الأربعاء، 29 فبراير 2012

وزير الصحة العامة علي حسن خليل : مستشفى الحريري الجامعي أكبر من خصوصياتنا الحزبية وسأخصص مساهمة بقيمة مليار ونصف المليار ليكون في إحتياط المستشفى

عقد وزير الصحة العامة علي حسن خليل مؤتمرا صحافيا في مستشفى رفيق الحريري الجامعي، تحول الى لقاء جامع خصص لعرض أوضاع المستشفى والاجراءات التي باشرت وزارة الصحة باتخاذها وتلك التي ستتخذها على المستويات المالية والادارية فيها في ضوء التقرير الذي أعدته اللجنة الفنية التي عهد اليها خليل درس حال المستشفى وإبداء التوصيات بشأنها. حضر اللقاء رئيس لجنة الصحة النيابية الدكتور عاطف مجدلاني، مدير المستشفى الدكتور نسيم الوزان، أعضاء من الجسمين الطبي والتمريضي، إضافة الى مندوبين اداريين.

بداية كلمة للوزان شكر فيها لوزير الصحة "جهوده في تأمين سلفة خزينة عاجلة ليتجاوز المستشفى ازمته الحالية".

خليل
ثم تحدث خليل فقال: "أردت أن يكون هذا اللقاء لقاء مكاشفة ومصارحة حول وضع واحد من أهم المستشفيات الحكومية في لبنان، فمستشفى رفيق الحريري الجامعي هو واحد من طموحات اللبنانيين بوجود مركز يشكل مرجعا صحيا وطبيا في لبنان عموما وليس فقط على مستوى بيروت، صرحا يلعب دوررا على مستوى المنطقة العربية ككل، ويشكل ركيزة وقاعدة لخريطتنا الصحية".

أضاف: "نريد من هذا اللقاء أن يشكل لقاء مصارحة لوضع خريطة طريق معا ليكون للانطلاق نحو وضع أفضل للمستشفى على المديين القريب والبعيد. لذا علينا أن نحسم أن هذه المستشفى يجب أن يبقى ويستمر في أداء دوره ليس فقط كما هو قائم حاليا، بل أن يتطور نحو الأفضل على كل المستويات، اداريا وماليا وتقنيا وعلى مستوى الخدمات الطبية التي يفترض أن يؤمنها. وأن كل الجدل الذي يأخذ في بعض الأحيان طابعا سياسيا أو خاصا يجب أن يقفل في هذا المستشفى لصالح أن بقاءه هو ضرورة وطنية أكبر من كل خصوصياتنا الحزبية والطائفية والمناطقية والمصلحية، ومن يفكر خلاف ذلك يكون واهما ومشاركا بجريمة ضرب هذا المستشفى".

وتابع: "هناك اليوم واقع علينا مصارحة بعضنا البعض بشأنه، وهو أن هذه المستشفى يقدم خدمات كبرى على مستوى ما تقدمه الدولة ككل في لبنان، وقد تطور وضع الخدمات الصحية في المستشفى منذ إنشائه حتى الآن بشكل سريع جدا، بدأ سنة 2005 باستقبال 4454 مريضا ليصل في العام 2011 ليستقبل 26943 مريضا في قسم الاستشفاء، وهذا تطور يعد كبيرا وكان يتضاعف كل عام ما يدل على ثقة الناس بالمستشفى الحكومي، وعلى الخدمات التي يقدمها بكلفة أقل، وعلى التسهيلات التي يفترض أن يجدها الناس في مستشفى يؤدي خدمة عامة ويتبع لمسؤولية الوزارة. وهذا المستشفى الذي يضم كل الاختصاصات قد وفر تغطية للكثير من الاحتياجات المستعصية والصعبة بالمقارنة مع ما تقدمه مستشفيات حكومية أو خاصة أخرى. وقد بدأ هذه المستشفى بسقف مالي محدود الى أن وصل في العام 2011 الى سقف مالي معقول أي 34 مليار ليرة سنويا".

واردف: "المقصود انه من أصل ال 26943 مريضا، هنالك 80% منهم تلقوا العلاج على نفقة وزارة الصحة. وأن المعدل الذي تبلغه حالات الاستشفاء التي يستقبلها المستشفى على نفقة وزارة الصحة يتراوح بين 75% و80% ويشكل هذا المعدل نسبة كبيرة بالمقارنة مع ما تقدمه المستشفيات الأخرى في لبنان". وبعدما عرض لأرقام ونسب لمرضى تم استقبالهم في مستشفى بيروت الحكومي، اعتبر أنها "إشارة الى أن ما يقوم به العاملون في المستشفى هو عمل مهم جدا على صعيد تغطية مساحة احتياجات مناطق لبنان كافة من الاستشفاء".

وشدد على أنه "رغم كل ذلك، فلا يعني أن علينا ألا نقارب المواضيع بكثير من الشفافية والوضوح". وقال: حسما لكل النقاش فقد شكلنا في زارة الصحة لجنة أعدت تقريرا حول واقع المستشفى واقترحت مجموعة من التوصيات للبناء عليها في رسم خطة مستقبلية لتطوير واقع هذا المستشفى ومعالجة الخلل الذي يشوبه. وقد شملت الملفات التي تمت دراستها، الواقع الاداري والقانوني، الموارد البشرية، الملف الطبي والملف الهندسي للمعدات الطبية، نظم المعلومات والوضع المالي للمستشفى، وقد أصبح هذا التقرير في عهدة رئيسي الجمهورية والحكومة وسيكون موضع نقاش في أقرب فرصة على جدول أعمال مجلس الوزراء بالتنسيق مع لجنة الصحة النيابية".

الملف الاداري
وتناول خليل الملف الاداري فأكد "أننا خطونا على هذا الصعيد، فنحن بحاجة لإعادة تجديد نهائي للمستشفى، وإعداد برنامج يتوافق مع هذا الدور ومع دور المستشفيات الحكومية كما تراه وزارة الصحة في خطتها المستقبلية. وهذا الدور نراه مركزيا ومرجعيا ويشكل الارتكاز الاساسي لكل عمل المستشفيات الحكومية ويعتمد كمرجع أساسي في نظام الاحالة الذي سنقترحه كجزء من خطة الضمان والتغطية الصحية الشاملة اللبنانية لكل اللبنانيين. وعليه سيصار الى إجراء مسح الوضع الحالي لهيكلية مستشفى بيروت الحكومي، وبناء هيكلية جديدة واعتماد آليات ملائمة لإدارة مستشفى بمستوى تعليمي جامعي. وعلى هذا الصعيد هناك اقتراح رفع الى إدارة الأبحاث والتوجيه والى مجلس الخدمة المدنية بإعادة النظر بكل الهيكل الاداري لمستشفى بيروت الحكومي مع مجلس الادارة وملاحظات وزارة الصحة، ويدرس اليوم كي نخرج بهيكل جديد. كما قمنا بمراسلة مجلس الخدمة المدنية لتسوية أوضاع المتعاقدين والمستخدمين تحت عناوين شراء الخدمة في هذا المستشفى".

اضاف: "علينا أن نقول الأمور بصراحة، لدينا على المستوى الاداري 1050 مستخدما ومتعاقدا وهي نسبة معقولة في مستشفى يعمل ب 400 سرير، لكن هناك عدم ضبط لعمل هؤلاء الموظفين إن على مستوى التدقيق في ضبط الدوام وفي مستوى الحضور والفاعلية وعلى مستوى الأدوار المنوطة بالموظفين والمستخدمين في هذا المستشفى، هناك تضخم في بعض الادارات ونقص في إدارات أخرى، ولا يجوز أن يستمر الخلل القائم في هذا المجال. نحن لدينا اليوم 593 موظفا خضعوا لمباريات لدى مجلس الخدمة المدنية، لكن الى جانبهم هناك 485 عاملا مسجلا تحت عنوان شراء خدمة، وتصحيح الخلل يطمئن القلقين على وضعهم أولا ويحول دون تشكيلهم عملية ضغط على المستشفى ثانيا. فنحن نريد أن ننتهي من فكرة أنه كل يوم يمكن تعطيل المستشفى، وهذا لا يصح لمصلحة المستشفى ولمصلحة العاملين المعنيين مباشرة".

وتابع: "المستشفى بحاجة الى إعادة هيكلة وحسم وبت ما يتعلق بموضوع الموظفين، فالموظف المستعد للعمل وتحمل مسؤولياته، من واجبنا أن نبحث عن تأمين مصادر تمويل لقاء خدماته، لكن من يريد أن يفتتح نظاما على حسابه أو يتلكأ عن القيام بواجبه في العمل ولا نسمع صوته الى حين يتأخر الراتب سيحاسب وسيقال له أن هذه المسألة ستقفل نهائيا. ويجب البت في كل الكلام والاتهامات السائدة في المستشفى. شخصيا لقد سمعت الكثير وغيري كذلك، ففي كل موسم يحصل إشكال أو أضراب يبدأ البعض رمي كلام في أكثر من اتجاه، وأود اليوم أن أقول أني خاطبت التفتيش المركزي بشكل واضح وأرفقت بمراسلتي كل الكلام الذي صدر سواء بشكل مباشر عبر محطات التلفزة أو مرسل بتقارير مجهولة الهوية أو معلومة الهوية، وكل من عبر عن موقف يتحمل مسؤوليته ومن يدان على المستوى المالي أو الاداري ممنوع ومن غير المسموح لأحد أن يغطيه فهذه مسألة يجب أن ننتهي منها بشكل كامل وأن يتحمل الجميع مسؤولياته. ومن لديه ما يقوله في هذا الموضوع مهما كان موقعه من مدير أو رئيس مجلس ادارة او رئيس قسم أو موظف عليه ان يودعه التفتيش المركزي الذي فتح هذا الملف لنقفل النقاش بشكل نهائي، لانه لا يصح في هذا المستشفى ان نستمر نرمي بعضنا البعض عن بعد وألا نحسم بشكل قاطع في هذا المجال".

وأوضح خليل أن "المستشفى بحاجة الى اعتماد نظام معلوماتية كامل وجديد يتحدد فيه مخطط عمل واضح، فوفق التقارير أن جزءا من نظم المعلوماتية وهو جزء أساسي لم يتم استلامه بشكل رسمي منذ إنشاء المستشفى الى اليوم، ما يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول كيف كانت الأمور تسير على هذا الصعيد، ولا يجوز أبدا أن نتغاضى او نغطي هذا الأمر".

الملف المالي
وفي الموضوع المالي قال: "نحن اليوم نعالج تراكمات سابقة وقع جراءها المستشفى بعجز مالي قدره 62 مليار ليرة لبنانية عن الأعوام 2007 و 2008 و2009 و2010 ما يعني أننا نطرح مشكلة ونعالجها لها علاقة بمرحلة سابقة. لكن لا يمكنني إلا أن أقول ان المسؤولية والحكم استمرار وواجباتنا أن نسعى ونفتش عن صيغة لحل هذه القضية. وفي مقابل العجز الذي بلغ 62 مليار ليرة نتيجة تراكمات سابقة للمستشفى على وزارة الصحة أو على مؤسسات ضامنة حكومية أخرى، هناك 65 مليار ليرة لبنانية دفعت كسلف للمستشفى، لكني مع إدارة المستشفى أوافق أنه لم يلحظ خلال الفترة الماضية مساهمات تشغيلية للمستشفى حتى ينطلق ويقوم بالدور المطلوب منه كمستشفى مرجعي جامعي، ولم تعط لمجلس الادارة مساهمات مالية كبيرة كي يهتم أولا بموضوع الصيانة التي هي ضرورية جدا لهذا المرفق لجهة التطوير وليستوعب أي تحديات أو إشكالات طارئة يمكن أن يواجهها على مستوى عمل المستشفى. لكن المعالجة الدقيقة لذلك تستدعي خطة واضحة ومدروسة".

أضاف: "لقد أنجزنا في العام 2011 تسديد كامل المتوجبات المالية للمستشفى على الوزارة، وأن التدقيق في مالية الشهرين الأخيرين من هذا العام قد انجز وستكون بتصرف المستشفى خلال اليومين المقبلين وبذلك نكون قد أقفلنا ملف هذا العام، وتم تأمين أربعة مليارات ليرة لبنانية إضافية. كما تم تأمين سلفة بقيمة ستة مليارات ذهب جزء منها كمستحقات للموظفين، ووزع الجزء الآخر وفق أولويات وضعها مجلس الادارة للشركات الموردة. وقد رفعت كتابا لمجلس الوزراء طلبت فيه إعطاء الأولوية للمصالحات المتعلقة بمتأخرات مستشفى بيروت الحكومي والبالغة 62 مليار كي نقفل باب المتوجبات إزاء الموردين وفق تسويات بمبالغ ربما أقل مما هو قائم بنسب كبيرة بغية الافادة من توظيف المتبقي في عملية تطوير المستشفى، وأعتقد أن هناك تجاوبا من قبل رئيس مجلس الوزراء على هذا الصعيد".

وتابع: "كما أني تعهدت أمام لجنة الصحة، واليوم أكرر أنني سأخصص مساهمة مباشرة من وزارة الصحة لمستشفى بيروت الحكومي بقيمة مليار ونصف مليار ليرة لبنانية ليكون من ضمن احتياطي المستشفى لسد بعض المسائل التي يرونها مفيدة وتتعلق بتحسن وتطوير أداء المستشفى".

وتوجه الى الموردين بالقول: "إن مسؤوليتهم الوطنية كما مسؤوليتنا أن تستمروا بتوريد المواد الضرورية للمستشفى خصوصا أنه سدد نسبة من المستحقات على أن يدفع نسب أخرى، ونحن بصدد تسوية المصالحات بشأن ما تبقى، ولا يعتقدن أحد أن بإمكانه حشرنا والضغط علينا".

أضاف: "سبق وأعلنا أنه في الشهر الأول من العام الحالي سنكون أمام وضع إداري جديد في المستشفى، وعلينا إما تثبيت مجلس الادارة أو إجراء تعديلات عليه أو تغييره، لكن في كل الأحوال يجب ان يحسم هذا الأمر بشكل نهائي. بمعنى تعيين مجلس ادارة باعتبار أن المجلس الحالي يتابع العمل بحكم الاستمرارية بعدما انتهت ولايته منذ فترة طويلة، لذا يجب أن يعين مجلس إدارة جديد أو يثبت من يجب تثبيته من مجلس الادارة والانطلاق في إطار خطة عمل. واليوم أتعهد أن تكون هذه الخطوة أمام مجلس الوزراء في خلال خمسة عشر يوما، لكن علينا جميعا أن نضغط باتجاه ألا يعرقل الواقع السياسي خطواتنا إزاء هذا التعيين. وشخصيا أقول انني لن أخضع للاعتبارات لا السياسية ولا الحزبية ولا الطائفية ولا المصلحية في مسألة اختيار من سيكون في هذه المواقع".

وتابع: "يجب أن تأخذ إدارة المستشفى الحالية أو تلك التي ستشكل بالتوصيات التي حددت لتطوير واقع المستشفى والتي تتضمن عناوين عامة كتوصيات طارئة تتعلق بدور الجهاز الطبي، وضع الاجراءات الصارمة، العقود مع الادارة، تنظيم العقود الخاصة، دفاتر الشروط للحاجيات، الموازنة السنوية، السقف المالي، السلف، الحلول لمرضى الاقامات الطويلة، تغطية المرضى الأجانب، المحاسبة، المراقبة، الآليات لضبط الموازنة، التدقيق الاداري والمالي.. وبكل التفاصيل التي على علاقة بالمستشفى".

وقال: "لأن المستشفى أنشىء ليكون جامعيا، سندفع باتجاه تجديد العقد مع الجامعة اللبنانية التي باستطاعتها تأمين مساهمة تساعد على تشغيل المستشفى على غرار ما هو قائم في مستشفى بعبدا الحكومي. والجامعة اللبنانية بحاجة لأن تلعب دورا على مستوى الادارة الأكاديمية والطبية في مستشفى بيروت الحكومي، وهناك مسودة عقد تدرس وستدرس مع إدارة المستشفى ومع الجامعة الللبنانية لتنظيم وتحديث هذه العلاقة ودورها. لا يعني هذا الأمر على الاطلاق أن نقفل باب التعاون مع الجامعات الأخرى الخاصة، فالتعاون معها يجب أن يبقى ويتوسع وإن كانت الأولوية تبقى للجامعة اللبنانية الجامعة الأم التي تشكل مستشفى الشهيد رفيق الحريري الحكومي ركيزتها وأساسها".

وأشار خليل الى أنه على مستوى البناء والتجهيزات قد وجه كتابين الى مجلس الوزراء "الأول يطلب فيه تكليف مجلس الانماء والاعمار أو أي جهة أخرى إعداد دراسة شاملة للمباني والمنشآت وفق الاحتياجات المطلوبة لتأهيلها، والثاني لطلب تخصيص مساهمات لإعادة تأهيل وتجديد وتطوير كل المعدات الطبية وتحديثها في المستشفى بما يتلاءم مع التطورات الحاصلة المرحلة الماضية"، لافتا الى "ملاحظات تسجلها الوزارة وتتعلق بالجهات المشغلة سواء في أعمال الصيانة أو التنظيف وغيرها، للتحلي بالمسؤولية وتتحمل المسؤولية أيضا عن الأخطاء والخسائر التي أوقعتها في منشآت المستشفى".

وختم واضعا تقرير اللجنة الفنية بعهدة لجنة الصحة النيابية الى جانب وضعه بعهدة رئيسي الجمهورية والحكومة ومجلس الوزراء، وكذلك التقرير الذي وضعه المستشفى بحيث سيشكلان موضع نقاش حتى يتم إقرار الكثير من التوصيات الواردة فيهما، مشيرا الى أن "المستشفى وخلال السنوات القليلة من عمله سجل استقبال 111 ألف حالة استشفاء، بينهم 82 ألف حالة على نفقة وزارة الصحة، عدا الحالات غير الاستشفائية والتي تصل الى حدود المليون حالة". وشدد على أن "مستشفى بيروت الحكومي باق ويجب أن يصحح الخلل وأن تؤمن إمكانات استمراره على المستوى المالي، وأن يواكب هذا الأمر مع التفعيل الاداري والتطويري التجهيزي والخدماتي".
مجدلاني
وكان مجدلاني بصفته رئيسا للجنة الصحة النيابية، أكد "أهمية تفعيل عمل المستشفى وتطويره وتوفير كل احتياجاته"، مشيدا ب"الدور الذي يؤديه والذي أراده الرئيس الشهيد رفيق الحريري مستشفى مركزيا ونموذجيا يليق ببيروت ويخدم اللبنانيين، كل اللبنانيين".

0 التعليقات:

إرسال تعليق