الثلاثاء، 13 مارس 2012

التقرير الأسبوعي لمراكز الأبحاث الأميركية

تصدرت تغطية الأزمة السورية وأبعادها الإقليمية والدولية معظم اهتمامات مراكز الفكر والأبحاث الأميركية، لا سيما لناحية تنامي اعداد القوى الاميركية المطالبة بالتدخل العسكري هناك بقيادة أميركا، على غرار ما قام به حلف الناتو في تدمير ليبيا؛ والتصدي بقوة اكثر تشددا للدور الصيني والروسي في اعقاب قرار الفيتو المزدوج للحؤول دون تدخل عسكري غربي في سورية. كما نالت ايران حيزا هاما من التغطية لا سيما في ظل الجدل الاميركي الصاخب حول دعم قرار اسرائيل بتوجيه ضربة عسكرية لمنشآتها النووية، ومعارضة الاجهزة الاستخبارية الاميركية الخيار المشار اليه في الوقت الراهن، لصعوبة تحقيق مآربه من ناحية، وللخشية من انفلات زمام الامور وتطورها الى حرب اوسع تهدد المصالح الاميركية الاستراتيجية في المنطقة. وذهب البعض الى مناقشة الخيارات السياسية "لمرحلة ما بعد المرشد خامنئي" في ايران. كما ربطت القوى المشار اليها بين تسارع الاحداث في منطقة الخليج العربي ومستقبل مقر قيادة الاسطول الاميركي الخامس في البحرين مما قد يترتب عليه من عدم استقرار النظام الملكي هناك.
مصر ايضا نالها بعض الاهتمام من باب التلويح بقطع المساعدات السنوية المقررة على خلفية تقديمها للمحاكمة مواطنين اميركيين بتهمة انتهاك قوانينها الانتخابية. ايضا، دور الانتربول الدولي في القاء القبض على صحفي سعودي في ماليزيا وتسليمه لبلاده شكل احد محاور الاهتمامات من زاوية انتهاك حرية التعبير التي مارسها المتهم وما ينتظره من عقوبة قاسية في بلد لا تعترف بحق الانسان في التعبير عن آرائه.
         

حذر معهد بروكينغز Brookings Institution الولايات المتحدة من مغبة التدخل العسكري في سورية خشية "التداعيات غير المضمونة" نتيجة لذلك على مجمل المصالح الاميركية في المنطقة. ونبه الى مخاطر المغامرة بأن "سورية ليست ليبيا ... اذ ركزت السياسة الاميركية جهودها، في الغالب، على الاطاحة بالديكتاتور (الحاكم) دون الاخذ بعين الاعتبار تداعيات الفراغ السلطوي الناجم عنه."  كما حذر المعهد القوى المطالبة بالتدخل العسكري بان النتيجة ستصب "في صالح تشبث موسكو وطهران (بالرئيس) الاسد ... ويتعين عوضا عن ذلك بذل جهود افضل لانشاء معارضة اكثر تماسكا من شأنها الاطاحة بالاسد واستبدال نظامه بقوى حليفة للولايات المتحدة. انشاء قوى معارضة (للنظام السوري) قد يكون ذو اهمية اكبر لسورية ولمصالح الولايات المتحدة من مجرد الاهتمام الاحادي للاطاحة بالاسد ... الفشل في سورية سيعرض المصالح الامنية الاميركية لنكسة ويسدد ضربة للنظم الديموقراطية الوليدة في المنطقة."
         
بينما تناول معهد جيرمان مارشال فند German Marshall Fund ازداء النصح للادارة حول كيفية التعامل مع سورية، وهو المركز المعني اساسا بالعلاقات الثنائية بين اميركا ودول اوروبا الغربية بالدرجة الاولى. وقال "الطريقة الوحيدة لوقف انحدار سورية نحو الهاوية هي في انشاء تحالف عبر دول شطي الاطلسي للتأكيد على صيغة سياسية واخلاقية للزعامة. فخطة الجامعة العربية الاصلية – تخويل الاسد صلاحياته لنائب الرئيس -  قد حققت نجاحا في تخفيض سقف مطالب المعارضة الى ثمة اجراء صوري، لكنها اصطدمت بحائط معارضة منسقة بين روسيا والصين. ينبغي تشجيع الجامعة (العربية) على طرح مبادرة اكثر جرأة، وخطة تظهر مبدأية اكبر في نصوصها لتخدم الاهداف الاساسية."
وذهب معهد واشنطن Washington Institute بعيدا في تصوراته المعادية وتأجيج الصراع لصالح الكيان الصهيوني منوها الى ان "هناك عدد من الاساليب لايصال الدعم العسكري لجيش سورية الحر ان تعذر اعتماد التدخل العسكري ... (احداها) اقدام المجتمع الدولي على تعطيل شبكة الاتصالات العسكرية للنظام، مثل استهداف نظم المعلومات او قطع  وفصل خطوط الاتصالات. وتقديم التقنيات والاسلحة، مثل الالغام والعبوات الناسفة الاخرى، لتعطيل حركة المواصلات على الطرق. ومن اجل التصدي للمدرعات والعربات التابعة للنظام، باستطاعتها تزويد الاسلحة المضادة للمدرعات وقذائف المورتر."
         
وشاطره الرأي، وان بصيغة أكثر حصافة، أيضا مجلس العلاقات الخارجية Council on Foreign Relations مناشدا "المجتمع الدولي تعزيز الضغوط على الاسد ونظامه."

في الشأن الإيراني، أقدم معهد واشنطن Washington Institute على دراسة الخيارات التي قد يوفرها غياب المرشد الأعلى علي خامنئي عن الساحة، قائلا الصراع على خلافته "سيتيح فرصة نادرة لواشنطن كي تخفف من موقف النظام العدائي نحو أميركا، او، في حالة فشل ذلك، إرساء الضمان لعدم تعريض طموحات الحرس الثوري الدول الإقليمية للخطر."
         
في الشأن المصري، اعرب مجلس العلاقات الخارجية Council on Foreign Relations عن اعتقاده باستبعاد اقدام الولايات المتحدة على قطع المساعدات الاميركية بشكل تام، بل " سيعمد (الإدارة والكونغرس معا) الى اقتطاع جزء معين من المساعدة والافصاح عن نية استعادتها الى سابق عهدها عندما تتخذ مصر خطوات محددة ... لكن بالنظر الى المناخ السياسي الراهن في مصر، قد يكون له مفعول عكسي وتصعيد حدة التوتر بين الطرفين ... الاسلوب الامثل للابقاء على علاقة جيدة مع مصر هو التخفيف التدريجي لبرنامج المساعدات على المدى الابعد."
         
وحث معهد كارنيغي Carnegie Endowment الطرفين، الأميركي والمصري، على التراجع واتخاذ خطوات من شأنها "إيقاف تدهور العلاقات بينهما ... أن لم تستطع الولايات المتحدة إصلاح علاقاتها مع المؤسسة العسكرية (المصرية)، ستجد نفسها معزولة ولن يقف إلى جانبها سوى نفر قليل من المصريين...من السابق لأوانه إقدام واشنطن على إنهاء المساعدات العسكرية. لكن يتعين على الولايات المتحدة المطالبة بتسريع الإجراءات في (قضية المواطنين الأميركيين) المنظمات غير الحكومية قدر الإمكان ... كذلك على الطرفين الاقرار بأن مستقبل العلاقات الثنائية بينهما أهم بكثير من مستقبل المنظمات الأميركية غير الحكومية في مصر."

في الشأن السعودي، أعرب مركز السياسة الأمنية Center for Security Policy عن معارضته لتسليم الصحفي السعودي، حمزة كشغري، لبلاده متهما إدارة الرئيس اوباما بـ "التواطؤ مع السعودية واللوبي متعدد الجنسيات الذي ترعاه ومقره في جدة، منظمة التعاون الإسلامي،" ومعربا عن اعتقاده بأن الخطوة تمثل "تشريعا لقوانين الشريعة التكفيرية." وطالب الكونغرس التدخل لممارسة دوره التشريعي في إبطال مفعول "المرسوم الرئاسي 13524" الذي استخدم ذريعة لتقييد حرية الرأي.
في الشأن البحريني، وفي الذكرى السنوية الأولى للاحتجاجات الجماهيرية هناك، انضم معهد واشنطن Washington Institute إلى الأصوات الأميركية المطالبة بإعادة النظر في العلاقة الراهنة مع النظام الملكي البحريني، لا سيما ما ورد على لسان نائب قائد الأسطول الأميركي الخامس المرابط هناك، مارك فوكس، الذي أعرب عن شكوكه في جاهزية الولايات المتحدة للتعامل مع "اضطرابات شاملة في المنطقة." وأعرب المعهد عن اعتقاده بان لجوء النظام البحريني للخيار العسكري في التعامل مع المحتجين قد يعرض العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة للخطر، خاصة "ان تم استخدام الاسلحة اميركية الصنع" في قمع الاحتجاجات. كما ان "الجهود الجارية للجم النفوذ الايراني في المنطقة وعرقلة برنامجها النووي ستكون في وضع حرج خاصة اذا اقدم البحرينيون على التساؤل حول ضرورة تواجد الاسطول الخامس على اراضي بلادهم."

0 التعليقات:

إرسال تعليق