الأربعاء، 14 مارس 2012

مرجع للسفير:اكتشاف الشبكة التكفيرية أحبط مخططا كان يمكن ان يؤدي لكارثة

لفت مرجع عسكري لبناني الى اننا "استشعرنا الخطر منذ البداية خاصة أن الحدود مع سوريا عبارة عن خاصرة رخوة وتعتريها ثغرات مزمنة لعمليات تهريب اعتادت عليها تلك المنطقة، والمنحى الذي سلكته الاحداث في سوريا سلـّط الانظار على تلك الثغرات خاصة بعدما نفذت منها بعض التحركات على جانبي الحدود، وأيضا بعدما بدأت بعض الاصوات اللبنانية مطالبة بضرورة ضبط الحدود والحؤول دون تسرّب شرارة الاحداث السورية عبر تلك الحدود، الى لبنان غير القادر على تحمل تبعاتها".
وأشار المرجع في حديث لـ"السفير" الى ان "قرار الجيش كان الامساك بالحدود مهما كلف الامر"، علما ان "ذلك ليس بالامر السهل، بل هو يتطلب امكانات كبرى، عدة وعديدا، وهذا ما تبدى لنا من الجانب السوري حيث ينشر الجيش السوري ما يزيد عن ستة آلاف جندي في مهمة ضبط الحدود من الجهة السورية "، لافتا الى ان "الجيش اللبناني انتقل سريعا الى التطبيق العملاني لقراره وبالإمكانات المتوافرة لديه، واستطاع ان يمسك بمفاصل اساسية ويضبط متسللين ويحبط عمليات تهريب للسلاح ويوقف المهربين، على ان هذه المرحلة العملانية اكدت ان تشديد القبضة على الحدود، او بالاحرى، على المساحة الاوسع من تلك الحدود، يتطلب مزيدا من الوحدات العسكرية، وهذا ما قررته القيادة العسكرية على الفور"، مضيفا "ولكن حدث ما لم يكن متوقعا، حيث فوجئنا، بتعرض الجيش لمحاولات تهدف الى عرقلة مهمته، بحيث تم افتعال الاحداث الاخيرة في التبانة وجبل محسن، وكان الهدف واضحا منها لجهة إشغال الجيش وصرف اهتمامه عن الحدود، لكننا فهمنا الرسالة وقررنا الرد برسالة حازمة الى الجميع عبرت عنها قيادة الجيش بإبلاغ من يعنيهم الأمر باننا لن نقبل باستنزاف الجيش وإغراقه في الزواريب الداخلية"، لافتا الى اننا "بدأنا تطبيق التدابير على الارض وضرب كل من يتعرض للجيش من دون هوادة، فخافوا وارتدعوا، لكن انا على يقين ان هناك من ما يزال يخطط لإشغال الجيش داخليا، فكما حاولوا اشغاله في طرابلس، عندما وجدوا انه يتشدد على الحدود، فمن غير المستبعد ان يبادر المتضررون لاشغاله من جديد كلما تشدد في إجراءاته على تلك الحدود التي نستطيع القول اننا ضبطناها بنسبة عالية".
وحول الوضع بسوريا اعرب عن اعتقاده أن "ليس هناك ما يؤشر الى حلول قريبة للازمة في سوريا، وكلما طال أمدها أصبحت اكثر صعوبة وتعقيدا، خاصة أننا لم نعد نشهد صراعا سوريًا ـ سوريًا، بل اصبح هناك صراع دول، فمن جهة، الاميركيون والاوروبيون والعرب، ومن جهة ثانية، الروس ومن خلفهم ايران والصين، والربح الداخلي او الخسارة مقابله سيعني حكما أن هناك رابحا وخاسرا في الخارج. وهذا يعني أننا أمام معركة "كسر عظم"، الا ان الاطراف الخارجية قد لا تحتمل معركة من هذا النوع، وبالتالي فإن الارجحية تبقى للتسوية".
بناء على ذلك، تمنى المرجع العسكري "لو ان اللبنانيين يتعلمون من التجارب، فهل يستطيع اي فريق لبناني ان يقول انا مرتاح، وهل يستطيع اي فريق لبناني ان يتحكم بالمعادلة في سوريا أو أن يغيرها لمصلحة النظام او لمصلحة المعارضة، وهل يستطيع البعض ان يشرح لنا لماذا لا يتواضع قليلا وينظر الى الامور بواقعية ومن زاوية عدم قدرته على توجيه الدفة في سوريا ولو بنسبة صفر فاصلة صفر في المئة، وهل يستطيع البعض ان يقول لماذا لا يقر بأنه لا يملك القدرة على التأثير داخل سوريا سواء في تعجيل سقوط النظام أو عكسه، وهل يستطيع البعض ان يقول لماذا يصر على زيادة رصيده التصعيدي في بنك العلاقة اللبنانية السورية؟".
لا ينفي المرجع العسكري "حصول تسلل لاشخاص وعمليات تهريب للسلاح في اتجاه سوريا، الا ان هذا التهريب ليس من النوع القادر على تغيير انظمة او معادلات، فالحدود ممسوكة اجمالا، في البر كما في البحر، فماذا تفعل قذيفة "آر بي جي"، وماذا يفعل الرشاش، وبكل الأحوال، نحن نشهد أعمال تهريب ذات طابع تجاري يشارك فيها الجميع بلا استثناء، وقليلون هم الذي هربوا السلاح لاسباب عقائدية وسياسية"، مضيفا "أدى ذلك الى مضاربات في سوق السلاح، وعلى سبيل المثال لا الحصر، بندقية الـ"إم 16" ارتفع سعرها الى ما بين 2000 الى 3000 دولار، ورشاش "الكلاشينكوف" ما بين 1000 الى 1500 دولار، وقذيفة الـ"آر بي جي" كان ثمنها دون الـ100 دولار، وصارت 800 دولار، وبندقية الـ"ام 4" ارتفعت الى 8000 دولار، و"الزخاروف" صار ما بين 4000 الى 6000 دولار، حتى ان سلاحا فاسدا قد تم تهريبه الى سوريا على طريقة بعض اللبنانيين".
وأكد المرجع العسكري ان "الوضع على الحدود في هذه المرحلة افضل بكثير مما كان عليه من قبل، والتهريب تراجع بشكل واضح، الا ان المشكلة ليست لدى الجيش، بل في بعض الاصوات التي يناقض بعضها بعضا، فكثيرا ما حاولنا ان نلفت انتباه بعض الفرقاء الى ضرورة وقف عمليات التهريب التي يجريها محسوبون عليهم، فيأتي الجواب "فليضبط الجيش الحدود"، ولكن عندما يقوم الجيش بواجبه ويوقف احدا ما يأتي من ينتقدنا، وكأن الجيش تخطى الحرمات وضرب المحرمات "ماذا فعلت يا جيش ومن ثم يطلب الافراج عنه، وأما الجيش فمن يوقفه يرسله الى القضاء فورا".
وشدد من جهة ثانية، على "أهمية الإنجاز المتمثل بكشف "الشبكة التكفيرية" داخل المؤسسة العسكرية"، لافتا الى ان "هذا الإنجاز أحبط مخططا كان يمكن ان يؤدي الى كارثة"، هذه المسألة فرضت اتخاذ تدابير وإجراءات في المؤسسة العسكرية، وقد انتهى التقييم الداخلي الى استنتاج ان الخطورة الكبرى تتبدى في حجم إصرار تلك الفئات على استهداف مؤسسة الجيش وضربها من الداخل والأمر الثاني هو ان الخطورة لا تكمن فقط في الخلفية العقائدية لافراد الشبكة التكفيرية، بل في البيئة الحاضنة لهؤلاء، والتي توجد التربة الخصبة لاستنبات مثل هذه المجموعات وتغذيتها وغسل أدمغتها لتصبح اشبه بعبوات بشرية قابلة للتفجير عندما تدعو الحاجة، ولعل من ركائز تلك البيئة الحاضنة هي التصريحات الاخيرة التي تجرأت على مؤسسة الجيش ونظرت اليها كمؤسسة منحازة وشككت بدورها الوطني الذي تؤديه، وبالتالي ساهم أصحاب تلك الصريحات عن قصد او عن غير قصد، في انتاج هذه البيئة الخصبة التي يغرف منها التكفيريون الآن ويستفيدون من هذا الغرف لاستهداف المؤسسة العسكرية، وبالتالي يصبح هؤلاء شركاء بالجرم بشكل غير مباشر".

0 التعليقات:

إرسال تعليق