النائب السابق حسن يعقوب - "الثبات"
عملت معظم دوائر القرار في العالم لحظة توقف الاعمال القتالية في 14 آب
2006 على إزالة الواقع الحارثي الذي أسقط الأسطورة التي لا تُقهر، والذي
يؤدي طبيعياً إلى زوال منطق أرض الميعاد وشعب الله المختار.
خلصت بشكل سريع كل الاستنتاجات على نقطتين مركزيين: الجبهة الداخلية والمقاومة.
1- الجبهة الداخلية: تركزت كل الطاقات على مراجعة كل تفاصيل الحرب، وتشخيص الخلل العسكري والأمني والاجتماعي والسياسي والاقتصادي والنفسي، وأعلنوا بعد مدة قصيرة ما سُمي بتقرير "فينوغراد"، وطبعاً، من السذاجة اعتبار أن ما أُعلن هو كل تلك المراجعات والدراسات، لكن يمكن استخلاص فكرة مبدئية على منهجية التفكير والنقد، ولأن مقالتي لا تعالج هذا الجانب، أكتفي بهذا الاختصار.
2- المقاومة: لا بد لـ"إسرائيل" المذهولة والمصعوقة من هذه النتيجة التي أسفرت عنها الحرب، والتي لم تكن في حساب العدو أو الصديق أن تستنفر كل الإمكانات المتراكمة عبر تاريخ الحركة الصهيونية وتوابعها، واستخدام كل نقاط القوة التي تمتلكها في العالم لدرء الخطر الذي لامس وجودها لأول مرة منذ تأسيسها، فحركت كل الأوراق بادئ ذي بدء عملت على إعاقة عودة المهجرين من خلال ملايين القنابل العنقودية والألغام، والأهم من ذلك كان عرقلة الإعمار، وهذا مع الأسف ما قامت بإدارته (من غير قصد طبعاً حكومة السنيورة!)، والذي تم الالتفاف عليه بسرعة وبذكاء حاد من خلال مبادرة الإيواء ودفع جزء من ثمن الأثاث والبدء بالبناء، وكان دعم إيران وموقف السيد نصر الله استكمالاً للانتصار وفشلاً مضافاً للحرب.
بالتوازي كان العمل حثيثاً على خلخلة الوحدة الداخلية اللبنانية، والتركيز على سلاح الفتنة السنية - الشيعية، وأطلقت شرارة الأبواق الإعلامية مع ثابتتين: قلب الانتصار إلى هزيمة، من خلال البكاء على الأطلال، وتكبير حجم الخسائر الاقتصادية والمادية، والتخويف من السلاح وتوصيفه من جانب مذهبي الاستقواء على بقية الطوائف والمذاهب الأخرى، وكانت إشارة الانطلاق "لمن سيهدى النصر".
وكل اللبنانيين يتذكرون سياسة الاستفزاز من خلال الاستئثار التي مارسها فريق 14 آذار وإقامة صلاة الجمعة في السراي الحكومي، وقتل أحمد المحمود.. وصولاً إلى القرارين الشهيرين في الخامس من أيار، واللذين أُعلنا في الثالث من أيار في المختارة، وكانت هذه هي المقدمة المباشرة لمشروع الفتنة السنية - الشيعية التي تظهر جلياً في هذه الأيام، والتي يواكبها منظومة عمل ضخمة في كل العالم العربي والإسلامي، وصولاً إلى إعلان الإمارة السلفية في الشمال اللبناني، بعدما لم تكتمل في نهر البارد في 2007 و2008.
وهنا لا بد من الإشارة إلى تفعيل الوجود السلفي تحت مسميات عديدة، وتغطيتها إعلامياً ومالياً، وتبنيها الخطاب المتطرف، ورفعها راية "الربيع العربي"، خصوصاً التوظيف في أحداث سورية، وتطوير هذه الظواهر إلى أحزاب وجمعيات وأئمة مساجد، وصولاً إلى شد العصب المذهبي إلى أقصى درجة، عندها ينجر المذهب بقده وقديده إلى خانة التطرف، وتذوب كل القوى المعتدلة والليبرالية في هذا الأتون.
إضافة إلى ما تقدم، وهو الأخطر على الإطلاق، تصدير "الجهاديين" إلى لبنان من كل الجوار والعالم، واستعمال المخيمات الفلسطينية بيئة حاضنة وتنظيمهم وتاطيرهم للاستخدام المنشود في اللحظة السياسية المناسبة، وصولاً إلى اعتماد لبنان أرض جهاد كجزء أساسي من بلاد الشام، وبذلك يتحقق المخطط الذي ينشئ معادلة سلاح الداخل مقابل سلاح المقاومة، ومذهب مقابل مذهب، وسورية الداعم الأساس للمقاومة مقابل "إسرائيل" المهزومة على يد المقاومة، والمرعوبة من الحرب المقبلة.. وبذلك تتحكم القبضة على عباءة سيد المقاومة المتوجه بصدره وعمامته إلى القدس، وتسحبه إلى الطريق الجديدة، وإلى الشمال وعرسال.
وأختم باختصار شديد يحتاج إلى شرح مفصل في حديث آخر إن شاء الله: إن منطق الفوضى الخلاقة المعدل بعد فشل مشروع المحافظين الجدد يهدف بشكل أساسي إلى إفشال إمكانية استفادة محور المقاومة والممانعة من الفشل الأميركي، وإدخال كل القوى في المنطقة في دوامة الصراع والاحتراب، وإبقاء "إسرائيل" بمنأى عن هذه النيران المتلاطمة.
ملاحظة: كُتبت هذه المقالة قبل تصريحات النائبين المرعبي والضاهر، وقبل اشتباكات طرابلس الأخيرة وإقفال حدودي العريضة والعبودية.
خلصت بشكل سريع كل الاستنتاجات على نقطتين مركزيين: الجبهة الداخلية والمقاومة.
1- الجبهة الداخلية: تركزت كل الطاقات على مراجعة كل تفاصيل الحرب، وتشخيص الخلل العسكري والأمني والاجتماعي والسياسي والاقتصادي والنفسي، وأعلنوا بعد مدة قصيرة ما سُمي بتقرير "فينوغراد"، وطبعاً، من السذاجة اعتبار أن ما أُعلن هو كل تلك المراجعات والدراسات، لكن يمكن استخلاص فكرة مبدئية على منهجية التفكير والنقد، ولأن مقالتي لا تعالج هذا الجانب، أكتفي بهذا الاختصار.
2- المقاومة: لا بد لـ"إسرائيل" المذهولة والمصعوقة من هذه النتيجة التي أسفرت عنها الحرب، والتي لم تكن في حساب العدو أو الصديق أن تستنفر كل الإمكانات المتراكمة عبر تاريخ الحركة الصهيونية وتوابعها، واستخدام كل نقاط القوة التي تمتلكها في العالم لدرء الخطر الذي لامس وجودها لأول مرة منذ تأسيسها، فحركت كل الأوراق بادئ ذي بدء عملت على إعاقة عودة المهجرين من خلال ملايين القنابل العنقودية والألغام، والأهم من ذلك كان عرقلة الإعمار، وهذا مع الأسف ما قامت بإدارته (من غير قصد طبعاً حكومة السنيورة!)، والذي تم الالتفاف عليه بسرعة وبذكاء حاد من خلال مبادرة الإيواء ودفع جزء من ثمن الأثاث والبدء بالبناء، وكان دعم إيران وموقف السيد نصر الله استكمالاً للانتصار وفشلاً مضافاً للحرب.
بالتوازي كان العمل حثيثاً على خلخلة الوحدة الداخلية اللبنانية، والتركيز على سلاح الفتنة السنية - الشيعية، وأطلقت شرارة الأبواق الإعلامية مع ثابتتين: قلب الانتصار إلى هزيمة، من خلال البكاء على الأطلال، وتكبير حجم الخسائر الاقتصادية والمادية، والتخويف من السلاح وتوصيفه من جانب مذهبي الاستقواء على بقية الطوائف والمذاهب الأخرى، وكانت إشارة الانطلاق "لمن سيهدى النصر".
وكل اللبنانيين يتذكرون سياسة الاستفزاز من خلال الاستئثار التي مارسها فريق 14 آذار وإقامة صلاة الجمعة في السراي الحكومي، وقتل أحمد المحمود.. وصولاً إلى القرارين الشهيرين في الخامس من أيار، واللذين أُعلنا في الثالث من أيار في المختارة، وكانت هذه هي المقدمة المباشرة لمشروع الفتنة السنية - الشيعية التي تظهر جلياً في هذه الأيام، والتي يواكبها منظومة عمل ضخمة في كل العالم العربي والإسلامي، وصولاً إلى إعلان الإمارة السلفية في الشمال اللبناني، بعدما لم تكتمل في نهر البارد في 2007 و2008.
وهنا لا بد من الإشارة إلى تفعيل الوجود السلفي تحت مسميات عديدة، وتغطيتها إعلامياً ومالياً، وتبنيها الخطاب المتطرف، ورفعها راية "الربيع العربي"، خصوصاً التوظيف في أحداث سورية، وتطوير هذه الظواهر إلى أحزاب وجمعيات وأئمة مساجد، وصولاً إلى شد العصب المذهبي إلى أقصى درجة، عندها ينجر المذهب بقده وقديده إلى خانة التطرف، وتذوب كل القوى المعتدلة والليبرالية في هذا الأتون.
إضافة إلى ما تقدم، وهو الأخطر على الإطلاق، تصدير "الجهاديين" إلى لبنان من كل الجوار والعالم، واستعمال المخيمات الفلسطينية بيئة حاضنة وتنظيمهم وتاطيرهم للاستخدام المنشود في اللحظة السياسية المناسبة، وصولاً إلى اعتماد لبنان أرض جهاد كجزء أساسي من بلاد الشام، وبذلك يتحقق المخطط الذي ينشئ معادلة سلاح الداخل مقابل سلاح المقاومة، ومذهب مقابل مذهب، وسورية الداعم الأساس للمقاومة مقابل "إسرائيل" المهزومة على يد المقاومة، والمرعوبة من الحرب المقبلة.. وبذلك تتحكم القبضة على عباءة سيد المقاومة المتوجه بصدره وعمامته إلى القدس، وتسحبه إلى الطريق الجديدة، وإلى الشمال وعرسال.
وأختم باختصار شديد يحتاج إلى شرح مفصل في حديث آخر إن شاء الله: إن منطق الفوضى الخلاقة المعدل بعد فشل مشروع المحافظين الجدد يهدف بشكل أساسي إلى إفشال إمكانية استفادة محور المقاومة والممانعة من الفشل الأميركي، وإدخال كل القوى في المنطقة في دوامة الصراع والاحتراب، وإبقاء "إسرائيل" بمنأى عن هذه النيران المتلاطمة.
ملاحظة: كُتبت هذه المقالة قبل تصريحات النائبين المرعبي والضاهر، وقبل اشتباكات طرابلس الأخيرة وإقفال حدودي العريضة والعبودية.





0 التعليقات:
إرسال تعليق