الاثنين، 12 مارس 2012

شكراً لافروف.. ذكّرتهم بقضية اسمها فلسطين

الكاتب : معن حمية 
قبل يومين حضر وزير خارجية روسيا الاتحادية سيرغي لافروف اجتماع المجلس الوزاري العربي في القاهرة، ونقلت وسائل الإعلام خطباً عربية، وكانت المفارقة أن فلسطين لم تحضر إلا في كلمة الوزير الروسي الضيف سيرغي لافروف!!
حضرت فلسطين في هذا الاجتماع العربي، بفضل الوزير الروسي، الذي أثر وبأسلوب مهذب أن يذكر المجتمعين أن فلسطين هي قضية العرب المركزية، وليس التحريض على سورية، واستطاع بدبلوماسيته الرزينة أن يخرج من الاجتماع بنقاط حرصت روسيا دائماً على طرحها، وذلك على الرغم من المضمون الهستيري للخطب التي تدعو إلى تدخل عسكري خارجي بهدف إسقاط الدولة السورية والتي تناوب على إلقائها رئيس وزراء قطر حمد بن جاسم ووزير خارجية السعودية سعود الفيصل وآخرين، من عربان النفط الخليجي الذين يعومون على أسطح آبار نفطهم، منتفخون بأموال النفط، لكن ليس بفضل مهاراتهم، بل لأن الأشكال الفارغة جراء تعفنها، لا بد أن «تفوش».
هناك شبه إجماع بأن الخروج من الاجتماع الوزاري العربي في القاهرة باتفاق على رفض التدخل الخارجي، يشكل صفعة للمطالبين به، لكن البعض لا يزال يبحث عن السبب الحقيقي الكامن وراء إذعان حمد بن جاسم لاتفاق رفض التدخل الخارجي، بعد أقل من ساعة على خطبته التي تدعو إلى حصول هذا التدخل؟!
حتى الآن ليس هناك رواية دقيقة لما حصل في الاجتماع العربي، والسبب الذي جعل الوزير القطري يتراجع، لكن ثمة من يفترض بأن الوزير القطري، سمع من الوزير الروسي كلاماً روسياً موجهاً للعرب، فحواه، أن سورية خط أحمر على الخارج، وأن سورية قادرة في الداخل على اجتثاث الإرهاب والقضاء على عصابات التخريب والإجرام وفرض الأمن والاستقرار، مهما كان حجم الدول التي تدعم الإرهاب والفوضى في سورية.
على أي حال، الافتراض الآنف الذكر، ليس مناقضاً لجوهر وسياق الموقف الروسي الذي لم يتغير ولم يتبدل تجاه ما يحصل في سورية، لكن ما يجب التوقف عنده، هو سقوط نظرية التدخل الخارجي في الاجتماعات العربية، وهذا ما كان يجدر بالفضائيات الممولة من خزائن القصور الأميرية والملكية في الدوحة والرياض، أن تناقش أسبابه وتتقصى خلفياته وإلى ماذا يؤشر؟
اللافت أن هذه الفضائيات الناطقة بالعربية والتي «تطبخ» موضوعاتها وعناوينها مع أجهزة المخابرات الأميركية والغربية و«الإسرائيلية»، وبدل أن تناقش سقوط النظرية العربية التي تدعو إلى التدخل الخارجي في سورية، ارتأت أن تضع لكلمة لافروف في الاجتماع العربي «مانشيت» بعنوان «توضيح الموقف الروسي بشأن سورية للعالم العربي»، وهو «مانشيت» مستنسخ، يستخدم عادة عشية كل انتخابات أميركية في سياق اللقاءات مع اللوبي الصهيوني، وذلك في محاولة من قبل هذه الفضائيات ترمي إلى إيهام الرأي العام العربي والعالمي، بأن كلمة لافروف في الاجتماع العربي تنطوي على تبرير لموقف روسيا حيال سورية!
لكن عندما يرى المراقبون أن روسيا خرجت من الاجتماع العربي بالنقاط التي تطرحها، وهي ليست معنية بـ«لوبي عربي» افتراضي تابع لمشيخة قطر ومملكة السعودية، وأن مسار الانتخابات الروسية مرتبط فقط بالشعب الروسي الذي انتخب منذ أسابيع فلاديمير بوتين رئيساً من الدورة الأولى، يكتشف هؤلاء المراقبون أن تعامل فضائيات التضليل والفبركة مع كلمة الوزير الروسي بأسلوب يناقض جوهرها، مثير للسخرية وهو جزء من المخطط الذي يستهدف إسقاط سورية ومحاصرة روسيا والدول التي تقف بوجه مشروع الهيمنة والاستباحة الأميركية للعالم.
عود على بدء، شكراً سيرغي لافروف، لأنك ذكّرت عربان النفط بأن هناك قضية اسمها فلسطين، في لحظة يتعرض فيها شعبنا في غزة وكل فلسطين لحرب إبادة «إسرائيلية»، مقابل صمت عربي اسمه الخيانة.

0 التعليقات:

إرسال تعليق