الثلاثاء، 15 مايو 2012

الشركات العالمية تتزاحم للتنقيب عن الغاز اللبناني...وعين قطرية على غاز المتوسط

الشركات العالمية تتزاحم للتنقيب عن الغاز اللبناني...وعين قطرية على غاز المتوسط
تنتظر الشركات النفطية العالمية جلاء قضية «هيئة إدارة النفط اللبنانية»، كي تبدأ المفاوضات مع الجانب اللبناني حول التنقيب عن الغاز في الحقول البحرية. فقد قال أحد مستشاري الشركات الفرنسية النفطية المتابع للملف اللبناني لـ«السفير»، إن شركات كثيرة بدأت تضع خرائط لعملها في المثلث البحري اللبناني ـ القبرصي ـ الفلسطيني.

وبحسب المستشار الفرنسي نفسه، فإن مرحلة التساؤل عن وجود كميات تجارية كبيرة في المنطقة قد انتهت، وبدأت الشركات النفطية تحضيراتها للعمل في المنطقة، بعدما أكدت دراسات عديدة وجود احتياطي كبير جدا في هذه المنطقة، وقد آن أوان العمل في البحر.

وقال المسؤول نفسه إن لبنان خسر خمس سنوات على الأقل من الزمن الضروري لإطلاق عمليات التنقيب في مياهه الإقليمية، بعدما رضخت حكوماته السابقة لضغوط تركية بتأخير أي توافق مع القبارصة على تحديد المنطقة الاقتصادية البحرية الخاصة بالبلدين، ما دفع القبارصة إلى التوافق مع إسرائيل أولا.
ولم يعد الأمر يقتصر على لبنان وإسرائيل وقبرص وتركيا، فحسب، بل إن مصر قد انضمت إلى عمليات التنقيب في منطقة الجرف القاري نفسها.

وفي انتظار أن يحسم اللبنانيون أمرهم، فإن شركات عدة باتت تتحضر للدخول في سباق التنقيب عن النفط في المتوسط ومنها «شيفرون» و«إكسون» الأميركيتان، والفرنسية «توتال» التي نقلت فريقها العامل سابقا في سوريا إلى بيروت، و«جي دي ايف سويز» الفرنسية. كما أن هناك اهتماماً صينياًَ بالمنطقة من قبل شركة «سينوك»، وروسياً من قبل «غاز بروم» الروسية.
ويرجح المستشار الفرنسي أن يؤدي الاهتمام الدولي المتزايد الى تعقيد المعطيات الجيو استراتيجية، مع دخول العامل النفطي الغازي ساحة الصراع، بين القوى الإقليمية والدولية، وبالتالي سيرفع منسوب التنافس على توسيع دائرة التأثير السياسي في قرارات الحكومات المعنية.

وإلى جانب الاحتياطي الكبير في المنطقة الذي تتوزعه ست دول(لبنان وسوريا وقبرص وتركيا واسرائيل ومصر)، تأخذ الشركات الكبرى في الحسبان وجود خلافات حدودية بحرية كبيرة، تشمل الجميع دون استثناء: لمصر مشكلات حدودية بحرية مع إسرائيل، وهناك خلافات حدودية متقاطعة قبرصية لبنانية وإسرائيلية، ولا سيما قي حقل «لفيتان» الأضخم والمقدر احتياطه بـ453 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي.
وقد دخلت تركيا على الخط مع بدء الشركة التركية للنفط التنقيب في مياه جمهورية قبرص الشمالية. كما يتوقع المستشار النفطي الفرنسي انضمام سوريا لاحقا إلى لائحة المتنافسين على الثروة الماتحت بحرية.

وتجمع الشركات النفطية التي قد تحصل على حقوق التنقيب والاستغلال وإدارة الحقول الغازية، على تجنب العمل في المناطق المتنازع عليها، وهذا الأمر ينطبق بصورة أساسية على تلك التي تلقت عروضا من الجانب الاسرائيلي.

وتجري مشاورات لتحديد المناطق القابلة للاستغلال من دون إثارة نزاعات حدودية وأمنية، بحيث يجري التركيز حاليا على مشاريع في المناطق الواضحة السيادة. وهذه الفكرة طرحها الموفد الأميركي فريدريك هوف على الجانب اللبناني بالتشجيع على التنقيب في المناطق غير المتنازع عليها، ومن هنا ولدت فكرة «الخط الأزرق البحري» بديلا للترسيم الحدودي البحري المتعذر حاليا.
وقد قطع القبارصة والاسرائيليون شوطا كبيرا في التقدم نحو استغلال حقولهم المكتشفة، خاصة بعدما زار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبرص في آذار الماضي، ووقع على اتفاقية شراكة قبرصية اسرائيلية في التنقيب عن الغاز وتوحيد العمليات وتسريعها عن طريق تكليف «نوبل انرجي» وحدها بتولي المنطقتين القبرصية والإسرائيلية.

وقال المستشار الفرنسي إن الشركات العالمية مقتنعة بوجود حقول «أوف شور» مهمة في منطقة شرق المتوسط، مشيراً إلى أن

شروط العمل مع اللبنانيين باتت واضحة بالنسبة للشركات العالمية. إذ يفرض قانون النفط اللبناني، تكوين «كونسورسيوم» متنوع الاختصاصات لاستغلال النفط. وتتجه المناقصات إلى توزيع التنقيب على شركات مختصة بالعمل في أعماق البحار، وتلزيم عمليات الاستغلال والتسييل لمجموعة أجنبية ثانية، فيما تشرف مجموعة وطنية لبنانية على إدارة العمليات.

ويتجه تفكير الشركات التي ستعمل في المنطقة، إلى أخذ الأوضاع الجيو استرتيجية بعين الاعتبار، واقتراح بناء خط انابيب لنقل الغاز إلى قبرص لتصديره. وهناك اقتراحات اخرى تتحدث عن إقامة موانئ عائمة للتصدير تتصل بأنابيب الاستخراج من الحقول الجنوبية اللبنانية، وهذا الاقتراح هو المفضل لدى الشركات لأسباب أمنية تسمح بتحريك الموانئ العائمة إذا استدعت ضرورات أمنية ذلك.
وتنتظر الشركات أن تبلغ كلفة الميناء العائم الواحد في المنطقة ما يقارب الخمسة مليارات يورو. كما أن «الكونسورسيوم» الذي سيباشر عمله في حال موافقة الحكومة اللبنانية على العطاءات، يحتاج إلى ميزانية من 10 إلى 12 مليار دولار لاستغلال حقل واحد.

ويقول المستشار الفرنسي، إن القطريين يتابعون عن قرب التطورات الغازية في المنطقة، واحتمالات أن تكشف عمليات التنقيب عن وجود احتياطي كبير من الغاز في المتوسط. ويشكل قرب حقول الغاز في شرق المتوسط من أوروبا، وسهولة نقله إلى مرافئها إحدى المزايا الاستراتيجية، كما يشكل منافسا محتملا للقطريين الذين سيتجهون أكثر نحو آسيا كمستورد أساسي لسلعهم النفطية، برغم محاولتهم إيجاد خطوط سريعة لغازهم الى أوروبا(سكة الحديد).
المصدر: السفير | التاريخ: 5/15/2012




0 التعليقات:

إرسال تعليق