الاثنين، 13 أغسطس 2012

بري : جلسة لمجلس الوزراء بلا مكان وزمان!

من الغرائب اللبنانية: جلسة لمجلس الوزراء بلا مكان وزمان!

 عماد مرمل - "السفير"
مع اقتراب موعد جلسة الحوار الوطني في 16 آب الحالي، يبدو البلد مثقلا بالملفات الأمنية والسياسية المفتوحة، والتي كان اشدها دوياً في الايام الاخيرة ملف توقيف الوزير والنائب الأسبق ميشال سماحة، بما ينطوي عليه من دلالات وتداعيات مرشحة للتفاعل في الأيام المقبلة.
كما كان لافتاً للانتباه، على مسافة قصيرة من الجلسة المفترضة لمواصلة النقاش حول الاستراتيجية الدفاعية، ان النائب وليد جنبلاط، يبتعد أكثر فأكثر عن «حزب الله» وسلاحه، بحيث يبدو انه لم يعد يربطه به سوى «خيط» الحكومة التي ما تزال تجمعهما «نظرياً» حول طاولة واحدة، بينما يكاد كل شيء آخر يفرقهما، بدءاً من الأزمة السورية مروراً بالتفاصيل الداخلية وانتهاءً بالمقاومة التي بات جنبلاط ينتقد سلوكها بوضوح أكبر من ذي قبل، وصولاً الى «انتفاضته» على «معادلة الجيش والشعب والمقاومة»، في موازاة تحذيره من انعكاسات فوز 8 آذار في الانتخابات النيابية على الوسطية والتنوع.
وإزاء هذه الهوة الآخذة في الاتساع بين جنبلاط وشركائه في الأكثرية، يُطرح تساؤل مشروع عن مصير الحكومة في المدى المنظور، وعما إذا كانت بنيتها الهشة أصلاً ستتحمل ثقل الافتراق الحاد في الخيارات الاستراتيجية بين مكوناتها. والتحدي ذاته ينسحب ايضاً على طاولة الحوار الوطني التي تتقاذفها الرياح المحلية والإقليمية، حتى باتت كل جلسة من جلساتها تحتاج الى جهد استثنائي.. غير مضمون.
وإذا كان البعض يفترض ان الأوضاع المترنحة في لبنان تجعل الحوار ملحاً أكثر من أي وقت مضى، إلا أن البعض الآخر وتحديداً في 14 آذار لا يملك أي شهية لتناول المزيد من وجباته، علماً أن القرار النهائي لهذا الفريق من المشاركة او عدمها في الجلسة المقبلة ستتبلور معالمه بعد اللقاء المرتقب اليوم بين رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس فؤاد السنيورة.
وإلى حين حسم المعارضة خيارها، يعتبر الرئيس نبيه بري ان طريقة تعامل «قوى 14 آذار» مع طاولة الحوار ورئيس الجمهورية على حد سواء هي مهينة، مشيراً الى أنه لا يجوز أن يظل الحوار أسير مزاجية «14 آذار»، ولا يصح ان يبقى رئيس الجمهورية حتى ما قبل أيام قليلة من الموعد الذي حدده لجلسة الحوار، الخميس المقبل، «مكبلاً» ينتظر موقف المعارضة، ليعرف هل ستشارك أم لا، وإذا كانت ستشارك فهل بأقطابها أم بممثلين عنها.
ويشير بري الى ان هذا الأسلوب في التعاطي مع استحقاق مفصلي من نوع الحوار الوطني، غير مقبول، وفي حال قرر «فريق 14آذار» ان يرسل من يمثله الى الحوار، سواء شخص واحد او شخصين او ما شابه، فأنا سأرفض.
ويقول بري: من المفارقات العجيبة التي لا تحدث إلا في لبنان، هو ان الوزراء تلقوا دعوة غريبة، وغير مسبوقة، لحضور جلسة مجلس الوزراء المقررة، الخميس المقبل، إذ وصلت الدعوة مرفقة بجدول الأعمال، إنما من دون تحديد المكان والزمان، وبعد التدقيق في الأمر، تبين ان سبب هذا الغموض يعود الى انتظار جواب «14 آذار»، لمعرفة ما إذا كانت طاولة الحوار ستلتئم أم لا في اليوم ذاته، ومن ثم يُحدد اين سيُعقد مجلس الوزراء (بيت الدين او قصر بعبدا) ومتى (قبل الظهر او بعده).
ويتابع ممتعضاً: من غير المقبول هذا الذي يجري، بحيث يصبح انعقاد طاولة الحوار او مجلس الوزراء متوقفاً على ما يمكن ان يشاهده «فريق 14 آذار» في مناماته السياسية.
وبرغم كل ملاحظات بري على الحكومة «التي لا يبقيها في الخدمة سوى تعذر إيجاد بديل عنها»، يرى رئيس المجلس ان مشروع القانون الانتخابي يظل أفضل من «قانون الستين» السيئ الذكر، لافتاً الانتباه إلى انه يتضمن إيجابيات عدة، أبرزها تكريس مبدأ النسبية، وهذا إنجاز غير مسبوق في تاريخ قوانين الانتخاب، مع الإشارة إلى أنني كنت أفضل اعتماد النسبية على أساس لبنان دائرة واحدة، لأن هذه الصيغة هي الأمثل برأينا.
ويضيف: من حسنات المشروع المعلن انه قريب الى روح اتفاق الطائف الذي يلحظ ضرورة إعادة النظر في تقسيم المحافظات الخمس، وهذا ما قاربته صيغة الحكومة بشكل أو بآخر، من خلال توزيع الدوائر.
وفي معرض التعليق على مواقف بعض المعترضين على مشروع الحكومة، يبدي بري أسفه لكون موضوع قانون الانتخاب يُدرس من زاوية الربح والخسارة للأطراف كافة، ومدى ملاءمته لمصالحها، وليس لمصلحة الوطن والعيش المشترك والوحدة الوطنية، «وقد سبق لنا في حركة «أمل» أن أكدنا اننا نؤيد النسبية ما دام لبنان سيربح وإن كنا معرضين لخسارة بعض المقاعد على المستوى الحزبي».
وإذ يوضح ان المشروع لم يصل بعد من الحكومة الى الأمانة العامة لمجلس النواب، يؤكد انه سيحيله عند استلامه الى اللجان النيابية المشتركة التي تتمثل فيها جميع الأطراف، لتشريحه ودرسه، مشدداً على ان قانون الانتخاب هو موضوع خطير جداً، ومعظم الأطراف تنظر إليه باعتباره يمثل منعطفاً مصيرياً، من شأنه ان يحدد وجهة لبنان وأحجام القوى السياسية للسنوات المقبلة، الأمر الذي يفسر ما يحصل حالياً من رفع للسقوف في إطار تحسين شروط التفاوض.

0 التعليقات:

إرسال تعليق