الاثنين، 25 يونيو 2012

حذار ممّا تحضّر له إسرائيل لتفجير الوضع في لبنان

تعيش إسرائيل أفضل مراحل تاريخها منذ تأسيسها ولغاية اليوم، بفعل الفوضى الأمنية والتخبط السياسي اللذين تعيشهما مصر وسوريا والعراق واليمن وليبيا وتونس، ولم يبق أمامها سوى لبنان، الذي مُنيت على يد شعبه وجيشه بأكبر هزيمة في تاريخها العام 2006، للوصول إلى سلمها الشامل والدائم.
وإليكم السيناريو التالي الذي تعدّه إسرائيل لتفجير الوضع في لبنان وإلحاقه سريعاً بركب البلدان العربية المذكورة: إسرائيل تعلم أن اللبنانيين عندما يختلفون على أمورهم الداخلية، يسارعون إلى استنباط الصيغ وربما الصفقات، لإنهاء تلك الخلافات من دون اللجوء إلى قوة السلاح؛ أما خلافاتهم على الخارج أو الآخر، فهي التي تتفاعل وتتفاقم وتنفجر بسبب تدخل هذا الخارج أو الآخر، مرّة بإدخال السلاح، ومرة أخرى عبر ممارسة النفوذ السياسي أو الأمني أو المالي، ومرة ثالثة عبر التدخل العسكري المباشر، فينزلق اللبنانيون إلى حروب «أهلية» عبثية، دعاها بحق المرحوم غسان تويني بـ«حروب الآخرين على أرضنا».
فعندما انقسم اللبنانيون بين حلف بغداد وثورة جمال عبد الناصر، وقعت الحرب «الأهلية» الأولى العام 1958، وعندما اختلف اللبنانيون على الموقف من الوجود الفلسطيني، وقعت الحرب «الأهلية» الثانية العام 1975، وعندما انقسم اللبنانيون حيال إسرائيل، حصل الاجتياح الإسرائيلي الذي وصل إلى أول عاصمة عربية منذ تأسيس الدولة اليهودية، واليوم يختلف اللبنانيون على ما يجري في سوريا، وقد انتظرت إسرائيل أكثر من عام لينفجر الوضع داخل لبنان، ولما طال الانتظار قررت، نعم قررت، تحريك العوامل الخارجية التي هي على تماس معه، دفعة واحدة لدفع لبنان إلى أتون حرب ستكون من أقسى وأعنف وأشرس ما شهده لبنان منذ تأسيسه ولغاية اليوم:
÷ العامل السوري موجود، ونعيشه يومياً منذ بداية الأحداث في سوريا، نعيشه في باب التبانة وبعل محسن، في عكار، في عرسال، وعلى طول الحدود الشمالية والشرقية، وأحياناً في بيروت.
÷ جرى تحريك العامل الفلسطيني.
÷ أما العامل الثالث، وهنا بيت القصيد، تستعد إسرائيل، وعلى خلفية ما يجري في سوريا، لافتعال أحداث أمنية على حدودها مع سوريا أولاً، ثم مع لبنان، تحت ذريعة حماية أمنها على الحدود الشمالية، وعندها سيرى اللبنانيون أنفسهم أمام المشهد الدموي التالي:
ـ جنوب مشتعل تحت وابل القصف والقصف المضاد.
ـ حدود شمالية وشرقية مشتعلة ومعارك ضارية بين الجيش السوري والمعارضين.
ـ مناطق داخلية مشتعلة في بعل محسن وباب التبانة وعكار والبقاع وغيرها من المناطق.
ـ مخيمات فلسطينية مشتعلة بين الجيش اللبناني والفلسطينيين.
هذا هو اللبنان الذي تريده إسرائيل خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، وهذا هو المشهد الدموي الذي تحضّر له إسرائيل منذ عام ونصف العام.
والسؤال الذي يُطرح: هل ما زال لدينا متسع من الوقت لتعطيل هذا السيناريو الإسرائيلي المخيف؟
الجواب سريعاً، نعم وألف نعم، ولكن كيف؟
÷ الانتقال سريعاً بسياسة النأي بالنفس من خانة القول إلى خانة الفعل، واعتبار ذلك قراراً حكومياً ورسمياً ملزماً للجيش ويتوجب عليه تنفيذه.
÷ تنفيذ الجيش قرار الحكومة بالنأي عن النفس بتطويق محكم للمخيمات الفلسطينية ومنطقة بعل محسن ـ باب التبانة من دون الدخول إليها.
÷ الانتشار الفعّال على الحدود الشمالية والشرقية لمنع التسلل.
÷ عقد جلسات أسبوعية لطاولة الحوار لتنظيم الخلافات لأن الوقت لم يحن بعد لحلها.
أعتقد أخيراً أننا بحاجة في هذه المرحلة الخطيرة إلى أمننة السياسة أكثر من حاجتنا إلى تسييس الأمن، لأن اللبنانيين منقسمون حتى العظم في السياسة، ولكنهم متفقون، نعم متفقون، على الأمن، لأنه الأمل الأخير، نعم الأمل الأخير، لإنقاذ لبنان.
[عميد متقاعد (مدير التوجيه في الجيش اللبناني سابقاً)
"السفير"

0 التعليقات:

إرسال تعليق