الأربعاء، 25 أبريل 2012

بري يقترح والتيار والقوات يوافقان

دنيز عطاالله - "جريدة السفير"
فتح ملف الانتخابات النيابية المفترضة في العام 2013. يغلفها أهل السلطة والمعارضة بعناوين براقة كالديموقراطية والتمثيل الشعبي وتداول السلطة والمحاسبة والاحتكام للناس. اما الوقائع فتؤكد انها عصارة الخطابات الطائفية والعائلية وما بينهما من اموال ورشى ووعود تبدأ بالزفت ولا تنتهي بوزارة مأمولة.
يشّرع باب الانتخابات قبل سنة من موعدها وكأن لا ملفات حياتية او اقتصادية داهمة. وكأن الصراعات السياسية فكرية ومبدئية وثقافية، في حين ان الانقسامات، لا تنخر فقط عظام الدولة، بل تطال مفاهيم الدولة ووحدتها وتضامن أبنائها.
ومع ذلك، فالبحث جار اليوم عن قانون انتخابي. والكلام في القانون يعيد خلط الاوراق. فالانقسام معلن بين اركان الحكومة ومكوناتها حول القانون الامثل.
كعادته كبّر رئيس مجلس النواب نبيه بري الحجر الذي رماه في مستنقع الانتخابات وقانونها. اقترح لبنان دائرة واحدة على قاعدة النسبية وأبقى الباب مفتوحا للنقاش.
تدخل بري أوحى للجميع بأن النقاش بدأ يأخذ منحى جديا، وإن يكن التشكيك عاليا بالوصول الى توافق حول مشروعه وطرحه.
يتفق أكثر من قيادي في «قوى 14 آذار» على توصيف اقتراح بري بـ«المناورة». ولكن لكل قراءته وتحليله. «فنحن لم نناقش الموضوع بعد. بالتالي هو قيد الدراسة والاطلاع وإبداء الرأي». ويقول مسؤول في المعارضة «ان المطروح اليوم في البلد يتوزع على حديّن متطرفين، اي بين الدوائر الصغرى والمصغّرة ولبنان دائرة واحدة. لكننا نسقط من حسابنا ان في لبنان دستورا وأن اتفاق الطائف يفترض ان يحكم اي قانون انتخابي نعتمده. بالتالي يجب ان نسير بهدوء وبما يتناسب مع نقل البلد من حالة طائفية، نشكو منها جميعا، الى حالة وطنية، آخذين بالاعتبار في الوقت نفسه الواقع الطائفي وخصوصيات البلد».
لا يقدم المسؤول حلا او مشروعا انتخابيا محددا يبلور هذه المعادلة السحرية ويعطيها ترجمة عملية. يكتفي بالتشديد على «ضرورة الا نأتي بقانون يشعر اي فريق سياسي او طائفة بأنهم مستهدفون ومطلوب تحجيمهم لان ذلك يمهد لفتن وحروب تعبنا من تكرار تجرعها».
لكن ألم يمهد «قانون الستين» المقترح لاعادة إحياء العظام الرميم لمثل هذه الحروب؟
يقول المسؤول ان تصوير فريقنا السياسي وكأنه متمسك بـ«قانون الستين» تجن لا يحمل الدقة. نحن نريد قانون انتخاب يعكس حقيقة التمثيل ويراعي الحساسيات الطائفية والمناطقية ويمكن ان نجد حلا وسطا بين قانون الستين ولبنان الدائرة الواحدة».
وعن اقتراح الرئيس بري يقول «هو اقتراح لتقطيع الوقت. فالرئيس بري يعرف ان الجملة بحد ذاتها «دائرة واحدة» توقظ كل الهواجس وتفتح المواجع خصوصا عند المسيحيين. وبالتالي امام هذا الاقتراح شياطين تفصيلية كثيرة. لكن لا بأس من محاولة اطلاق النقاش حول قانون الانتخاب وإبداء حسن النوايا في اقتراح تعديلات وتحسينات وإضافات».
وكما الحكومة ومكونات الاكثرية منقسمون على القانون الانسب كذلك المعارضة. فـ«تيار المستقبل» الذي يريد ابعاد كأس النسبية عنه، تشتهي «القوات» تجرعها على افتراض انها تمكّنها من حجز مقاعد نيابية لها في المتن وكسروان وجبيل. وهي بذلك تنزع من «التيار الوطني الحر» الاكثرية المسيحية. لكن المفارقة ان «التيار» نفسه مقتنع بأن النسبية تضيف اليه، مسيحيا ايضا، تحرره من «شبهة» نجاحه في بعض المناطق بأكثرية شيعية وازنة.
يتفق «التيار الحر» و«القوات» على ان الشق المتعلق بالنسبية في اقتراح بري «جيد». كما يتفقان على التحفظ على اعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة.
يتجنب مصدر في «التيار الحر» تفصيل القانون الامثل للبنان لكنه يؤكد «ان الاصلاح يبدأ من قانون الانتخاب. فهو يؤسس لانتخاب مجلس قد ينجح في احياء الحياة السياسية او يبقيه مجلسا مختصرا على عدد محدود من الزعماء. وسيقع على المجلس المقبل تحديدا مسؤوليات كبيرة منها انتخاب رئيس جديد للجمهورية والتأقلم مع المتغيرات الكبيرة في المنطقة. وهذه ليست تفاصيل بسيطة في يومياتنا السياسية».
ويقول سياسي مخضرم «ان كل فريق سياسي له اهدافه من قانون الانتخاب. فـ«تيار المستقبل» يريد ايصال اكبر عدد من النواب الى المجلس النيابي ليعود رئيسه سعد الحريري الى السرايا الحكومية. ويريد «التيار الوطني» ان يسمي هو رئيس الجمهورية مستندا الى اكثريته وتحالفاته. اما «القوات» فتريد وضع اليد على «القرار المسيحي» لتقول انها صاحبة الاكثرية المسيحية الفعلية. «التقدمي الاشتراكي» لا يريد له شريكا «في ملكه». «حزب الله» تمتد حساباته من تخوم الجنوب والضاحية وتمر بدمشق ولا تنتهي بطهران. فيما تريد حركة «امل» ان تضمن مشاركتها وحضورها اللذين يفوقان حجمها الفعلي». يضيف السياسي «هذا ما يريده اللاعبون الاساسيون من القانون الانتخابي وبالتالي يصبح مفهوما صعوبة التوافق على ابتكار مثل هذا القانون الذي يرضي الجميع».

0 التعليقات:

إرسال تعليق