الأحد، 29 أبريل 2012

Viber الإسرائيلي يغزو لبنان

نادين كنعان - كانشت
مضى نحو ثلاث سنوات منذ أن دخل العالم العربي، ولبنان تحديداً، في «دوّامة الهواتف الذكية» والتطبيقات الخاصة بها، وتهافت الجميع على شراء الآيفون والبلاك بري والآندرويد وغيرها. من منا لم ترُق له فكرة التواصل الدائم مع الآخرين مهما اختلفت الأمكنة والأزمنة؟ إلا أن هذا «الافتتان» بالتكنولوجيا الجديدة حرف انتباه معظم مستخدميها عن طريقة عملها والجهات التي تمتلكها وتديرها، كما تطرح إشكاليات في صميم الحرية الشخصية، ولا تبعد عن العدو الإسرائيلي أحياناً. نعم!
 «واتساب» و«سكايب» و«فرينغ» و«تانغو» و«فايبر» وغيرها، أسماء لتطبيقات (applications) خاصة بالهواتف الذكية، بمختلف أنواعها، تمكّن مستخدمها من التواصل مع من يريد إما بالصوت أو كتابةً.
تنقل المعلومات عبر خادم خاص بالشركة (server)، بحسب ما أكد مهندس الكومبيوتر، مروان طاهر، الذي شدد على أن المشكلة الأساسية في هذا النوع من البرامج تكمن في مسألة انتهاك الخصوصية، بما أنها تعمل على نقل النص أو الصوت بين الهواتف بدايةً عن طريق تخزين قائمة الأرقام المحفوظة على كل منها، ثم مطابقتها تلقائياً مع بعضها البعض. وفي بعض الحالات يمكن أن يقوم البرنامج بهذه العملية من خلال حساب مستخدم يُطلب من الشخص إنشاؤه، كما يحدث عبر «سكايب» مثلاً.
ويشير طاهر إلى أن الخطورة الفعلية تتعدى مسألة إمكانية قيام الشركات التي تدير هذه التطبيقات بتخزين المعلومات الموجودة على الهواتف ورصدها وسماعها، وإنما تتعداها إلى درجة تتبّع الهاتف نفسه وأماكن تواجده.
وعلى رغم كثرة هذه التطبيقات، إلا أن الـ«فايبر»، وهو تطبيق جديد نسبياً، تحوّل في الآونة الأخيرة إلى «مالئ الدنيا وشاغل الناس»، على الرغم من أن علامات استفهام عدة بدأت ترتسم حول كيفية عمله ومدى انتهاكه لخصوصية مستخدميه، خصوصاً أنه يستخدم حتى الآن سياسة خصوصية مغلقة (closed privacy policy)، لا يذكر فيها سوى أنه ينقل المعلومات عن طريق خادم خاص.
في هذه السياسة، تذكر الشركة أنها لا تقوم بتسجيل المعلومات لفترة طويلة، وإنما تقتصر العملية فقط على مدة التخابر، ويتم مسحها مباشرةً بعد ذلك.
وفي هذا السياق، يوضح طاهر أن الـ«فايبر» لا يأتي، في سياق بنود سياسة الخصوصية، على ذكر ما إذا كانت المعلومات التي ينقلها مشفّرة أم لا. فتشفير المعلومات يجعل من قراءتها عند تخزينها أمراً شبه مستحيل.
Viber إسرائيلي؟
تباهت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية على موقعها الإلكتروني، الناطق بالإنكليزية، في 22 شباط/فبراير الماضي، بـ «الإنجاز» الذي حققته شركة «فايبر» الإسرائيلية، إذ فاق مجموع مشتركيها في غضون 13 شهراً الـ 50 مليوناً، بمجموع أكثر من مليار دقيقة تخابر.
ولفتت الصحيفة إلى أن «فايبر» متوفّر في 193 دولة حول العالم، ويسجّل زيادة بنسبة 200,000 مستخدم جديد يومياً.
وفي السياق، تجدر الإشارة إلى أن برنامج «سكايب»، مثلاً، الخاص بالتخابر عبر الكومبيوتر والهواتف، حصد 54 مليون مستخدم بعد سنتين ونصف من انطلاقته.
وفي لبنان تحديداً، وصل عدد مستخدمي «فايبر» إلى أكثر من 300,000، على الرغم من هويته الإسرئيلية، مع العلم أن عدداً كبيراً من الأشخاص يجهل هذه الحقيقة.
مع Viber أم ضدّه؟
انقسم مستخدمو «فايبر»، ممن أصبحوا على علم بهويته الإسرائيلية، بين معارض وغير مبالٍ. سارة (31 عاماً) أزالت التطبيق عن هاتفها مباشرةً بعدما أرسل إليها أحد أصدقائها رسالة نصيّة تحتوي على رابط لمقال يفيد بأنه تطبيق إسرائيلي الهوية: «أنا لا أعتمد سياسة المقاطعة، ولكنها ليست شركة داعمة لإسرائيل بل إسرائيلية %100، فلما أدعم شركة إسرائيلية تجني الكثير من الأرباح؟».
أما حسن (32 عاماً) فاعتبر أنه بمجرّد معرفته أن الشركة إسرائيلية، لم يبقَ أمامه سوى إزالته عن هاتفه، مشدداً على أن «استخدام تطبيق إسرائيلي يوازي التعامل مع إسرائيل...لا أرى فرقاً بينهما».
في المقابل، ترفض عليا (26 عاماً) الاستغناء عن هذا التطبيق، باعتبار أن الكثير من المنتجات التي نستخدمها يومياً هي داعمة لإسرائيل «من يريد فعل أمور سرّية، من غير المنطقي أن يقوم بها عبر هاتفه الجوّال».
«ما المشكلة إذا كانت الشركة إسرائيلية؟ العديد من شركات الألبسة والسيارات والأدوات الكهربائية وغيرها إسرائيلية»، تقول ليا (22 عاماً).
من جهته، يعتبر عبد (24 عاماً) أن في الاحتفاظ بالتطبيق على هاتفه شيئاً من «التذاكي»، ففي بلدٍ يعاني مواطنوه من أغلى فواتير اتصالات في العالم «لما لا يقوم هؤلاء بالاستفادة من خدمات اتصال مجانية، حتى ولو كانت إسرائيلية؟».


لما لم يمنع في لبنان؟
أمام هذا الواقع، كان لا بد من السؤال لماذا لا يزال استخدام هذا التطبيق الإسرائيلي مسموحاً في لبنان، في ظل الزيادة الكبيرة في عدد مستخدميه اللبنانيين؟
لدى سؤال وزارة الاتصالات بوصفها الوزارة المعنية بالأمر، كان الجواب واضحاً: هذا ليس من اختصاصنا ويجب مراجعة وزارة الاقتصاد في هذا الشأن.
من جهته، يؤكد مدير «مكتب مقاطعة إسرائيل في لبنان»، هيثم بوّاب، أنه، فور تأكده من صحة المعلومات التي تفيد بأن «فايبر» تطبيق إسرائيلي، أبلغ المقر الرئيس في دمشق بالأمر، طالبين منه أن يدعو الدول الأعضاء فيه إلى اتخاذ إجراءات احترازية لتفادي تفشي استخدام العرب لهذا المنتج الإسرائيلي، إلى حين عقد المؤتمر العام، الذي كان مقرراً في دمشق، ولكنه أّجّل إلى موعد غير محدد، بسبب الأوضاع الأمنية في سوريا.
وأوضح بوّاب أن مكتب الهيئة في لبنان أبلغ وزارة الاتصالات اللبنانية بالأمر أيضاً، من أجل أن تأخذ بدورها إجراءات إحترازية، مضيفاً أنه إلى حين صدور القرار النهائي عن المؤتمر العام لا تستطيع الوزارة اتخاذ أي خطوات عملية، خصوصاً أنها الجهة الوحيدة المولجة بهذا الأمر.
كذلك، لفت بوّاب إلى أنه، بعد صدور القرار النهائي بتبني مقاطعة هذا التطبيق، سيعرض على مجلس الوزراء ليصدره ويصادق عليه، ليتم في ما بعد إبلاغ الأمن العام اللبناني ومديرية الجمارك العامة به، كما يُنشر في الجريدة الرسمية.
وختم بوّاب: «بعد ذلك ينتهي عمل الهيئة، التابعة لوزارة الاقتصاد، ويبقى التحدي أمام وزارة الاتصالات في مدى إمكانية منع استخدام «فايبر»، في ظل توفر آليات عدة للقرصنة».
يتخطى «فايبر» مسألة انتهاك الخصوصية التي تثيرها طريقة عمل كل التطبيقات التي تشبهه، مشرّعاً الباب أمام أسئلة ملحة، يجب الإجابة عنها، تتعلق بكيفية محاربة المنتجات الإسرائيلية في لبنان وبآليات المقاطعة المتبعة، وقد تصل أيضاً إلى مفهوم التطبيع، في بلد لم يعد يجد الكثير من مواطنيه مشكلة في استخدام ما هو إسرائيلي!
■ ■ ■
يبقى السؤال هل يحتفظ الخادم (server) بالمعاملات والمخابرات والكلام (Data) وإلى أي مدى يمكن توظيف ذلك في قضايا استخباراتية أو عسكرية أو حتى اختراق الخصوصيات للمستخدمين؟

0 التعليقات:

إرسال تعليق