الجمعة، 20 أبريل 2012

لهذه الأسباب قد يتأخر الحريري في العودة

يوم قرّر الرئيس سعد الحريري مغادرة لبنان، لم يكن التهّرب من المسؤوليات هو الدافع، بدءاً من إدارة دفّة تياره السياسي العريض، مروراً بالمرحلة الصعبة التي يعيشها لبنان، وصولاً إلى الدعم المعنوي الكبير الذي يعطيه حضوره لمناصريه ومؤيديه المنتشرين على مساحات الوطن.
في نهاية شهر شباط من العام الماضي، أبلغَت جهات أمنية لبنانية وخارجية رفيعة المستوى الحريري بضرورة أخذ الاحتياطات اللازمة، بعد الكشف عن خيوط لم تكن مكتملة المعالم في حينه، أدّت إلى إحباط محاولة اغتيال قد يتعرّض لها، وقد جرى التكتم عن تفاصيل هذه الخيوط وعن وجود أدلة أو قرائن في هذا الشأن.
لكن المؤكد أنّ كشف تلك الخيوط أحبط المحاولة في مهدها، ليُطلب بعدها من الحريري مغادرة البلاد حرصاً على أمنه الشخصي، إلّا أنه واجه هذا الطلب بالرفض، قائلاً: "لن أترك لبنان ودمي ليس أغلى من دماء والدي ودماء الشهداء الذين سقطوا معه وفي عهده".
في البداية، رفض الحريري مغادرة البلاد، وتقول مصادر مقرّبة منه لـ"الجمهورية" إنه تمسّك بموقفه في ذلك الحين "حتى طلب منه فريق أمنه الشخصي المغادرة لأسباب عدة، أوّلها أنه يستحيل حمايته بشكل كامل في ظل الأوضاع التي تمرّ بها البلاد، خصوصاً أن النظام السوري كان مستعداً في بداية الثورة لفعل كل ما هو ممكن لإزاحة الحريري عن الواجهة السياسية اللبنانية، لِما يمثل من دعم معنوي لأبناء المناطق المنتفضة في وجه النظام".
وتذكّر المصادر أنّه "أثناء وجود الحريري خارج البلاد، لم يترك بعض الإعلام لحظة واحدة إلّا واستغلها من اجل ملاحقته، مع العلم أننا لم نتّهم هذا الإعلام بالعمل لإلحاق الضرر بالحريري "لا سمح الله"، لكن كل هذه الأمور كانت تثير الريبة وتدعو فريقه الأمني إلى أخذ المزيد من الاحتياطات لإبقائه بعيداً عن أعين راصديه"، متوقفة في هذا الإطار عند "محاولة الاغتيال التي كانت تُحضّر منذ أشهر قليلة لاغتيال المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي ورئيس شعبة المعلومات العميد وسام الحسن عن طريق سيارتين مفخّختين، قبل أن يُصار إلى كشف المخطط".
وتجزم المصادر أنّ كل الذي حصل منذ مغادرة الحريري لبنان وصولاً إلى محاولة اغتيال رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، "يؤكد أن النظام السوري أوعزَ مجدداً إلى جماعاته الداخلية والخارجية ببدء عمليات التصفيات الجسدية في حق رموز قوى الرابع عشر من آذار وكوادرها في وقت تفصلنا سنة واحدة عن أهمّ "استحقاق انتخابي"، لافتة إلى أن "المخطط يقضي بإفراغ الساحة السياسية اللبنانية من الرموز المناهضة للنظام السوري، وتخويف الناس من الإقبال بكثافة على الانتخابات من أجل توليد حكومة سورية المنشأ على رأسها شخص "أسدي" الفكر والهوى".
وتؤكد المصادر أنّ "النظام السوري وملحقاته لن يتأخروا لحظة واحدة في حال تمكنوا من إسقاط رموز المعارضة اللبنانية، لأنّ هذا الأمر يسهّل عليهم إدارة البلاد بالشكل الذي يريدونه هم، لا أغلبية الشعب اللبناني، ومع هذا فإننا لن نعطيهم هذه الفرصة حتى لو اضطررنا إلى العودة إلى الأماكن التي كنا نحتمي فيها بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، والانتخابات المقبلة ستؤكد لهم مجدداً خيار الشعب اللبناني".
وتحذّر المصادر من أنّ "هناك معلومات شبه مؤكدة تقول إنّ النظام السوري لن يتوانى عن تنفيذ جرائم اغتيال جديدة قد تطاول بعض الشهداء الأحياء من أجل طمس الحقيقة التي ما زالوا شاهدين عليها، خصوصاً أن نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع الوطني الأسبق الياس المر أكد مراراً رؤيته الشخص الذي يعتقد أنه وراء محاولة اغتياله"، مشدداً على أنّ "النبرة السياسية المرتفعة للنظام السوري وبعض ملحقاته في لبنان ضد هذه الرموز الوطنية شبيهة جداً بتلك الحقبة التي سبقت تعرّضهم لمحاولات الاغتيال".
وعلى رغم عدم تقليص عديد عناصر القوى الأمنية في حرس الحريري، إلّا انه لا يزال المُستهدف الأول. وهنا، تشدّد المصادر على أنه "معرّض أكثر من غيره لخطر كبير في حال قرر العودة، لكنه ما دام في الخارج فهو بأمان اكثر ولا خوف على حياته".
وتضيف: "لا شيء يضطره إلى العودة خلال هذه الفترة، طالما أنه يتمتع بهذه المكانة الكبيرة لدى معظم الشعب اللبناني عموما، وداخل الطائفة السنّية خصوصاً، فلبنان ليس ساحة فِعل إنما ساحة صَدى، لأنّ الفعل هو في مكان آخر وأكبر من قدرتنا وإمكاناتنا"، معتبرة أن "العمل السياسي في هذا البلد يبقى تفصيلاً، لأنّ التحولات في المنطقة تفوق حجم أي عمل سياسي عندنا".
وتختم المصادر بالقول إن وضع النظام في سوريا "يشبه إلى حد ما الدجاجة المذبوحة التي تتخبط في الهواء وعلى الأرض، وهو مستعد لأن يأخذ كل ما يوجد في طريقه ظنّاً منه أنّها قد تعيد إليه الحياة، متناسياً أن هذا التخبّط هو نتيجة دنو أجله فقط لا غير، وبالتالي فإن المطلوب من كل القوى الوطنية تمرير هذا الوقت المتبقي بأقل الأضرار الممكنة". 
*الجمهورية*

0 التعليقات:

إرسال تعليق