الثلاثاء، 19 يونيو 2012

"المستقبل" يمهد أرضية الشمال.. لـ"المناسبات السورية"!

لا يبشر تفلت الأوضاع الأمنية وتنقل أحداثها في غير منطقة لبنانية وآخرها في مخيمي "البارد" وعين الحلوة، باستعادة قريبة للهدوء والاستقرار. يضاعف القلق ان يعود التوتر الى المخيمات الفلسطينية. هنا تتراكم اثقال الذاكرة مع بؤس الواقع وسوء التعاطي اللبناني الرسمي مع الملف الانساني الفلسطيني، معطوفا على تفلت امني وعسكري داخل المخيمات يعززه الصراع الفلسطيني- الفلسطيني في المخيمات وعليها.. وعوامل اقليمية تبقى دائما في الحسبان..
"تشكل المخيمات الفلسطينية قنابل موقوتة على الصعيد الامني" يقول سياسي لبناني مخضرم مشيرا الى "حرص القيادات الفلسطينية على استقرار المخيمات. فهذه القيادات، مهجوسة فعلا باستتباب الاوضاع لانها لا تريد ان يدفع ابناؤها مجددا ثمن صراعات الآخرين من دمائهم. وفي هذا الاطار تعمل جاهدة على تطويق اي حادث امني ومعالجة اي خطأ كي لا تتحول المخيمات الى ساحة بريد ترسل منها وفيها وعبرها رسائل محلية واقليمية ودولية".
يتوقف السياسي نفسه عند الاتصالات التي قام بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعد فترة وجيزة من أحداث "البارد" مع قيادات لبنانية عدة أبرزها رئيس الجمهورية ميشال سليمان وواكبها القيادي الفلسطيني عزام الأحمد الذي تواصل مع قيادات فلسطينية ولبنانية، سياسية وامنية، مشددا على رفض أي مشروع لجعل الفلسطينيين في لبنان "أكياس رمل"، مؤكدا أن فصائل "منظمة التحرير الفلسطينية" مستعدة للعمل بكل ما أوتيت من امكانات من أجل السيطرة على الموقف.
تتقاطع القراءات عند عبارة "تحريك المخيمات الفلسطينية". وتعتبر مصادر "قوى 14 آذار" ان "النظام السوري يتحين المناسبات والفرص لإشعال الفتنة في لبنان. يريد أن يشغل العالم عن مجازره وارتكاباته. وان يعيد لبنان ساحة مباحة يمسك ببعض أوراقها ويفاوض عليها. بالتالي لا يمكن ان نقرأ اي تفلت او تفجير على الساحة الفلسطينية اللبنانية الا كرسائل خطت بحبر النظام السوري. فتنشئة المتطرفين وتصدير الارهابيين الى مخيمات لبنان صناعة سورية قديمة. ويستفيد النظام السوري اليوم من خلاياه التي قام بتربيتها على مدى سنين طويلة، وما تزال موصولة به من أجل اعادة احياء الفتن واعادة الماضي القبيح من الصراع الفلسطيني-اللبناني خصوصا ان وجهة العدو هي مجددا الجيش اللبناني وما يعكسه من صورة الدولة وهيبتها ومن الاستقرار والأمن والأمان".
يوافق السياسي المخضرم على جزء من هذا الكلام لكنه يشير الى "وجوب رؤية المشهد كاملا". يسترجع الاحداث الاخيرة التي حصلت في الشمال عقب توقيف شادي المولوي ومقتل الشيخين احمد عبد الواحد ومحمد مرعب. ويقول ان الشحن الطائفي الذي تلى اغتيال الشيخين، والهجوم غير المسبوق على الجيش وصولا الى الدعوة الى طرده من الشمال لا يساعدان ابدا في صد محاولات النظام السوري إيقاظ الفتنة في لبنان وفق خطاب "14 آذار".
المؤسف، يضيف السياسي المخضرم أن هذا الخطاب السياسي ترجم على الأرض من خلال تفلت الوضع في قرى عكار. "صار الناس يجدون مسلحين وملتحين ملثمين لا يعرفونهم وليسوا من أبناء المنطقة، يقطعون الطرقات ويحرقون الإطارات ولا قدرة لأحد على ردعهم. تم تناقل روايات مضخمة عن مقتل الشيخين. ووصل الأمر إلى حد تصوير أن جورج نادر، ابن القبيات الماروني، قبل ان يكون ابن المؤسسة العسكرية، قتل الشيخين السنيين. وهذا له معانيه وتداعياته الكبيرة".
كما أن ما صدر عن النائبين "المستقبليين" خالد الضاهر ومعين المرعبي من مواقف وخطابات مذهبية، عجز حتى الرئيس سعد الحريري عن التخفيف من حدته، "وهذا الخطاب يولد مناخا مشحونا بالطائفية والمذهبية والعدائية للجيش. وهو يحضّر الأرضية ليتحول اي حادث فردي او اي خطأ او سوء تصرف الى فتنة تطيح بما تبقى من استقرار في البلد" على حد تعبير السياسي نفسه.
يضيف السياسي "هذا الشحن الذي يطال ابناء الشمال ليس بعيدا عن ابناء المخيمات. لا بل يمكن اعتبار المخيمات بمثابة ارض طيبة للزرع رفضا للظلم الذي يطال "اهل السنة" بدءا من سوريا وانتهاء عند ابواب مخيم نهر البارد". ويتابع "إذا كان المخطط السوري، وفق "14 آذار" يرمي الى تفجير المخيمات والأوضاع في لبنان، فلماذا تسهم هي عن قصد او عن غير قصد في إعطاء المبررات وتحضير الأرض"؟
يستدرك السياسي المخضرم نفسه قائلا: "الخطأ في هذه المرحلة ممنوع. وليُسأل هادي حبيش عن الجهد الذي بذله لامتصاص الأوضاع والتخفيف من خوف الناس وتحديدا المسيحيين في عكار. وليُسأل لماذا كان في اليوم الثاني عند قائد الجيش العماد جان قهوجي مستفسرا ومستنكرا وساعيا إلى لملمة الأمور. وليُسأل عن مساعيه المتواصلة حتى اليوم من أجل طمأنة الناس وإقناعهم ان مواقف المرعبي والضاهر كانت نتيجة لحظة انفعال وتعبر عنهما وأنها لا تعكس رأي "تيار المستقبل "وقيادته. وليُسأل مسؤولو "المستقبل" في الشمال عن مخاوف مناصريهم وحاجتهم إلى إعادة ترميم صورتهم الرافضة للعنف والسلاح والداعية إلى دعم الدولة ومؤسساتها وفي مقدمها الجيش، والحفاظ على كل مقومات العيش المشترك والانفتاح".
يشير السياسي إلى أنه "ضمن لعبة الأمم، تحاول الدول تحقيق مكاسب وتسجيل نقاط. وسوريا دولة تلعب وفق هذه القواعد والمصالح. فإذا كان اللبنانيون حريصين على منع أي فتنة داخلية فهم قادرون على ذلك بالقليل من الوعي وتحمل المسؤولية والكثير الكثير من التواضع المفقود في معرفة الأحجام والقدرات. واقع المخيمات يحتاج إلى حلول جذرية على أكثر من مستوى وعناصر تفجيرها قائمة لكن عناصر حصر التفجير ممكنة إذا تنازلنا عن الأوهام". ويختم السياسي نفسه بطرح سؤال: "لقد حصلت حرب تابعها العالم كله بين الجيش اللبناني ومجموعات "فتح الإسلام" في مخيم نهر البارد قبل حوالي الأربع سنوات، ودمر مخيم ومحيطه اللبناني وسقط عشرات لا بل مئات القتلى والجرحى من اللبنانيين والفلسطينيين.. ويومها لم نشاهد أدنى حركة تضامن في كل مخيمات لبنان، وخاصة في عين الحلوة، فكيف نفسر أنه بعد ساعات قليلة من حادثة "البارد" انطلقت التحركات التضامنية وبشكل عنيف وموجه ضد الجيش اللبناني في مخيمات الجنوب وتحديدا في عين الحلوة".
*السفير*

0 التعليقات:

إرسال تعليق