الذي ينظم أعمال مجلس الوزراء الصادر في تاريخ 1/8/1992 أن مناقشات مجلس الوزراء سرية ولا يحضرها سوى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والوزراء والأمين العام ومن يساعده، ويمكن لمدير عام رئاسة الجمهورية أن يحضر الجلسة كما يمكن استدعاء من تقضي الضرورة الاستماع إليهم في الجلسة، ولكن هذه المادة لا تطبق بأي شكل من الأشكال لأن مناقشات جلسات مجلس الوزراء تكون بعد ساعات لا بل دقائق في معظم وسائل الإعلام تحت عنوان مصادر وزارية، ما يطرح السؤال إن كان هناك "شهود عيان" على طاولة مجلس الوزراء ينقلون ما يحدث في الجلسة، وعمن يتحمل مسؤولية ذلك؟
 
تصرف غير لائق
في زمن الثورات العربية، برزت بشكل لافت ظاهرة "الشهود العيان" التي على ما يبدو هي معروفة بين الوزراء اللبنانيين منذ وقت طويل عن طريق تسريب مداولات جلسات مجلس الوزراء، إلا أنها بدأت تثير الكثير من علامات الإستفهام في ظل سعي المسؤولين إلى الحد منها نظراً إلى الإشكاليات الكثيرة التي تثيرها خاصة في المواضيع الخلافية، لاسيما وأن القسم الأكبر من هذه التسريبات يفتقد إلى الكثير من الدقة، وفي هذا الإطار يستغرب أحد الوزراء كيف أن مداولات مجلس الوزراء التي من المفترض أن تبقى سرية تنشر في وسائل الإعلام بشكل دائم من دون أخذ أي إجراء لمكافحة هذه الظاهرة.
ويشير الوزير إلى أن هذه الظاهرة تتسبب في الكثير من الأحيان بزيادة حدة التوتر بين الوزراء لأن بعض السجالات التي توصف في وسائل الإعلام بأنها "حادة" تكون "عادية" إلى حد بعيد، ويعتبر أن بعض الوزراء في ظل هذه الظاهرة يعمدون إلى رفع نبرة كلامهم في الجلسات لأنهم يعرفون أنها ستنشر في وسائل الإعلام في اليوم التالي بشكل يمكن وصفه بـ"الإستعراضي"، ويكشف الوزير أن بعض الوزراء اللبنانيين إستفادوا من التطور التكنولوجي الكبير الذي يشهده عالم الإتصالات، خاصة ما يتعلق بالهواتف الذكية، وبدأوا بتسريب ما يحصل مباشرة عبر مواقع التواصل الإجتماعي قبل إنتهاء الجلسات حتى بشكل يعتبره "غير لائق"، ويتساءل إن كان هناك "شهود عيان" على طاولة مجلس الوزراء كشهود العيان الذين يظهرون في وسائل الإعلام في هذه المرحلة؟

من يتحمل المسؤولية؟
بالرغم من الملاحظات والتحفظات التي يبديها العديد من الخبراء القانونيين حول طبيعة المرسوم 2552 الذي ينظم أعمال مجلس الوزراء لجهة الصلاحية والمضمون، خاصة وأن تنظيم أعمال مجلس الوزراء يستلزم اصدار قانون، يؤكدون على أنه يفرض مبدأ سرية المداولات، ويعتبرون أنه إذا تم خرق هذا المبدأ يمكن الطعن في المداولات والقرارات وإبطالها، ويشدد رئيس مجلس شورى الدولة السابق الدكتور يوسف سعدالله الخوري في هذا الإطار على أن مداولات مجلس الوزراء يجب أن تبقى سرية بعكس المقرارات التي يتم الإعلان عنها عبر وزير الإعلام بعد إنتهاء كل جلسة، ويعتبر أن على مجلس الوزراء أخذ موقف واضح من هذا الموضوع لأن كل ما يحصل اليوم يتم تسريبه إلى وسائل الإعلام.
ويشير الدكتور الخوري، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن ليس هناك نص قانوني في هذا الموضوع، لكن الإجتهاد يؤكد أن مداولات أي هيئة جماعية كمجلس الوزراء يجب أن تبقى سرية ولا يحب أن يعلن إلا عن المقررات فقط، ويعتبر أن على رئيسي الجمهورية والحكومة أن يوجها الملاحظات الصارمة إلى الوزراء للمحافظة على سرية المداولات في الجلسات كونهما يترأسان هذه الجلسات.
ويوضح الدكتور الخوري أن المبادىء العامة في جميع الدول توجب سر المذاكرة، وهو سر مكرس لكل الهيئات الجماعية من مجلس الوزراء إلى كل الهيئات الإدارية والقضائية، ويلفت إلى أن في حالة خرق مبداً السرية في القضاء يكون هناك إدانة، لكن في حالة مداولات مجلس الوزراء ليس هناك إدانة بالمعنى التقني للكلمة للوزراء بل إدانة سياسية، ويعتبر أن مجلس النواب يستطيع القيام بدور في هذا الإطار كونه يتولى الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية.
ومن جانبه، يعتبر الوزير أن التسريب الذي يحصل قد يسبب في بعض الأحيان ضرراً كبيراً لبعض الوزراء، خاصة وأن هذه التسريبات لا تكون كاملة ويتم إقتطاع أجزاء منها بما يخدم مصلحة الوزير الذي يُسرب أو مصلحة الجهة السياسية التي يمثلها، ويرى أن من الضروري وضع حد لهذه الظاهرة بشكل كامل وإلا فلتنشر كل المداولات بشكل رسمي لكي لا يظلم أحد.
 
تشير بعض المعلومات إلى أن رئيسي الجمهورية والحكومة يعمدان بشكل دائم إلى تذكير الوزراء بضرورة التقيد بمبدأ سرية المداولات، حفاظاً على التضامن الوزاري الذي يشهد في كل فترة إنتكاسة ما ولكن من دون جدوى، فهل تنتهي ظاهرة "شهود العيان" من على طاولة مجلس الوزراء مع أن ذلك يعتبر من المستحيلات؟

0 التعليقات:

إرسال تعليق