الثلاثاء، 22 مايو 2012

رواية حادثة عكار بحسب المسؤولين الميدانيين المباشرين في الفوج المجوقل في الجيش اللبناني

         أنطون الخوري حرب - خاص النشرة
افاد ضباط ميدانيون في القطعة العسكرية التي وقعت عندها حادثة سقوط الشيخ أحمد عبد الواحد ورفيقه، بان اجواء التوتر الامني كانت متوفرة في منطقة عكار بسبب التجييش والمضمون السياسي للمهرجانين السياسيين اللذين دعا اليهما الحزب السوري القومي الاجتماعي احياء لذكرى مجزرة حلبا التي ذهب ضحيتها اعضاء في الحزب كانوا متواجدين في مركزهم الحزبي ابان احداث السابع من ايار 2008 من جهة، وعضو كتلة "المستقبل" النيابية النائب خالد الضاهر مع مجموعة من السلفيين من جهة ثانية. وبين مركز الحزب وساحة حلبا اقل من سبعين متراً، الامر الذي حدا بالعميد عامر الحسن مسؤول استخبارات الجيش في الشمال الى اعلام قيادة الجيش بحساسية الاجواء المتوترة نتيجة هذا الواقع، وذلك عشية اقامة المهرجانين.
اضافة الى ذلك حاول الحسن عبر الاتصال بطرفي المهرجانين، اقناع احدهما تاجيل مهرجانه، ولاسيما ان الحجة الزمنية متوفرة بسبب عدم التزامن الدقيق لكلتا المناسبتين مع تاريخ الحدثين موضوعي المناسبة، اي ذكرى مجزرة حلبا التي وقعت في 8 ايار 2008 بالنسبة للحزب القومي، وذكرى "اجتياح بيروت" من قبل حزب الله في السابع من الشهر والسنة اياهما. فشل الحسن في محاولته، لكنه حذّر قيادة الجيش من تبعاتها في حال حدوثها دون حائل، الا اذا اتسم طابعها بالسلمية والحضارية الكاملتان لدى الجانبين، الامر الذي يتناقض مع بنية وتركيبة كل منهما، الامنية والسياسية، ما يضع الموضوع برمته في دائرة الاستحالة.
جواب القيادة كان التشديد على ضبط الامن لتوفير الاجواء السلمية للتجمعين، مع تعليمات صارمة لقيادة استخبارات الشمال ولقادة القطع العسكرية المنتشرة هناك باعتماد "الحكمة العالية" في معالجة اي اشكالية قد تقع بين الجانبين، او بينهما وبين وحدات الجيش في المنطقة.
بالنسبة الى قادة القطع العسكرية، فلقد كشفت المعلومات الصادرة عنها انها والقيادة تتجنب منذ فترة الاجواء التحريضية السياسية ضد وجود الجيش ومهامه في الشمال بسبب دوره في ضبط الحدود اللبنانية السورية بسبب تداعيات الازمة السورية وانعكاسها على فريقي الانقسام السياسي اللبناني، وهذه الاجواء كانت حاضرة في مداولات قادة القطع العسكرية الشمالية. لقد تمكّنوا من تجاوز اي احتمال استفزازي في حساباتهم الميدانية، وفي هذه المناسبة بالذات، وبعد ورود تحذيرات وتهديدات لّلفيف المجوقل عشية الاحد المشؤوم، مفادها اعتبار الشيخ عبد الواحد ان اي تفتيش او تدقيق للمارّين على النقطة (الحاجز) التابع للفوج المجوقل للوصول الى مكان التجمّع في ساحة حلبا، بمثابة عرقلة مقصودة لاضعاف الحشد والتجييش المطلوبين استعراضياً لانجاح المهرجان، وبعد التشاور بين قيادة الفوج المجوقل ومدير العمليات العميد الركن مارون حتّي، وبعد سياق آذاري مزمن من التركيز على رفض دور الجيش عامة، والفوج المجوقل خاصةً في عكار، أعطى قائد الفوج العميد الركن جورج نادر تعليماته الى الضباط الثلاثة، المسيحي والسنّي والشيعي،المولجين قيادة اللفيف ومن ضمنه حاجز بلدة الكويخات، بتسهيل مرور اي رجل دين على الحاجز، حتى لو كان حاملاً لقاذفة صواريخ، بمقابل التشدد مع اي مسلّح آخر اياً تكن صفته السياسية او الحزبية، وعدم السماح له بحمل او نقل اي سلاح في هذه المناسبة حتى لو كان حائزاً ترخيصاً بذلك من وزير الدفاع.
وسط هذه الاجواء، بدأ اليوم العكاري السياسي والدموي الطويل. فقبل ساعة من موعد المهرجان، وصل موكب الشيخ عبد الواحد المؤلّف من خمس سيارات الى حاجز الفوج المجوقل. وكانت سيارة الرانج روفر التي يستقلها الشيخ في مقدمة الموكب، ذات زجاج غير مدخّن والسلاح فيها ظاهر، اما السيارة الثانية من نوع جيب كاديلاك اسكالاد السوداء اللون، والتي كان يستقلها مرافقو الشيخ عبد الواحد، فكانت ذات زجاج مدخّن وغير ظاهر منها عدد الركاب واسلحتهم. بوصوله الى الحاجز، ابلغ الشيخ الضابط المسؤول عن هويته مشيراً الى سيارات مرافقيه وطالباً تسهيل مرورهم من دون تفتيش. فاتاه الجواب من الضابط بوجوب التدقيق في محتوى السيارات الاخرى في الموكب. اعترض الشيخ فتكررت تعليمات الضابط، عندها قرر الشيخ تولي قيادة الرانج روفر خاصته وعدم المضي الى المهرجان، والعودة الى منزله في موقف احتجاجي متلازم مع بعض التهديد والوعيد. واثناء انتقاله من مقعده الى مقعد السائق، همّت سيارة الاسكالاد التي كانت تلي سيارته بالخروج من الموكب وتجاوز الحاجز العسكري بالرغم من تعليمات العسكريين واوامرهم. وما ان حاول بعض الجنود اعتراض السيارة والزامها بالوقوف الى يمين الطريق لتفتيشها، انطلقت من الموكب طلقات نارية استقرت ثلاث منها في سيارات الهامفي العسكرية المركونة حول الحاجز، اما الرصاصة الرابعة، فاصابت شظاياها احد الجنود تحت عينه اليمنى.عند ذلك اطلق عناصر الحاجز نار بنادقهم على الموكب، لاعتقادهم ان تجاوز جيب الاسكالاد سيارة الشيخ والرصاصات التي اطلقت عليهم من الموكب، عملية هجومية على الحاجز، وهذه التعليمات تطبق في الجيش على الحواجز العسكرية كافة في ظرف ومكان، لكونها تشكل احد فرائض المدافعة عن النفس والموقع تطبيقا للتعليمات والاوامر والقواعد العسكرية الثابتة في مثل هذه الاوضاع.
تقر قيادة الجيش بان عيار رد فعل العسكريين كانت كبيرة، لكنها مبررة في ظل اجواء الحذر والتوتر التي كانت سائدة. وفي المعلومات الخاصة، افادت مصادر القيادة بان بيانها المتضمن اشارة الى توقيف بعض الضباط والرتباء والافراد للتحقيق معهم بشان الحادثة، هي لتنفيس الاجواء المحتقنة بمقابل وقوف القيادة بقوة الى جانب الحق رافضة اي شكل من اشكال التضحية باي من اركانها او جعله كبش فداء من دون وجه حق، ارضاء للرغبات السياسية التي هي ابعد ما يكون عن القواعد والاصول والقوانين العسكرية، وهي تنحصر قي باب المزايدات وتسجيل النقاط والتجييش الطائفي والمذهبي بغية الحفاظ على تماسك وتأييد القواعد الشعبية.
مرة اخرى يتعرض الجيش الى هزة سياسية على خلفية امنية، وهي هزات لم تتوقف منذ انتهاء الحرب اللبنانية في العام 1990. اما الفارق الوحيد، فهو حصول الهزّات الاخيرة منذ العام 2005، في ظل غياب الوجود العسكري السوري عن لبنان من جهة، وارتباطها منذ اكثر من عام، بالازمة التي تضرب سوريا من الداخل والخارج. فكيف ستكون فصولها النهائية ونتائجها المستقبلية، فيما تبدو ازمات لبنان الداخلية مرشحة للاستمرار والتصعيد طالما استمرت الاجواء الانقسامية بدعم خارجي معلن، ووفق حسابات مبنية على رغبة كل فريق بالتفوق على الآخر. وبين هذه الازمات والعزّات، يدفع الجيش والمواطنون الثمن دماً واضطراباً للاستقرار، ومزيداً من الاهتراء في جسم الدولة التي لم تبن بشكلها المنهجي الوطني بعد.

1 التعليقات:

يااخي الجيش خط احمر لوكان اخي من يعترض الجيش فانا له بلمرصاد الجيش حامي الوطن ورجال السياسه . ولولا الجيش لما بقيا رجل سياسي وبلعربي الفصيح حلو عن سما الجيش احسن

إرسال تعليق