الأحد، 11 مارس 2012

هل يقيم وليد جنبلاط في الخارج كما الحريري؟

لا احد يوازي رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط في الترحال من عاصمة الى اخرى اثر اندلاعة «الثورة السورية» وفق توصيفه للحراك السوري فباريس باتت اقرب اليه من المختارة واذا ما غادرها فالى اسطنبول ومنها الى روسيا فهو يقضي وقته في السماء اكثر مما يتموضع على الارض وعلى الرغم من تنقلاته المستمرة تبقى ملائكته طاغية على الساحة السياسية فغيابه يخلق الضجيج وكذلك حضوره ويبقى بيت القصيد ان جنبلاط يحاول جاهداً استشراف افق ومستقبل المنطقة وحجم الفواتير المترتبة على الساحة المحلية وعلى طائفته الدرزية لا سيما انه نسف الجسور مع دمشق في عهد الرئيس بشار الاسد وانقلب على تاريخه الطويل ليهاجم الرئيس الراحل حافظ الاسد لقد قطع «حبل السرة» بينه وبين كل ما يتعلق بماضيه في الخندق السوري.
الا ان المفاجىء في المرحلة الراهنة سفر جنبلاط الى باريس وانتقاله الى عاصمة الضباب لندن يرافقه النائب مروان حماده ليلتقي وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ يوم الاثنين الفائت دون ان يرشح شيء عن اللقاء الذي احيطت تفاصيله بسرية بالغة وعاد حماده الى بيروت بينما بقي «ابو تيمور» في الخارج دون ان يعرف المراقبون هل بقي في العاصمة البريطانية ام انتقل الى عاصمة اوروبية اخرى حيث افرز المحللون المتابعون مساحة واسعة من الاسئلة حول زيارة جنبلاط الى الخارج وعما اذا كانت ستنتهي باقامته في «النورماندي» وفق ما اعلن ذات يوم في عز خصامه مع دمشق وهل ان بقاءه في الخارج جاء اثر نصيحة مشابهة للتي دفعت بالرئيس سعد الحريري الى الاقامة في المنفى الاختياري لاسباب امنية لا سيما وان سفر جنبلاط الى الخارج جاء عشية سقوط حي بابا عمرو في حمص الذي سبق وان اعتبر جنبلاط سقوطه سقوط سوريا في المجهول.
ولعل اللافت ان سفر جنبلاط واكبته حملة اعلامية شرسة بلغت ذروتها في تظاهرة حزب «البعث» الذي رفع بعض المشاركين فيها صورة لجنبلاط شبيها بوزير الدفاع الاسرئيلي موشي دايان وقد غطت عينه اليسرى ضمادة سوداء وهي ان دلت على شيء فعلى مدى العداء الذي بات واقعاً بين سوريا وحلفائها وجنبلاط الى حد ان بعض المتظاهرين البعثيين داسوا صورة زعيم المختارة قبل ان يشعلوا فيها النيران.
وفي الوقت الذي حاول فيه الرئيس نبيه بري كسر حدة العدائية التي تكنها بعض اطراف الموالاة لجنبلاط من خلال تأكيده على ان جنبلاط «لا يزال معنا» ولا احد يستطيع ان يدخل بينه وبين ابو مصطفى في وقت اعتبرت فيه بعض الاوساط ان كلام بري جاء رداً على موقف العماد ميشال عون الذي اعلنه من على منبر الرابية «ان جنبلاط لم يكن يوماً في الاكثرية».
وبالعودة الى جولة جنبلاط الخارجية يتساءل المراقبون لماذا زار جنبلاط العاصمة البريطانية والتقى وزير خارجيتها، علماً ان زيارة لندن من المحطات النادرة في جولات رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي الخارجية. فبعض الاوساط التي تقرأ التاريخ بتمعن، وجدت ان زيارته للعاصمة البريطانية جاءت رداً على خلافه مع روسيا في الزيارة التي التقى فيها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وحاول فيها تغيير الموقف الروسي الداعم للنظام السوري وتحويله الى داعم للمعارضة السورية ولكنه خرج من الاجتماع غاضباً متمنياً على الخارجية الروسية لو وقفت الى «جانب الحق» وفق تصريحه آنذاك وربما الخيبة الجنبلاطية من الروس وما تعنيه من فقدانه لضمانات امنية دولية غالباً ما امنتها له موسكو اراد جنبلاط ان يعوض عنها بمسح الغبار عن العلاقات البريطانية – الدرزية خصوصاً ان الانجليز تدخلوا عام 1860 لحماية الدروز يوم تدخلت فرنسا لحماية الموارنة وموسكو لحماية الروم الارثوذكس، فهل يعيد التاريخ نفسه على صعيد العلاقات بين المختارة ولندن وهل تكون عاصمة الضباب بديلاً لموسكو وعلى الرغم من تناقض موقفي العاصمتين البريطانية والروسية حيال الاحداث في سوريا، الا ان الضباب والصقيع قاسمهما الطبيعي المشترك ولا يضير جنبلاط الانتقال طالما المناخ الطبيعي هو نفسه في البلدين اللذين يندرجان في اجندة الدول العظمى.

0 التعليقات:

إرسال تعليق