الثلاثاء، 27 مارس 2012

«الجمهورية» تكشف أهداف الخليّة الأصوليّة... ومكان طه!

ما زالت قضيّة تسليم توفيق طه «أبو محمد»، زعيم الشبكة الأصوليّة التي اعتقلتها مخابرات الجيش أخيراً، تتفاعل وترخي بظلالها على الوضع الأمني داخل مخيّم عين الحلوة، وتكاد تتسبّب بخلافات بين عدد من التنظيمات الفلسطينية التي يطالب بعضها بتسليمه للجيش، فيما تؤمّن جماعات أصوليّة أخرى حمايته، بناءً لتعليمات مسؤولين في تنظيم «القاعدة» في وزيرستان - باكستان.
في هذا الإطار كشف مصدر أمنيّ لـ"الجمهورية" أنّ طه، يُعتبر من أبرز ناشطي خلايا تنظيم "القاعدة" في لبنان، وهو على تواصل دائم وعبر الانترنت بمسؤول القاعدة أيمن الظواهري الذي يتلقّى منه التعليمات والتوجيهات. وكان طه وخلال العامين الماضيين على تنسيق دائم مع ناشط أصوليّ خطير في تنظيم "القاعدة" سعوديّ الجنسية يدعى ماجد محمد الماجد الذي كان مكلّفاً بتنظيم وتجنيد المجموعات الأصولية وإرسالها إلى عدد من الدول العربية والأوروبّية، وكان يتجوّل بجواز سفر مزوّر ويقيم في أماكن عدّة من بينها مكان سرّي قريب من مخيّم عين الحلوة.
وأكّد المصدر الامني أنّ الماجد وطه عملا منذ اشهر على تشكيل خلايا أصولية عدّة في لبنان، معظم افرادها كانوا من بقايا تنظيم "فتح الإسلام"، وكان الماجد عمد منذ مدّة الى توزيع أقراص مدمجة (CD)، تحوي تعليمات عن طرق تفخيخ السيارات والدرّاجات النارية، واستخدام الأحزمة الناسفة.
على صداقة مع العبسي
المصدر الأمني أشار إلى أنّ طه الذي انتمى سابقا إلى "الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين"، هو فلسطيني من مواليد 1962 حي الطوارئ في مخيّم عين الحلوة، وكانت صدرت في حقّه مذكّرات توقيف عدة لضلوعه في تفجير حافلتين تقلّان جنوداً في محلّتي التل والبحصاص في طرابلس عام 2008، وتنظيم اعتداءات ضدّ "اليونيفيل" جنوب لبنان، إضافة إلى مسؤوليته عن أحداث ضدّ مواقع وآليّات للجيش اللبناني، وكان طه على صداقة متينة مع زعيم تنظيم "فتح الإسلام" شاكر العبسي، وقد بدأ بالعمل في صفوف التنظيم منذ أحداث مخيّم نهر البارد عام 2007، وصار يتلقّى أوامره من أمير التنظيم في المخيّم عبد الرحمن محمد عوض (ابو محمد)، الذي قُتل على أيدي عناصر مخابرات الجيش في شتورة، في آب 2010 مع مساعده أبو بكر مبارك".
إعداد خلايا إرهابيّة
وكان طه باشر بإعداد خلايا أصوليّة في لبنان تضمّ عناصر من "فتح الإسلام" بالتنسيق مع الماجد، ومع مسؤول تنظيم "جند الشام" في مخيّم عين الحلوة الشيخ الفلسطيني أسامة أمين الشهابي، بهدف تنفيذ عمليات إرهابية متعدّدة، وقد اعتمد طه على التركيبة العنقودية بين الخلايا حتى لا يتمّ اكتشاف بقيّة الخلايا في حال تمّ اعتقال خليّة ما، كما أنّه تجنّب الاتّصالات الهاتفية، وكان يستخدم الانترنت في تواصله مع قيادات أصولية في الداخل والخارج.
أهداف الخلايا
وأظهرت التحقيقات الأمنية أنّ طه كان مسؤولاً عن خلايا عدّة قُبض عليها، وهي:
1 - خليّة إقليم الخروب التي كانت تخطّط وفق اعترافات أعضائها لتسميم خزّانات مياه في المنطقة، بمادّة من سمّ "السيانيد"، وتفجير عبوات، وتنفيذ اغتيالات وإطلاق صواريخ باتّجاه قصر المختارة وافتعال تفجيرات في بلدة الجاهلية بقصد إشعال فتنة درزية - درزية، ما يدلّ فعلاً على دور بعض الجهات الأمنية الخارجية في تحريك الخلايا الأصولية.
2 - خليّة الصرفند، وهي نفّذت في السابق عمليّات إطلاق صواريخ باتّجاه المستوطنات الإسرائيلية لجرّ إسرائيل إلى حرب مع لبنان، فيما قامت عناصر من هذه الخليّة بعمليّات رصد مستمرّة ودوريّة لتحرّكات قوّات "اليونيفيل" في الجنوب بهدف استهداف بعض دوريّاتها.
3 - خليّة "لالا" في البقاع الغربي، والتي كانت تخطّط لنسف محوّل للكهرباء في بلدة جب جنين واحتجاز رهائن بقصد مبادلتهم بسجناء من تنظيم "فتح الإسلام"، ومن الأصوليّين المعتقلين في سجن روميه.
وأكّد المصدر الأمني، أنّ طه، كان على تواصل مع خلايا أصولية مماثلة خارج لبنان، وكان يرسل مندوبين عنه للقاء بعضها ومنهم أكرم.ي، وعماد.ي...
كيف اعتُقلت الخلية السلفية؟
وكشف المصدر الأمني أنّ اعتقال الخليّة السلفية، كان عبر اعتقال مديرية المخابرات في الجيش لشخص لبنانيّ من حوش الحريمة في البقاع الغربي من آل (ف)، بعد توافر معلومات عن نشاط له مع تنظيم "القاعدة"، وعن تنقّلاته ما بين لبنان وأفغانستان وباكستان، وخلال التحقيق معه، اعترف بتفاصيل عن الخليّة السلفية - الأصولية التي تضمّ سبعة أشخاص، ستّة منهم من اللبنانيّين برئاسة فلسطيني يدعى توفيق طه"ابو محمد"، وتبيّن أنّ من بين الخليّة تلميذ ضابط في المدرسة الحربية يُدعى صهيب القص، وجندي يدعى عبد القادر نعمان، يعمل في قاعدة حامات في فوج مغاوير البحر. لذا جرى إعداد خطّة للقبض على عناصر الخليّة في وقت واحد، حتى لا يلوذ أحد أفرادها بالفرار، وجرى استدراج التلميذ الضابط صهيب القص، الذي كان في منزله يوم الأحد، بعد إيهامه بضرورة الالتحاق بالمدرسة الحربية لتوقيع أوراق رسمية، وأنّ قائد المدرسة الحربية بانتظاره لهذا السبب، وكذلك جرى الأمر مع الجندي نعمان.
الانتقام لشهداء "فتح الإسلام"
وتابع المصدر: "خلال التحقيق مع القص، اعترف ومن دون أيّ ضغط أو عنف، أنّه التحق بالجيش للعمل على تخريبه، لأنّه لا يؤمن "بهذا النظام الجائر، وبهذا الجيش الكافر"! واعترف أنّه كان ينوي إدخال متفجّرات إلى داخل المدرسة الحربية من المدخل الغربي عند الثامنة مساء خلال التحاقه، لأنّه في هذا الوقت تكون عناصر الحراسة من زملائه تلاميذ الضبّاط الذين يتعاملون مع بعضهم بأخوّة حتّى وهم يفتّشون أغراض بعضهم بعض، وفي اعتقاده أنّه يستطيع إيهامهم أنّ في حقائبه مأكولات وأطعمة. بعدها كان مكلّفاً بزرع عبوات ناسفة قرب مبنى الشرتوني داخل الحربيّة، حيث قاعات المنامة لطلاب التلامذة الضبّاط، ومخازن سلاح، وقرب الساحة التي يجري فيها الاجتماع الصباحي بين الضبّاط وتلاميذ المدرسة. في حين كانت خليّة أخرى مكلّفة، وفي الوقت نفسه، بتفجير مبنى كلّية القيادة والأركان قرب مستشفى السان شارل، بالتزامن مع تفجير قاعدة حامات الجوّية التي يتولّى زرع المتفجّرات فيها الجندي عبد القادر نعمان.
وأكّد المصدر أنّ المخطّط كان يقضي بحصول التفجيرات في اليوم نفسه والوقت نفسه، في الأهداف المخطّط تفجيرها كافّة، لأنّه في حال جرى التفجير في موقع عسكريّ، سيُصار فوراً إلى الاستنفار العسكري في مواقع أخرى، وسيتمّ اكتشاف المتفجّرات، ويفشل المخطّط. ومن المخطّطات الأخرى التي كانت تعمل لها خلايا أصولية أخرى، استهداف ثكنة محمد زغيب في صيدا، أو قيادة إحدى كتائب الجيش قرب مخيّم عين الحلوة.
وأشار إلى أنّ الهدف من هذه التفجيرات، كان عنوانه "الانتقام لشهداء فتح الإسلام"، والنيل من هيبة المؤسّسة العسكرية، والعبث بالأمن الداخلي، في إطار مخطّط كبير جرى رسم مفاصله في الخارج، ولا هدف منه إلّا التخريب.
أين توفيق طه؟
المعلومات التي حصلت عليها "الجمهورية" من مصادر أمنيّة، أظهرت أنّ طه، ما زال في مخيّم عين الحلوة، ويسكن في الطابق الثاني من مبنى رجال الأربعين الرقم 3، في حيّ الطوارئ قرب مدرسة روضة البهاء، مقابل حاجز لعناصر تنظيم عصبة الأنصار، وأنّ مسؤولاً أصوليّاً فلسطينيّاً معروفاً بلقب "أبو أحمد مبارك" هو المكلّف بحماية طه، مع عدد من عناصر تنظيم "جند الشام" من بينهم هيثم الشعبي ومحمد الشعبي.
هل يُسلّم طه للدولة؟
وعلى رغم الاتّصالات المستمرّة بين قيادة الجيش، والتنظيمات الفلسطينية لتسليم طه للسلطات اللبنانية لمحاكمته، فإنّ الأوساط تستبعد تسليمه في ظلّ غياب مرجعيّة أمنية فلسطينية موحّدة، ووسط الخلافات القائمة بين التنظيمات حول هذا الموضوع، لذا فإنّ الأوساط تتوقّع احتمالات عدّة في هذا السياق ومنها:
إمّا أن تتمّ عملية تسليم طه، كبادرة حسن نيّة من فاعليّات مخيّم عين الحلوة تجاه الدولة اللبنانية، وحتى لا تتكرّر مثل هذه الظاهرة، وتجنيب المخيّم صراعات ومشاكل، تماماً كما حصل مع اللبناني بديع حمادة الذي قتل ثلاثة عناصر من مخابرات الجيش، وفرّ الى داخل مخيّم عين الحلوة في حزيران 2002، لتقوم بعدها فاعليّات وتنظيمات المخيّم بتسليمه للسلطات اللبنانيّة، في تمّوز 2002، وإعدامه بعد محاكمته.
وإمّا أن تصبح قضيّة طه كقضية عبد الرحمن عوض، الذي قُتل على أيدي عناصر من مخابرات الجيش في شتورة في آب 2010، بعد خروجه من المخيّم. وإلّا فإنّ طه سيصبح "أبو محجن" آخر، في إشارة إلى أمير تنظيم "عصبة الأنصار" أحمد عبد الكريم السعدي "ابو محجن"، المتّهم باغتيال مسؤول جمعيّة "الأحباش" في لبنان، الشيخ نزار الحلبي في آب 1995، والذي توارى، وهو في بلاد الله الواسعة كما يقول أنصاره!
السلاح الفلسطيني!
يبقى التأكيد أنّ قضيّة المطالبة بتسليم طه، فتحت الباب على مصراعيه للعودة للبحث في موضوع السلاح الفلسطيني والجماعات الفلسطينية الأصولية المسلّحة، التي لا تنضوي في نطاق منظمة التحرير الفلسطينية، وفي العودة للبحث جدّياً في موضوع الشرطة الأمنية الفلسطينية الموحّدة، وتفعيل نشاط الأجهزة الأمنية اللبنانية الرسمية في المخيّمات، بالتنسيق مع المرجعيّات الأمنية الفلسطينيّة، لضمان أمن الشعب الفلسطيني في هذه المخيّمات التي تحتاج في نفس الوقت للخدمات والرعاية الصحّية والاجتماعية. 

0 التعليقات:

إرسال تعليق