الخميس، 21 يونيو 2012

اجتماعات "مجلس اسطنبول".. ما الجديد؟

 أحمد مرعي - "البناء"
يتأكد يوماً بعد يوم مدى تشتت وتخبّط «المعارضات السورية»، سواءٌ في الخارج أم في الداخل، وتحديداً «مجلس اسطنبول» الذي نشأ برعاية تركية - أميركية وبدعم خليجي. ولم تكن استقالة رئيس المجلس السابق برهان غليون وتسلم عبد الباسط سيدا لرئاسة هذا المجلس إلا أحد تجليات هذا التشتت والانقسام.
يحاول ما يسمّى بـ»المجلس الوطني السوري» بما فيه من صراعات داخلية بين العلمانيّين والإسلاميين ترميم وضعه الداخلي، وعقد اللقاءات المتتالية لضمّ المعارضات الأخرى التي لم تنضو تحت راية هذا المجلس. وهنا تبرز الأسئلة الآتية: لماذا جيء بسيدا إلى رئاسة المجلس؟ وما الذي يمكن أن يأتي به هذا التغيير؟ وهل لدوره فاعلية في مجال ضمّ المعارضات؟ وما الذي يمكن أن ينتج من اجتماعاته في بلد أردوغان، وهل لتصريحاته بتحميل الدولة السورية مسؤولية وقف أعمال البعثة الأممية أهمية؟
إنّ وصول عبد الباسط سيدا إلى رئاسة «مجلس اسطنبول» يعني بداية سقوطه (أي المجلس)، ولا يختلف اثنان في أنّ هذه خلطة جديدة، بين مكونات المجلس، تؤكد عدم تماسك الخطاب السياسي واضطرابا في تحديد الأهداف، وبالتالي هي محاولة يائسة لإنقاذ ما تبقى لهذا المجلس من حضور على صعيد ما يسمّى بـ «الثورة»، والتي هي في الحقيقة انقلاب على الدولة السورية بكلّ مقوماتها، وما تملكه من دور وطني وقومي.
لن تؤدي الاجتماعات التي يعقدها «المجلس الوطني السوري» إلى نتيجة، وسيفشل عبد الباسط سيدا في حصر تمثيل المعارضات في مجلسه لأنّ جزءاً كبيراً من المعارضات لا يريد الانضمام إليه، ذلك أنّ لكل معارضة امتداداتها وارتباطاتها ومرجعيّتها ومصدر تمويلها، وإجراء أيّ تغيير على هذا الصعيد لن يفضي إلى شيء، كذلك لن يستطيع لمّ شمل المعارضات السورية التي تختلف في الخلفيات والأيديولوجية، وتحديداً الأكراد منهم، ويعود ذلك إلى أسباب واعتبارات أهمها:
1 -    انّ سيدا هو الحلقة الأضعف في المجلس، ولا يعدو تعيينه رئيساً سوى كونه ناطقاً باسم المجلس لا أكثر ولا أقل.
2 -     يعمل وفق ما يمليه عليه البعض من إملاءات وأجندات خارجية.
3 -    انه جاء نتيجة الصراع القائم بين العلمانيين والإسلاميين، ووُضِع في هذا المنصب كأمر واقع يجب أن يقبل به الجميع، بعد أن أُجبر برهان غليون على تقديم استقالته.
4 -    إنه هو آخر محاولات الاتصال بين الفريقين المتنازعين (العلمانيين والإسلاميين).
أمام هذا الواقع غير المؤسف لحال «مجلس اسطنبول»، وانعدام أية قيمة فعلية أو عملية له، تصبح كلّ تصريحات سيدا بلا أهمية، خصوصاً  بعد انتهاء الاجتماع الأخير الذي عقده المجلس، حيث كرّر سيدا المعزوفة المتداولة منذ 15 شهراً: «النظام في أيامه الأخيرة». وقد ربط هذا الأمر بكون بعثة المراقبين الدوليين برئاسة الجنرال روبرت مود علقت أعمالها بسبب أعمال العنف التي تنتهجها الدولة السورية، متناسياً أن عصابات «الجيش السوري غير الحر» هي من تقوم بأعمال التخريب والعنف، وهي من أعلنت انها غير معنية بخطة المبعوث الأممي كوفي أنان، وبأنها ستصعّد أعمالها وهجماتها العسكرية ضدّ قوات الدولة السورية.
مَن يراقب تحركات المعارضات السورية في الداخل والخارج يدرك جيداً أن التطورات القادمة ستحمل إلغاءً كاملاً لمجلس اسطنبول، وهذا ما يفسّر عدم تسلم الإسلاميين رئاسته، وهم الأغلبية فيه، لأنهم يعلمون جيداً إلى أين ستذهب الأمور، وانه في حال سقوط المجلس لا يتحمّلون هم مسؤولية هذا الأمر، بل تبقى المسؤولية واقعة على الجانب العلماني فيه. وسوف نشهد في الأيام القليلة المقبلة خطاباً أكثر حدة بين العلمانيين والحزبيين والإسلاميين، وستمثل هذه الحالة نهاية مشروع ما يسمى بـ»المجلس الوطني السوري»، ولا سيما في ظلّ الحديث عن أن المعارضة السورية الوطنية الرافضة للتدخل الخارجي ستشارك في الحكومة الجديدة، التي ستقدم نموذجاً حضارياً ومتقدماً في تحمّل المسؤوليات الوطنية والقومية.

0 التعليقات:

إرسال تعليق