الجمعة، 29 يونيو 2012

أحمد الأسير: "ظاهرة" صنعتها "المذهبية".. فمن يردعها؟!

حسين عاصي - خاص النشرة
بالصفة، هو "شيخ"، وبالتالي رجل دين، يفترض أن يُحترم ويُقدّر. ولكنه، بالمضمون، يكاد لا يشبه "المشايخ" بشيء. أما "الألقاب" التي أعطيت له فأكثر من أن تعدّ أو تُحصى. هو تارة "ظاهرة" وطوراً "مفتن" وبين الاثنين "ساعٍ" لدور ما في مكان ما.
لكنّ الرجل حقّق، في مدة قياسية، ما لم يكن "يحلم" به. بات اليوم أشهر من نار على علم، بل إنه صدّق أنه "زعيم"، لديه "جمهور" و"أنصار" يفدونه بحياتهم. كلّ ما يستند إليه هو خطاب "طائفي" و"مذهبي" عرّى، دون شك، الطبقة السياسية اللبنانية عن بكرة أبيها.
 
"السلفي الفزّاعة"..
"لست السلفي الفزّاعة"، يقول الشيخ أحمد الأسير عن نفسه، وهو الذي أصبح بين ليلة وضحاها "فزّاعة" بكلّ ما للكلمة من معنى، لوطن يبدو واقفًا برمّته على شفير "الهاوية". منذ بدء "سطوعه"، أصرّ الرجل على أنّه ليس "تابعًا" لأحد، حيّد نفسه عن كلّ الحركات الأخرى. أراد أن يقول أنه لا يمثّل إلا نفسه، وبالتالي لا علاقة له بالتيارات اللبنانية التقليدية، ولا رابط يربطه بالحركات السلفية الناشئة في المنطقة. هو باختصار أحمد الأسير، مطلق التيار "الأسيري" كما يفضّل البعض أن يصنّفه.
الرجل، الذي ينفي في أحاديثه الصحافية على كثرتها أن يكون لديه أيّ طموح سياسي، انطلق عمليًا بعد أحداث السابع من أيار، فكان "وليدة" ما سمّي بـ"جرح بيروت". ولذلك، لا يحلو له إلا أن يضرب على "الوتر الحسّاس"... "الفتنة". هو لا يتردّد، انطلاقاً من ذلك، بالحديث عن "اعتداءات" يتعرّض لها أبناء الطائفة السنيّة في المناطق ذات النفوذ الشيعي، والكلام له وعلى ذمّته بطبيعة الحال. وليكتمل "السيناريو"، يجاهر بالحديث عن "إهانات" يتعرّض لها "رموز" طائفته، دون أيّ حسيب أو رقيب.
ذاع صيته يوم دعا لمظاهرة ساحة الشهداء الشهيرة، دعمًا لـ"ثورة" الشعب السوري. من صيدا إلى وسط بيروت، أتى ليتوّج نفسه "نجمًا" على "عرش" الطائفة، منصّبًا نفسه "ناطقًا" باسمها، في وقت "صمت" الآخرون. رفض أن "ينأى بنفسه" عن لغة "الشارع"، أقلّه احترامًا لـ"عمامته"، فلجأ إلى تعابير ومصطلحات لطالما تفاداها اللبنانيون. تحوّل أخصامه إلى "خنازير"، بل إنه رفع "التكلفة" مع كلّ من اختلف معهم، ولم يعد يعترف لا بـ"لقب" ولا بـ"مركز". هو "السلفي الفزّاعة"، هكذا أراد أن يكون، وهكذا ساعده المجتمع الطائفي المذهبي ليكون.

حين "تواطأت" الدولة معه..
لا يمكن للدولة أن تكون "بريئة" من "ظاهرة" أحمد الأسير. بتركيبتها وهيكليتها، "تواطأت" الدولة لتجعل منه "الأسطورة". ليس ذنبها أنها "تفرّجت" فقط، بل إنها، من حيث تدري أو لا تدري، وسّعت "جناحيه" وجعلته يقدم على ما لم يكن نفسه يتوقع أنه قادر على فعله.
قبل أسبوع، قرّر الأسير أن يوسّع "حربه" التي يحلو له وصفها بـ"السلمية"، لتصبح كلمة "سلمية" تحتاج لمن "يفسّرها". انطلق من "لعبة" ناطقة بالانكليزية، اللغة التي أقرّ أنه لا يفهمها، ليقول أنها لعبة مسيئة لأهل طائفته وأنها توجّه "إهانة" للطائفة برمّتها، وأنها منتشرة في مناطق نفوذ طائفة أخرى. كلام أقل ما يقال فيه أنه "فتنوي"، لكنه قوبل بـ"صمت رسمي مدوّ"، "صمت" سمح لـ"الشيخ" بأن يذهب بعيدًا في "إهاناته". بلهجة "التحدي" ونبرة "المحارب"، تحدّث الرجل مهدّداً ومتوعّدًا. "قسمًا بالله العظيم، لن أجعلكم تنامون الليل.. وقسمًا بالله العظيم، سأجعلكم تدفعون الثمن"، قال الرجل محرّضًا ومستفزًا الشارع المقابل، منتظرًا ردّة الفعل قبل كلّ شيء.
أتت ردّة الفعل، ولكن في المكان الخاطئ. "الدولة" لم تحرّك ساكناً، على جري عادتها. فلجأ الشبّان "الغاضبون" لـ"يفشّوا خلقهم" بالاعلام. تحوّل تلفزيون "الجديد"، الذي فتح الهواء لـ"الشيخ"، إلى "الهدف"، و"تناسى" المعتدون عليه أنّهم أخطأوا "البوصلة"، وأنّ "خصمهم" يجب أن يكون من سمح للرجل بأن يفعل ما فعله، لا الاعلام، وإن أخطأ في مكان ما بـ"رفع شأنه". استفاد "الشيخ" من تصرّف "الغاضبين". حققوا له، على الأرجح دون قصد، ما أراده بالضبط: أن يصبح "حديث الناس"..
 
.. و"التواطؤ" مستمرّ!
مساء الأربعاء، كانت الحكومة اللبنانية تهلّل لانطلاقة ما أسماه وزير داخليتها بـ"الشهر الأمني". توهّمت أنّ هذا "الشهر" سيكون كفيلاً باستعادة "الثقة" المفقودة بالأجهزة الأمنية، وبأنه سيسمح بتكريس الاستقرار في الوطن. نسيت "الدولة" أن إحياء "هيبتها" يتطلب الكثير من المقوّمات والشروط التي تبدو وكأنها دخلت في "غيبوبة" لا يمكن للخروج منها أن يكون يسيرًا..
استدعت الحكومة قادة الأجهزة الأمنية، ورفعت الغطاء عن كلّ المخلّين. دخل رئيس الجمهورية نفسه على الخط حفاظاً لـ"الهيبة"، حتى أنه ردّد لثلاث مرات عبارة حاسمة وحازمة: "ممنوع قطع طريق المطار بعد اليوم". النشاط الحكومي يدفع إلى التفاؤل، دون شكّ. ولكنّه، ولـ"حظّ" هذه الحكومة "العاجزة"، تزامن مع تصعيد "أسيري" لم يكن "لا عالبال ولا عالخاطر". كانت الحكومة تضرب بيد من حديد، فيما كان "الشيخ" يعلن اعتصامًا مفتوحًا ويقطع الطريق في عاصمة الجنوب "حتى الموت"، كما قال، وسعيًا لاستعادة "شرف" قال أنّ "سلاح حزب المقاومة" سلبه من "طائفته"، وللكلمة هنا قيمتها الأدبية والمعنوية.
ليس "الحق" على "سماحة الشيخ"، إذ لا يمكن لومه و"الدولة" لم تفعل على مدى أشهر "نموّه" سوى "التفرّج"، لتجد نفسها اليوم بموقف "المتفرّج". هكذا، "عجز" وزير الداخلية، في عزّ "الشهر الأمني"، عن إيجاد طريقة لانهاء اعتصام الرجل إلا بمحاولة "الاقناع"، أو بكلام أوضح "استرضاء" الرجل "المخالِف". بهذه البساطة، كلّفت الحكومة اللبنانية محافظ الجنوب "محاولة إقناع" الرجل بفضّ اعتصامه، وإذا لم يقتنع، فبنقله لا أكثر. هي "القبضة الأمنية" التي أرادت الحكومة إثباتها للبنانيين، ليأتيها الرد "الحازم" من الأسير نفسه: الاعتصام باق حتى الموت.. وسنواجه القوى الامنية بصدورنا العارية!

عن أيّ "هيبة" تتحدّثون؟
قد يقول قائل أنّ "الدولة" تخشى الفتنة، ولذلك فهي "تصبر" و"تصبر" و"تصبر". ولكنّ الواقع أنّ "الفتنة" باتت هي "عنوان" تحرّكات أحمد الأسير، التي تتغاضى "الدولة" عنها عن سابق تصوّر وتصميم. قد يكون من الظلم تحميل هذه "الدولة" ما لا قدرة لها على تحمّله، لكن قد لا يكون من "الظلم" طرح علامات الاستفهام الجوهرية: "أيّ هيبة بقيت لدولة تسكت على من يتحدّاها في عقر دارها؟ عن أي هيبة ستتحدث الدولة وهي تسعى لارضاء وإقناع أحمد الأسير بالعدول عن مخططه "الفتنوي السلمي"؟ وعن أي هيبة تريد الدولة أن تحافظ حين تهان كرامة الأجهزة الأمنية التي يتوعّدها الأسير بالمواجهة إذا حاولت ثنيه عن مخالفاته الواضحة؟ وقبل كلّ ذلك، عن أي هيبة يتحدّثون حين يحظى من يخالف كل القوانين، عبر التحريض الطائفي وقطع الطرق، بمواكبة رسمية وحماية أمنية قلّ نظيرها؟!".

1 التعليقات:

هذا الشيطان حفيد يزيد وابوه معاوية وجدته هند لعنة الله عليه لاتولوه اى اهمية انه حقير زمانه يريد هذا الضعيف النفس والدنيئ الذى لااصل له يريد ان يوصل نفسه بالتفتيش عن اخطاء العظماء

إرسال تعليق