السبت، 5 مايو 2012

الخامس من أيار .. حين دوّى صوت الإمام موسى الصّدر مقسماً في صور

موقع ومنتديات أفواج أمل
 
الخامس من أيار .. حين دوّى صوت الإمام موسى الصّدر مقسماً في صور
مئات الآلأف أقسموا بالله و الوطن أن لا يهدأوا حتى لا يبقى محرومٌ واحد
 
في الخامس من أيار عام 1974 أحيت حركة المحرومين ذكرى استشهاد السيدة فاطمة الزهراء (ع) في مدينة صور بحضور مئات الآلاف من اللبنانيّين من مختلف المناطق و الطّوائف و أقسموا خلف الإمام الصّدر بأنّهم لن يهدأوا .. حتّى لا يبقى محرومٌ واحدٌ, أو منطقةٌ محرومة.


كتبت جريدة النهار:

صور المدينة التي قاومت الغزاة عبر التاريخ وأقفلت أبوابها في وجههم، فتحت أمس ذراعيها وضمت الى صدرها زحفا بشريا قلما شهد لبنان مثله.
وفود وسيارات تدفقت منذ مساء السبت الماضي، آتية من مختلف مناطق البقاع ومن بيروت وضواحيها.
ويوم أمس الأحد، كان يوما مشهودا، وفود شعبية من كل أقضية الجنوب وصلت منذ الثامنة صباحا الى مدخل المدينة الشمالي. وفود مسلحة بالرشاشات ونسوة يطلقن الزغاريد ولاعبو سيف وترس أصطفوا على جانبي الكورنيش بين محلة البص ووسط المدينة.

كلما وصل وفد أحدى القرى أو المدن كان يستقبل تحت أقواس النصر بإطلاق زخات من الرصاص متقطعة متناغمة.
النساء نزلن الى الشارع يشاركن في المهرجان. واللواتي بقين على الشرفات كن يصفقن ويزغردن ترحيبا بالوافدين.
العاشرة قبل الظهر أحتشد في محلة البوابة حيث يقام المهرجان، عشرات الألوف من المواطنين في انتظار الإمام موسى الصدر.

وفي أحدى الباحات الرئيسية تجمع النواب والشخصيات. النائب حسين الحسيني وصل مع عدد كبير من مؤيديه المسلحين، والنائب السابق محمد صفي الدين حضر وأنصاره وكذلك النائب السابق معروف سعد. وحضر الاخوة الزين عبداللطيف وعبد المجيد وعبد الكريم، وضجت ارجاء المدينة بالرصاص الغزير وبأصوات انفجارات الديناميت التي كانت تلقى فوق البحر.
الوزير السابق جعفر شرف الدين استقبل أيضا باطلاق زخات من الرصاص وكذلك سعيد فواز وعلي بزي الذي جاء مع موكب ضخم من أنصاره. وفضل الله دندش وطعان دندش استقبلا بالرصاص والديناميت وكذلك آل ناصر الدين وآل زعيتر وسائر وفود العائلات البقاعية.
المشايخ والسياد من الجنوب والبقاع والساحل والجبل جاؤوا وجلسوا قرب المنصة الرئيسية التي أعدت للإمام الصدر. ولشدة الازدحام اختلط الحابل بالنابل وتعذر على السيارات الوصول الى أبعد من منطقة البص التي تبعد كيلومترين عن مكان الاحتفال. وقد افترش كثيرون الأرض تعبا.

وفي العاشرة والنصف أطل الإمام الصدر على منطقة البص آتيا من مؤسسة البر والاحسان القريبة من هناك. وقد ترجل من سيارته رافضا أن يحملها الناس.
لم يعد يعرف من يعانقه ولا من يصافحه. الجميع يريدون أن يلمسوه، عمامته وقعت عن رأسه مرارا، لم تصل الى الارض لأن كل من حوله كان يتهافت على التقاطها وتقبيلها … وسار ببطء بين أمواج البشر المتسابقين المتدافعين للوصول اليه.
ومن على منصة الخطابة كان الشيخ محمد يعقوب يبشر الناس بأن موكب الإمام يقترب … فيما تدوى أصوات الديناميت ويتزايد إطلاق الرصاص، والشيخ يعقوب يدعو بإسم الله وبإسم الإمام الصدر الى الكف عن اطلاق النار … ولكن لم يكن هناك من يسمع …

وتأخر وصول موكب الصدر، مسافة كيلومتر قطعها في ساعة ونصف الساعة. وكلما اقترب من مكان المهرجان انضم المحتشدون الى موكبه وازداد اطلاق الرصاص …
الثانية عشرة ظهرا وصل الصدر الى حيث ينتظره الحشد. وتعالت أصوات المحتشدين الذين زاد عددهم على عشرات الألوف”الله أكبر… بالدم، بالروح نفديك يا إمام".
وصل، لكنه لم يستطع الجلوس، كان العرق يتصبب منه وهويعانق ويصافح ويبتسم ويرد التحية بيده.
وجلس على احدى درجات السلم المؤدية الى المنصة وحوله بعض اشقاء الوزير كاظم الخليل وأبنائه، استراح 10 دقائق القى خلالها المحامي نجيب جمال الدين قصيدة.
ولما سمع الجميع:”الإمام الصدر سيتكلم اليكم”دوت الانفجارات وأنطلق الرصاص بغزارة رهيبة.

كلمة الإمام القائد السيد موسى الصدر

بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الإخوة المؤمنون.
أيها الأخوات والإخوة
أيها الأبطال
يا أبناء الجنوب الصامد، يا أبناء من هاجر اليوم، وزحف إلى أرض المعركة، لكي يؤكد وقوفه مع أبناء هذه المنطقة في ساعة المحنة. ساعة المحنة مع العدو، وساعة المحنة مع ذوي القربى، وظلمه أشد وآلم.
أيها الإخوة الأعزاء.

نحتفل اليوم، بذكرى فاطمة الزهراء، سيدة نساء العالمين. بضعة من رسول الله، وبضعة من الإسلام. المجاهدة، الشهيدة في سبيل الحق والإيمان. وقد بلغت فاطمة هذا الشأن، لا لأنها بنت رسول الله، بل لأنها عملت، وجاهدت، وتحملت في سبيل الحق ما تحملت. وقد قال لها أبوها رسول الله (ص):”يا فاطمة!إعملي لنفسك، فأني لا أغني عنك من الله شيئا".
اذاً! بلوغ فاطمة (ع) هذا الشأن الكبير، لأجل عملها، وسعيها، لا لأجل أنها بنت الرسول. وهذا هو منطق الحق، ومنطق الإسلام، ومنطق القرآن الكريم حيث يقول:”وان ليس للإنسان إلا ما سعى”[ النجم/39 ] وكل انتساب، وكل ارتباط، وكل شيء لا يعود إلى عمل الإنسان، فهو باطل. لا امتياز ولا تمييز بين البشر. كلكم لآدم، وآدم من تراب.”إن أكرمكم عند الله أتقاكم”[ الحجرات/13 ].
ذكرى فاطمة، ذكرى العمل والبطولة والجهاد. وقد وقعت هذه السنة بين عيد العمال، وعيد الشهداء، تأكيدا في هذه السنة بالذات، أن الإنسان لا يمكن أن يحفظ كراماته، ولا حرمه، ولا عرضه، ولا مقدساته الدينية، إلا بالعمل، وفي النهاية بالشهادة.

أولئك الذين يفكرون، بأن الوطن يحفظ بالصالونات، أو بالتصريحات، أو بالوعود، او بالاجتماعات في القصور، أولئك الذين يفكرون أن الحدود، تحفظ بالوعود وبالكلمات، وأن الكرامات تصان بالألقاب والإجتماعات، تكذبهم فاطمة، ويكذبهم محمد (ص) ويقول:”يا فاطمة إعملي لنفسك فإني لا أغني عنك من الله شيئا".
الوطن يحفظ بالجهاد. الكرامات تحفظ بالشهادة. الشأن والازدهار، والراحة، تحصل من الشباب وتحمل المشاق.

اجتمعنا اليوم، في مدينة صور. كل الناس في الشمس، أنا تحت الظل؟ مش معقول. إتركوه لغيري. إتركوا الراحة للتنابل والكسالى. [نحن ما بدنا قواص يا جماعة! ما بدنا قواص لأنه …اسمع يا حبيبي.اسمع!.. اسمع! أمس طول الليل كان في مسامير على الطرق، واعتداءات. عندما تعودون، سوف يعتدون عليكم. خذوا الخراطيش للدفاع. فهمتم؟ لا تقوصوا.. لا تقوصوا! وفروا الرصاص ] هذه المسامير كانت أمس في طريقكم ( ورفع الإمام كيساً فيه مسامير ) شباب جاؤوا بها في نصف الليل. طريق الجهاد شائك. نحن لها بإذن الله. [ يا شباب عم أقول لكم. عم أخبركم مثل ما كان. إسكت يا حبيبي! أسكت! إسكت!عيب! عيب ]. عندما أتيتم. من أمس كان هناك مسامير، واعتداءات، وإطلاق نار على زجاج السيارات. وكذب، ودجل، وتشويش، وكل شيء. ولكنكم أتيتم. وهذا جمعكم يؤكد على أنكم تحررتم من عقدة الخوف، من عقدة الاقطاع، من عقدة سيطرة الأوهام. احفظوا رصاصكم، الى أن ترجعوا لقراكم. عندما ترجعون لقراكم ممكن خفافيش الليل الجبناء، الذين لا يقدرون أن يبرزوا بالنهار. [شرفوا أنا بينكم! قوصوني … طولوا بالكم … العصابة المأجورة أجبن من أن تقوص في النهار] عندما ترجعون لقراكم مساء ممكن أن تتعرضوا للإعتداء [خففوا القواص. احفظوا كم رشق لكم للعودة! للعدو! فإذا ما بدنا قواص هلق]. هناك نوع من الرصاص يعطي صوتا ولكن ما بيقوص، للاحتفالات، لازم نستعمل هذا النوع مثل سويسرا. أما هذا الرصاص حرام، هذا يجب أن تتركه لصدر العدو. العدو الخارجي والعدو الداخلي.

image


أيها الإخوة.
ذكرى فاطمة، ذكرى العمل والشهادة. ذكرى الشقاء في سبيل الله. ونحن أخذنا من فاطمة في هذا اليوم، شفيعة لنا حتى نؤكد ونقول:”يا فاطمة بنت رسول الله، يا رسول الله، يا ربنا، نحن خرجنا عن الصغر، بلغنا النضج والقيمومة. ما بدنا أوصياء. ما بدنا نخاف، ولا بدنا نسمع ولا بدنا نظلم. تحررنا، رغم جميع الوسائل، اجتمعنا بأعداد هائلة، حتى نؤكد أن لا وصاية.
يا فاطمة نحن على دربك، نبدأ بالعمل وننتهي بالشهادة.
ويا صور! يا مدينة صور! أيتها المدينة البطلة. من هنا بدأنا، وقد كنت معنا أيام المحنة. الأيام التي كانت الأيادي الخفية تلعب، تتآمر، تتهم، تزور. مدينة صور أضربت، ووقفت، وجاءت الحشود من كل مكان للدفاع عن الحق.

أرادها شرا، ولكن الله أرادها خيرا. من ذلك اليوم بالذات بدأت المسيرة. من ذلك اليوم تأسس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى. من ذلك اليوم قضت مضاجع الطغاة، فراحوا يتآمرون، بشكل أو بآخر. وبدأنا في المسيرة.
تحية لبنان، تحية الشيعة، تحية المناقب، كلها اليك يا مدينة صور. وتحيتك، وتحيتنا جميعا إلى أبناء الجنوب البواسل، أبناء مرجعيون، أبناء بنت جبيل، أبناء النبطية أبناء الزهراني، أبناء صيدا، أبناء جزين، الذين حضروا هذا المهرجان، رغم الموانع، والتشكيك، والنشرات، والبيانات.
تحيتنا جميعا الى الجنوب الصامد، الى أهل البقاع، ابناء بعلبك والهرمل. أولئك الذين إجتمعنا معهم قبل أربعين يوما، في السابع عشر من آذار، وحلفنا يمين الشرف على متابعة السير وتركنا المجال للمسؤولين أن يبدأوا بتنفيذ المشاريع، وأن يتخذوا القرارات. ولكن آمالنا حتى الآن خابت، فما وجدنا الا التمييع، والتشكيك والإحراج.
ما وجدنا، تراجع من هنا وهناك، لإجهاض المشاريع. فاضطررنا لهذا المهرجان. مع أبناء بعلبك الهرمل، مع أبناء بيروت، مع أبناء البقاع الغربي، مع أبناء الشمال. واذا لم تلبونا، واذا لم توافقوا على صيانة لبنان التي لا تحصل الا بتخفيف الآلام عن هذا البلد، اذا لم تلبونا، نضطر عند ذلك الى ترتيب آخر، الى إقامة مهرجان كبير في قلب العاصمة. حتى تعرفوا أن حب لبنان والدفاع عن لبنان، بكل الوجود. لا يقتصر على البقاع والجنوب، بل كل أبناء لبنان سالكون هذا الدرب.

أيها الإخوة الأعزاء.
لماذا هذه المهرجانات؟ لماذا هذه اللقاءات، في هذا البلد. هذا البلد الذي مر عليه السيد المسيح في التاريخ. هذا البلد الذي كان قلب جبل عامل في التاريخ. لماذا ونحن في أجواء السلام، والعلم والثقافة والحضارة، ومصدر الأبجدية، لماذا نتحدث بصوت عنيف؟ وبلهجة قاسية؟ ما هو السبب؟
السبب! أنا أقول لكم! نحن تعلمنا من الدين أن نعمل، وأن نفرض العمل على الحكومة. بلدنا ديمقراطي. بلد حرية. بلدنا بلد الكرامات. حرية الكلمة، حرية الصوت، حرية القول، حرية التعبير. في هذا البلد مسؤوليتنا أن نتحدث بعدما أن عملنا. يعني أول شيء نعمل. وأتصور أنكم تعلمون أنه نحن عملنا. هذا البلد يشهد: المؤسسة المهنية، معهد الدراسات الإسلامية، بيت الفتاة، نوادي، مؤسسات، حسينيات، مساجد، مستوصفات. وفي كل مكان بذلنا الجهد قدر المستطاع. وكان من المفروض أن نصر على الحكومة أن تعمل. طالبنا الحكومة، منذ تأسيس المجلس الشيعي، تأسس المجلس الشيعي في أواخر سنة تسعة وستين. كانت الأزمة الوزارية مستحكمة، لم يكن هناك وزارة مدة سبعة أشهر. ضغوطنا لأجل الدفاع، مساهمتنا الإيجابية في صيانة الوحدة الوطنية معروفة. سنة سبعين، بعد تأليف الوزارة ضغطنا على الحكومة بواسطة الإضراب، الإضراب الذي أدى إلى تأسيس مجلس الجنوب. هذه المدارس التي يعتزون بها، هذه الطرق، الكهرباء، حصلت من مجلس الجنوب وكانت كلها نتيجة لإضراب عام، من لبنان، سنة سبعين.
ثم جاء العهد الجديد، علقنا الآمال، واعتمدنا الوعود وصبرنا، وقلنا سنصل في الجنوب إلى كراماتنا، وإلى حقوقنا. سنصل، كشيعة إلى حقوقنا ومشاريعنا. سنصل كمحرومين إلى كرامتنا، ومستوى العيش اللائق بنا. سنصل كمحبي لبنان، أولئك الذين يفكرون بمستقبل لبنان، سنصل إلى أهدافنا.

اذكر لكم مثلا، أرجو الإستماع، أحد الملوك القدامى، في الصين، يسمي نفسه، بذي القرنين، ذو القرنين يعني صاحب قرنين اثنين لماذا؟ لأجل ماذا القرنان؟ الرجل عندما استلم الحكم، وجد أن بلاده تعيسة، وأن العاطلين عن العمل كثيرون. فبدأ يعمر ويشغل الناس. فوضع حول العاصمة بناء فخما، يشغل الناس في بنائه، ويدفع لهم رواتب، يمنعهم من البطالة، ويصون البلد، ويعمر العاصمة. فسمي هذا القرن الأول. ثم بدأ يبني حائط الصين المشهور، حول الوطن، لصيانة الوطن، وكان هذا القرن الثاني. ولهذا سمي بذي القرنين.
أنا ورفاقي، وكل مطلع على أوضاع لبنان يرى أن لبنان أيضا ذو قرنين: قرن الحزام البائس، والمنطقة المحرومة. [إسكت يا عمي … إسكت يا حبيبي. مش بطولة بمسدس تطلق هون]. الحزام المحيط، حول بيروت: منطقة الكرنتينا، حي السلم، وبرج البراجنة، وبرج حمود، وسن الفيل، والنهر، والدكوانة، وتل الزعتر، وجديدة المتن، حزام حول بيروت، حزام الشقاء، حزام البؤس، حزام الحياة البائسة، هذا هو القرن الأول.
والقرن الثاني، حول هذا الوطن، من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال، نقول لهم: يا جماعة! الحدود هي التي تحفظ العاصمة، وحول العاصمة هي التي تحفظ الوطن. الحدود تحفظ الوطن، وحزام العاصمة يحفظ العاصمة. إجعلوا هاتين المنطقتين، مناطق عامرة، لأن وطننا في خطر، من جراء الإنفجار بين المناطق المختلفة. القضية ليست قضية طائفية، القضية ليست قضية الشيعة. من سوء حظ هذه الطائفة، أنها تعيش غالبا الحدود وهذه العاصمة. فإذا تجاهلتم، وإذا لم تعالجوا هذين القرنين، اللذين يجب أن يحفظاكم ويكونا سهاماً في صدور عدوكم، سينقلبان الى قصوركم، وإلى قلوبكم وصدوركم.

تجربة التاريخ ليست بعيدة عنكم. مناطق التاريخ ليست مستبعدة عنكم. كل منطقة من المناطق. كل مكان، كل تجمع، كل فترة من التاريخ شهدت إنفجارات من هذا النوع. عالجوا المشكلة. قلنا لهم ذلك، قدمنا طلبات، عشرين، طلباتنا ما هي؟ قلنا: المدارس. ذلك اليوم كنت أقول أنه في بعلبك لا يوجد بناء حكومي واحد لمدرسة حكومية. الآن أقول لكم في صور لا يوجد بناء حكومي واحد لمدرسة حكومية. مجلس الجنوب يبني مدرسة هنا على البص! جمدوا البناء. لماذا؟ لأن أموال مجلس الجنوب لازم تصرف في سبيل الفتك والإرهاب والإرضاء والإغراء. أموال الناس، ملايين الناس، خصصت لكي تقدم للمحرومين والمنكوبين، تعرفون!؟ حتى الآن لم يدفعوا تعويضات البيوت المهدمة، والقتلى، في منطقة بنت جبيل، ومنطقة مرجعيون، حتى الآن، المخطوفون ما رجعوهم. حتى الآن في صور، المساكن الشعبية، كم صار لها مبنية؟؟ لا يسلموها، ولا يعطوها للناس. إهمال! ظلمات بعضها فوق بعض. إنا لله وإنا إليه راجعون.
قلنا لهم، لا تصنفوا الناس. قلنا لهم كل المواطنين أكفاء. قلنا لهم كل المواطنين يستأهلون أن يكونوا موظفين.لا تصنفوا بين المواطنين. لا تميزوا بين الطوائف. اعطوا الحقوق للطوائف جميعا. عملوا تشكيلات! أنتم أخبر بما عملوا من التشكيلات. كيف عملوا؟ وكيف تصرفوا. بالنسبة للفئة الأولى، لازم يعطوا الطائفة أربع مراكز بعد. الفئة الثانية والفئة الثالثة، والمؤسسات، والمصالح المستقلة، والدوائر التابعة، حقوقنا غير واصلة.

قلنا لهم دافعوا عن الجنوب. قلنا لهم الشرط الأول في المسؤوليات الوطنية هو الدفاع. حاولوا أن يتهموا الجيش. قلنا لهم إن الجيش مهيأ. أيها السياسيون الجبناء! أأمروا الجيش! أأمروا الجيش! يدافع، يستميت.
لجنة عسكرية فرنسية، في سنة ثمانية وستين وتسعة وستين، وضعت خطة دفاعية، واعتبرت أن لبنان بإمكانه، أن يدافع عن الجنوب، مع وجود صواريخ ومع وجود دبابات خفيفة لأن الأراضي التي أعطاها الله سبحانه وتعالى للبنان، مثل القرون.
الآن قدموا خطة دفاعية. أنا راح أخبركم ما هي الخطة الدفاعية. اليوم قرأنا بالصحف، طالبين ثمانماية مليون ليرة ثمن شبكة صواريخ. صواريخ! هناك عرض مقدم بخمسة وخمسين مليون ليرة. لماذا تريدون ثمانمائة مليون ليرة؟ فإذا غليتم المهر، حتى لا تزوجوا بنتكم.

خطة دفاعية؟ قلنا لكم: هؤلاء المسلحون والمسلحون الآخرون. إجمعوهم خذوهم وضبوهم في الحرس الوطني. في الميليشيا الوطنية. وحدة مدربة. ابعثونا! إبعثونا! قلت لهم: أنا الشيخ مستعد أن أروح أموت على الحدود، حتى تحفظ كراماتنا. دافعوا! دافعوا! عن الوطن. نحن على استعداد أن نذهب، كما قطعوا الطريق الشائك، على استعداد أن يروحوا الى الحدود، ليدافعوا عن الحدود، لكن ضمن خطة معينة صحيحة.
ما فيش فايدة! قلنا لهم: قدموا خدمة العلم. اليوم قرأنا أنهم أقروا خدمة العلم. طيب من غير شر، الوزارة الجديدة، عندما جاءت، خدمة العلم هو المشروع الوحيد الذي حددت له مدة، وقالوا خلال شهرين تقدم مشروع خدمة العلم. الآن مضى أحد عشر شهرا. أي بعد كم من الوقت؟ كانه نحن في نوم أهل الكهف، العدو يتربص بنا، والأوضاع تتطور، والمنطقة على أبواب الإنفجار، لا يعرفون ماذا يجري وراء الكواليس حول المناطق، وبصورة خاصة الجنوب، هناك أخطار في المساومات العالمية على الجنوب. متى تقدمون المشروع؟ متى تقرونه؟ متى تنفذونه؟ متى ترصدون له الموازنة؟ لا فائدة.
قلنا الدفاع! قلنا خدمة العلم! ممنوع. نحن بدنا نهتم لأمر الناس، ما طلبنا شيئا لأنفسنا، ما طلبنا مشاريع تأخذنا، ونأخذ سمسرتها، ما طلبنا شيئا من هذا النوع، طلبنا شيئا للوطن. طلبنا صيانة البلد. تعرفون كم صار؟! أحد عشر شهرا. من الثاني من حزيران ألف وتسعماية وثلاثة وسبعين حتى الآن. أي الخامس من أيار، عام أربعة وسبعين.

هذه المرحلة الأخيرة. المراحل السابقة راحت. قلنا لهم:”المكتومين". إسمعوا يا إخوان! القوة يجب أن تكون مقترنة مع الوعي. انتبهوا وتفهموا الحقائق. ما السبب؟
قالوا لكم: لماذا السيد موسى زعلان؟ ما في زعل، مبسوط، مرتاح. ولكن لا أقبل أن أكون أنا عظيم، ووطني يكون ذليلا، لا أقبل ‍‍‍‍، لا أقبل. إن بيروت والشمال والبقاع، قبل الجنوب، أجواؤها تهتك كل يوم من الطائرات الإسرائيلية. حتى بنتي الصغيرة، عمرها سنتين وقت الذي تسمع فيه صوت هزة تقول:”الطائرات الاسرائيلية". حتى البنت الصغيرة تفهم معنى خرق جدار الصوت. يا جماعة! هذا ليس عـز، هذا ذل. كيف يمكن أن يقبل واحد بذلك؟ وأين تذهب هذه الطائرات التي تخرق أجواءنا. إنها تذهب وتضرب إخوانا. لنا مجاهدين في سوريا. تطعنهم في الظهر، تقصف أماكنهم بيوتهم أخرجونا من هذا الذل. هذا الذل لا يمكن لأحد أن يصبر عليه. طائرات رايحة جاية. بالاضافة الى خرق الحدود وإطلاق النار وقصف البيوت، والمتاجرة، والمتاجرة، والمتاجرة ما حاربوا اسرائيل بقدر ما حاربوا هذا المهرجان في هذين اليومين لماذا؟ لأن هذا المهرجان سوف يكشفهم، سوف يؤكد أن الشعب في الجنوب متحرر، لا يباع، لا يشترى، لا يؤجر، ولا يجير.
قلنا لهم ـ نعرف يا حبيبي، نعرف، من عديسة، من محيبيب، ومن مرجعيون، أعرف، أعرف مراجلهم ـ قلنا لهم: المكتومون، يا جماعة في سبع قرى لبنانية حسب الاتفاقيات: هونين، وصلحا، وتربيخا، وقدس، ومالكية، وأبل القمح، هذه القرى لبنانية، سجلاتهم ما تزال في صور. أسألوا محمد بزي، مأمور النفوس. أهو هنا؟ حلاوي؟ إسألوه، إسألوه ـ تعال ـ سجلاتهم كلها موجودة في صور. هم لبنانيون.
قسم منهم، حوالي العشرة، أخذوا الجنسية اللبنانية. والباقون؟ أبدا! ما في. كل الذين أخذوا جنسية دفعوا حقها.

بالبقاع مجموعة من العشائر، لبنانيون أقحاح، منذ ألف سنة، أو أكثر، ليس لهم هويات. في وادي خالد، في الشمال في عكار، مجموعات كبيرة من البشر لبنانيون. بدون هويات لماذا؟
ما بـدنا نخرق التوازن الطائفي في لبنان.
حطوا مقابيلهم من تريدون! نحن نريد بقاء لبنان، وصيانة لبنان، التوازن في لبنان، والعدل في لبنان، بس عالجوا المشكلة.
الليطاني! قالوا خصصوا مئة وواحد وتسعين مليون ليرة من الموازنة العامة، وخلال عشر سنوات، حتى ينفذوا المشروع. إسألهم! إسألهم: هذه المرحلة الأولى، وما هي المرحلة الثانية؟ لا يعرفون! لأنه لا يوجد مرحلة ثانية. أسألهم: في المرحلة الأولى وضعتم عشرة الآف هكتار للري. أين هي هذه العشرة آلاف هكتار دخلك؟
لا يعرفون. غير دارسين، غير عاملين شيء، لماذا عشرة الآف، مش خمسة عشر ألف هكتار؟ لا أحد يعرف. أنا أخبركم لأنهم مش دارسين. بدهم يميعوا؟ أتعرفون ليش؟ لأنه حاطين هذه المبالغ في الفصل الثالث من الموازنة. إسألوا النواب والإختصاصيين في قضية الموازنة، ماذا يعني؟ الفصل الثالث يعني لا مشاريع. وبما أن موازناتنا فيها نقص من ثلاثماية الى اربعماية مليون ليرة. يعني الفصل الثالث طبيعيا يحذف، ولا ينفذ. المشاريع إذاً ما راح تنفذ.
أسألهم: لماذا؟ ما هي المرحلة الأولى؟ لماذا المرحلة الأولى؟ لا يعرفون. منظمة الأمم المتحدة وضعت دراسة، أخذت تسعة ملايين ليرة للدراسة: لبنان دفع ثلاثة ملايين ليرة والأمم المتحدة دفعت ست ملايين، وضعوا خرائط وهي موجودة. على أساس هذه الخرائط كلفنا مهندسي الليطاني بالذات، هؤلاء الشباب يريدون أن يشتغلوا، يتركونهم يشتغلون، يتحكمون فيهم، وضعوا دراسة، سوف نطبعها، تبين، إسمعوا، إن مشروع الليطاني يكلف مليار ومئتي مليون ليرة، هذا المشروع يروي خمسة وأربعين ألف هكتار. يعني أربعماية وخمسين ألف دونم من الأراضي في الجنوب. وهذا أقصى إنتفاع للجنوب. لا نريد منهم مالا. لا نريد مئة وواحد وتسعين مليونا ولا أكثر ولا أقل. اسمحوا للمهندسين والخبراء أن يشتغلوا.
دولة الامارات، إمارات الخليج، بعثوا لي خبراً أنهم بواسطتي مستعدون أن ينفذوا هذا المشروع بالشكل الصحيح. لا نريد مالا منهم.

قالوا الليطاني سينفذ، مسؤول من مجلس إدارة الليطاني وأمام لجنة برلمانية، يقول صراحة: الليطاني لن ينفذ. سألوه: لماذا لم ترفع كتابا للرئيس. فأجاب: نحن بعثنا تقريرين. تقرير من أجل أن يسكت السياسيون، والناس تلتهي ولكن في التقرير الثاني كتبنا أن الليطاني لا يمكن أن ينفذ. سوف يدور ويدور ويدور ولن ينفذ لن ينفذ. لا جهاز، لا خريطة، لا دراسة. هذا مسجل في جلسات مجلس النواب.
قالوا: لا … الليطاني سوف ينفذ، وسمعنا بالإذاعة والتلفزيون والصحف الحكومية. هل نسمع منهم؟ لا أعرف. قالوا اليوم مطر؟ يوم الذي كنا في البقاع قالوا هناك أمطار وثلوج والحقيقة شمس. إن شاء الله اليوم قالوا أمطار؟ قالوا ذلك؟ على كل حال خليهم، خليهم متمادين في الكذب. حتى الآن لا يصدقهم أحد.
أنا أقول لكم، وضعوا جدولا زمنيا لليطاني. سجلوا هذا على مسؤوليتي. يا صحافيين! سجلوا! وضعوا لليطاني جدولا زمنيا. قالوا المناقصة الأولى لتنفيذ المرحلة الأولى من الليطاني ستكون في 1/5/1974 يعني قبل أربعة أيام. هم مثل المثل المعروف الذي يقول: الكذاب ينسى لكن البشر لا ينسى. أنا مش ناسي. أين المناقصة؟ ما صار شيء أبدا. ولن يصير شيء. أنا قلت أنه لا يوجد خرائط. مسؤول حكومي في التلفزيون يقول:”هل كل شيء لازم يكون في خرائط؟ بدون خرائط. مشروع طويل عريض، بدهم ينفذوه بدون خرائط؟
قالوا نريد نسحب مياه الليطاني إلى بيروت، لأن بيروت عطشى. قلنا لهم يا جماعة أنتم مرّضتم أبناء الجنوب من العطش، تريدون أن تمرضوا أبناء بيروت من البلهارسيا؟ مياه الليطاني لا تصلح للشرب. ثم هناك مياه نهر بيروت. مشروع مدروس، نفقاته أقل، دراساته جاهزة، ولم يبق إلا أن ينفذوه.

أتعرفون ماذا يحدث اذا سحبوا مياه الليطاني إلى بيروت؟ ثلاثماية وخمسون مليون متر مكعب سحبوا سابقاً إلى الأولي. والآن يسحبون بين خمسين وستين مليون متر مكعب يعني سوف يكون سدا بلا ماء. هناك مثل يقال: إن أميرا هنديا جاء إلى النجف والكوفة. قالوا: لا يوجد ماء بين النجف والكوفة. قال: نحن نعمل الجسر ثم نضع الماء. يريدون أن يعملوا سدا بعد أن يكونوا قد سحبوا المياه الى بيروت. ولماذا لا تسحبوا من مياه نهر بيروت؟ لماذا ليس من مياه نهر إبراهيم؟ لماذا ليس من مياه نهر الكلب؟ جعيتا؟ بأقل كلفة! بأسرع وقت. لا،‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍ يريدون أن يسحبوا مياه الليطاني.
مسؤول يقول إن مياه نهر بيروت، معرّض”للهزة الألفية". أية ألفية هذه؟ هذا كلام قديم. المشروع مدروس أيضا على أساس الهزة الألفية. والقنال طبعا مدروس على أساس الهزة الألفية. ما في فكر.
هذا القاسمية، الذي رأيتموه. مشروع القاسمية للري كلف الحكومة، عشرة الى اثني عشر مليون ليرة. تعرفون كم هو مردوده، الدخل القومي سنويا؟ خمسة وأربعين مليون ليرة على الأقل. صرفوا اثني عشر مليونا في الجنوب! كل سنة الجنوب يعطيهم خمسة وأربعين مليون ليرة.
ثم قالوا الليطاني يلزمه وقت. جاء بعض أولاد الحلال من المهندسين فقالوا أنه ممكن، منطقة تدعى مثلث: يارين ـ يارون ـ كفرا، تروى بالبحيرات الاصطناعية. في وقتها تحمس بعض المسؤولين ووضعوا مشروعا لإرواء هذه المنطقة بواسطة المثلث، اسمعوا! المنطقة هي: يارين ـ الضهيرة ـ اللقيسية ـ المطمورة ـ أبو شاش ـ أم التوت ـ الزلوطية ـ طيرحرفا ـ شيحين ـ مجدل زون ـ مروحين ـ رامية ـ الصالحاني ـ قوزح ـ أبل ـ رميش ـ عين أبل ـ رشاف ـ بيت ليف ـ صربين ـ ياطر ـ كفرا ـ حاريص ـ حداثا ـ طيري ـ عيتا الزط ـ تبنين ـ برعشيت ـ بيت ياحون ـ كونين ـ عيناتا ـ بنت جبيل ـ يارون ـ عيتا الشعب. كلها تروى. يعني سبعة وستين ألف وخمسماية دونم، والموازنة جاهزة من المساعدات العربية التي استلمت من أربع سنوات وبعدها مجمدة. تنفيذها سهل. أبدا! والمشروع جاهز للتنفيذ. ما في فكرة للتنفيذ.
هذا ما يخص مشاريع الجنوب. ننتقل إلى مشاريع البقاع.
مشروع القاع ـ الهرمل: سنة ست وثلاثين، الفرنسيون بدأوا بدرسه ونفذوا بعض المشروع، قنال. باقي المشروع حتى الآن مجمد.

ـ مشروع بحيرة اليمونة ـ مشروع اللبوة ـ مشروع عيون أرقش ـ مياه بعلبك السدود ـ الطرق. وضعوا قانونا، مؤخرا، بتخصيص مئتي مليون ليرة للطرق.
ماذا حصل؟ خصصوا من هذا المبلغ إثنين وعشرين مليون ليرة للجنوب، وتسعة عشر مليون ليرة للبقاع. يعني الربع أو الخمس لهاتين المحافظتين، واربع أخماس للمحافظتين الآخرين.
أوتوستراد صور ـ صيدا ـ شتورا ـ ميناء صيدا:البواخر تتجمع بالعشرات، والتجار يدفعون كل ليلة خمسة عشر ألف ليرة إيجار. يعني تزداد قيمة البضاعة، كل يوم، كل يوم. لا يستعملون بقية الأمور.
ضواحي بيروت، المدارس في جرود الهرمل، الثروة المعدنية في لبنان، كلها مسائل ذكرناها بكثرة.
وأخيرا! الدخان! تعرفون أيها الإخوة، أن الدخان في لبنان، كل كيلو يكلف خمس ليرات ونصف، بينما يكلف العالم ليرة ونصف. كله نفقات وهدر، وتجارة التوظيف. أسعار السنة. ادعوا أنهم سوف يعطون زيادة. السعر العالمي زاد ثلاثين إلى خمسين بالمئة، في لبنان الزيادة إثنين ونصف بالمئة فقط.
الآن! اسمعوا. نحن أعلنا هذه المطالب، ووقفنا معكم. تبين أن هناك محرومين كثرا، ونحن على استعداد لأن نمد يدنا لكل المحرومين في لبنان، ونتعاون معهم في سبيل بناء لبنان الأفضل وإليكم بعض الأمثلة:
في لبنان عشر مليارات متر مكعب من المياه. يستعمل منها أربعماية وخمسين مليون متر مكعب فقط.
في بيروت ثلاثة وعشرون مجرور ماء يمتد إلى البحر. حياة المواطنين في ضواحي بيروت، حياة المواطنين في كل مكان معرضة للأخطار، ومعرضة للمحنة والبلاء. من يهتم بالمواطنين؟

ايها الاخوة.
في هذا اللقاء، في هذا المهرجان الثاني، نحن نقول ونمد يدنا أيضا للحوار، ونعلن: اذا لم تلبوا هذه الطلبات، فنحن نخشى على وطننا منكم، يعني اصبح حماة الوطن، يشكلون خطرا على الوطن، وعند ذلك نحن لا نصبر على هذه الأوضاع، وسنتعاون مع جميع المواطنين لكي نصحح الوضع، بالرفق أولا وبالقوة ثانيا.
قوتنا في صوتنا، قوتنا في ضميرنا، قوتنا في إخلاصنا، قوتنا صفاء رؤيتنا، قوتنا في عدم التزامنا بالمصالح الخاصة. كل المصالح الخاصة فداء لمصالح الناس العامة ومصالح المعذبين. نحن هنا نكرر معكم اليمين الذي حلفناه في بعلبك، حتى نؤكد للمسؤولين ولأنفسنا، ليس هناك مجال للتراجع، وليس هناك مجال للتردد. وها نحن في يوم ذكرى فاطمة الزهراء، نقف أمام القبلة، ونشهد الله على ايماننا”نحلف بالله العظيم أن نتابع مطالبتنا بحقوقنا المواطنية، وبحقوق جميع المحرومين، دون تردد، أو ضعف، أو مساومة، ولن نهدأ حتى لا يبقى محروم في لبنان، أو منطقة محرومة. إننا اليوم نلتزم بهذا الميثاق الديني المرتبط بشرفنا الإنساني، وبكرامتنا الوطنية، وسنحتفظ به أوفياء، حتى تتحقق الأهداف. نقسم بجمال لبنان، وجباله، بجنوبه وشرقه، وشماله. نقسم بدماء الشهداء، بدموع الأيتام، بأنين الامهات، بآلام الجرحى، بضياع المكتومين، بقلق الطلاب والمثقفين، بذعر الأطفال في الحدود، وبعزم المرابطين والمجاهدين بتضحياتهم، بليالي الخائفين وبأيام البائسين، بالأفكار المهملة وبالكرامات المهدورة، ومحاربة الطغيان، والنضال مع أعداء الوطن والمواطن. والله على ما نقول شهيد".
image


هذا اليمين، أيها الإخوة! إسمعوا! إسمعوا يا إخوان. إسمعوا! مجال الكلام قد انتهى. تحدثنا وبحثنا كثيرا، وحاولنا كثيرا. حضوركم هنا، وفي صور، وبهذا الحشد الهائل أقوى كلمة.
أيها الإخوة، عهد الكلام قد انتهى، عهد الكلام قد انتهى. اليمين قطع علينا الطريق. من كان له قلب فليفهم. من كان له سمع فليسمع. ومن كان له عقل فليفكر. نحن حلفنا اليمين، واليمين كما شاهدتم يمينا دينيا، وبموجب تعليمات القرآن. القرآن يحلف بالبلد، وبالشمس، وبالقمر. حلفنا بلبنان، نحن أمام هذا الالتزام. لا مناص لا تراجع، نحن في هذا الخط سالكون: جنود الوطن، بناة المستقبل.
لا نريد علوا في الأرض ولا فسادا. ولا نريد ـ الله يسامحه ـ لا نريد هدم البلد، نريد صيانة البلد، نريد إنقاذ البلد من الزمرة التي تتحكم في هذا البلد، نريد إنقاذ البلد من الذين اعتبروا الوطن مزرعة، يسرقون وينهبون. نريد سلامة الوطن، ولسنا طامعين في الحكم، ولا النيابة، ولا الكرسي، ولا أي شيء. شرفي أن أكون بينكم كما قلت، أشرف مقام عندي، أكبر شرف لي أن أصلي في محراب رسول الله، في المسجد. أكبر شرف أن أصعد منبر رسول الله بينكم. أكبر شرف ثقتكم، تلبيتكم، جهدكم. كم بذلتم من جهد؟ من أي مكان آتين؟ من أماكن بعيدة. هل أحد استأجر لكم سيارة؟ هل أحد دفع لكم فلسا واحدا؟ هل أحد بعث إليكم بطاقة واحدة؟ تلبية عامة. هذا أكبر شرف وأكبر توفيق لي.
ماذا أريد بعد ذلك؟ أريد صيانة هذا الوطن ومنعه من الإنفجار. المشكلة؟ عدالة! إذا لم تكن، البلد يتعرض للإنفجار. فليسمعوا! وليعوا! وليستعملوا ما هو من حكمتهم. نحن سالكون بإذن الله، ذاهبون في الدرب بإذن الله.

من هنا! من عندكم، أبعث تحية إجلال، وإكبار، وتأييد، ومواساة، وتشجيع واحترام، لأبناء لجيش السوري البطل. للذين يحاربون بكل بطولة وتضحية، ويرفعون شأن هذه الأمة.
وتحيتنا إلى كل المجاهدين، وإلى كل الذين يناضلون لسعادة هذه الأمة. ولكرامة هذه الأمة، في داخل الأراضي المحتلة وفي خارج الأراضي المحتلة.
تحياتنا للجنود المجهولين، أولئك الذين يقومون بتضحيات في صفوف جيشنا، وفي صفوف قوات أمتنا، وفي صفوف المحافظين على البلد. أولئك الذين يقومون بواجبهم في ظروف صعبة، ويعانون حرمانا وصعوبة بالغة، وراتبا متواضعا، أولئك هم المحرومون أيضا. نحن نقدر شؤونهم، نحن نقف معهم. نحن نقدر، اذا كان في الطريق أي واحد منهم انقطع في ظروف صعبة. لا يريدون الشر لنا. نحن نقدر ظروفهم وبإذن الله سندافع عن حقوقهم وعن كرامتهم، وعن لقمة عيشهم بكل ما نملك من قوة.
لسنا ضد أحد. نريد الخير لكل واحد. لنا عدو واحد: الشيطان وجنود الشيطان، طغاة الأرض، أولئك الذين يريدون أن يتحكموا في الناس، دون أن يقدموا خدمة أولئك الذين حكموا لعشرات السنوات، دون أن يبنوا مدرسة، أو يعمروا مسجدا أو يضعوا حجرا في بناء بيت أو ميتم، أو يبعثوا منحة دراسية لطالب. أولئك جنود الشيطان.

أيها الإخوة.
هؤلاء، هؤلاء خفافيش الليل، لا يتجرؤون أن يظهروا. تفضلوا! كما ترون أنا بينكم، ولا مرافق لي. ليل نهار اتنقل بسيارتي لوحدي. ما في خطر لأنه ما في حدا.
يا سيدي!! نحن … هؤلاء أيضا شيطان. قبل ما يكون شيطان كان إبليس، وكان من المقربين. عندما يتركون صفتهم الشيطانية يكونوا قاعدين إلى جانبنا، أهلا وسهلا بهم. ولكن يتركوا دماء الناس، يتركوا كرامات الناس، يتركوا التحكم بالناس، يتركوا السيطرة على الناس، يتركوا خلق الفتن بين الناس، يتركوا إستغلال الخزينة الرسمية للسمسرة على الناس. يتركوا … يتوبوا إلى الله، قلبنا مفتوح.
أيها الإخوة.
موقفنا لا يحتاج إلى البحث، وسلوكنا واضح. الذين لا يعرفون، ويتهمون، ويناقشون، نحن نشفق عليهم، ونطلب من الله أن يهديهم.
وهنا نعلن، بأننا نقف كما وقفنا وقلنا في قسمنا. نقف مع كل المظلومين، من جميع الطوائف، من جميع المناطق. لجميع الناس والبشر الذين جرحت كرامتهم في هذا الوطن، ويريدون وطنا سليما. نريد الخير للجميع، لا أكثر ولا أقل.

أيها الاخوة.
اسمعوا! أنا أودعكم، وسأكون معكم إن شاء الله في دربنا الطويل. الذي قد يحتاج في فترة قريبة إلى مهرجان آخر في بيروت. وقد نجتاز ظروف صعبة، ومسالك شاقة. على كل حال، نحن سالكين الطريق إلى النهاية.
أنا الآن اودعكم وسأكون معكم. أقدّر بقلبي ونفسي وعلمي ما بذلتم من جهد، وما تحملتم من شقاء، وما صبرتم من حر الشمس، وتعب الطريق. وعناء السفر. أقدر ذلك.
أضع كل وجودي بتصرفكم، وبخدمتكم. لا أريد علوا في الأرض ولا فسادا. لا رئاسة لا شخصية، لا ركوب على ظهر الناس.
نحن نسلك معكم، نودعكم. وأطلب منكم، أطلب منكم، إحفظوا! لا تطلقوا الرصاص! إحفظوا، أيها الإخوة رصاصاتكم للخطر المنتظر. أتسمعون؟ للخطر المنتظر.
إن شاء الله في المستقبل نتمكن أن نضع الأمور في نصابها، بهذا الإحتفال نحن حاولنا أياما، بالبيان، والتوزيع على الميكروفونات واللافتات حتى نمنع ظهور المسلحين في هذا المهرجان. لكي يكون هذا مهرجان الديمقراطي.

ثم نريد أن نقول: إن الجنوب حـرّ، إن الجنوب يعبر عن حياته، وعن إرادته، هذه كانت الغاية. أستودعكم الله، وكان الله معكم.
وبمشقة كبيرة غادر الإمام مكان الإحتفال إلى المؤسسة المهنية في برج الشمالي حيث تناول طعام الغداء مع عدد من الذين شاركوا في المهرجان وطلاب المؤسسة.

0 التعليقات:

إرسال تعليق