السبت، 21 يوليو 2012

طبق الفتوش : للميسورين فقط


لا يبدو أن سعر الخضار في سوق الخميس في بنت جبيل أفضل حالاً من سعرها في المحال التجارية الصغيرة. ففي المكانين، الأسعار «طايرة». والسبب؟ شهر رمضان الذي ينذر بمزيد من الارتفاع… كلما ازداد عمراً
سيراً على الأقدام، تحت أشعة الشمس الحارقة، مشت ربات المنازل من بلداتهن البعيدة إلى سوق الخميس في بنت جبيل. الأخير عجّ أول من أمس بالهاربين من الأسعار في المحالّ التجارية في قراهم، التي «طارت» قبل أيامٍ من حلول شهر رمضان.
تركن بيوتهن وبسطات محالهن القريبة والمتنوعة، قاصدات بسطات الخضار في السوق المركزي، لشراء ما تيسّر لهنّ من حاجات المائدة الرمضانية، على اعتبار أن أسعار السوق ـــ كما درجت العادة ـــ أقل من أسعار المحالّ التجارية المنتشرة في القرى والبلدات. لكن، المفاجأة كانت بانتظارهن. فارتفاع أسعار الخضار في السوق «كان بوتيرة حرارة الطقس نفسها»، تقول ابنة بلدة عيناتا نعمة خنافر. السيدة التي مشت في طريق طويلة كي تشتري حاجاتها بسعر مقبول، عادت «بلا ولا شي». تقول بحسرة: «بهذه الأسعار، لا يمكن الأسرة الفقيرة أن تواجه؛ فالأولاد بحاجة إلى الطعام والترفيه، وهذا لا يتوافر في ظلّ الغلاء الفاحش». تتابع مفندة سعر «طبق الفتوش»: «يعني سعر الخسّة الواحدة ألفا ليرة، وسعر ربطة البقدونس بألف والبقلة بألف…». ولأن الأسعار «نار»، تقول خنافر إن «بعض الأهالي اضطروا إلى قصد سوق الجملة للخضار في مدينة صور، علّهم يوفرون بعض المال على أنفسهم». لكن، حتى التفكير بالذهاب إلى صور «يكلّف المال، فمعظم الفقراء هنا لا يستطيعون استئجار السيارات لقصد مدينة صور»، تضيف. وحتى لو تمكنوا من ذلك، فشراء الخضار بالجملة «يعني ضرورة وجود الكهرباء للحفاظ عليها بالبرادات، وهذا أمر غير ممكن أيضاً».
نار أسعار وكهرباء مفقودة. كل هذا يحتّم على بعض العائلات التفكير «بالتقنين في الإفطار»، تتابع خنافر. وإذ تندد باستغلال التجار للموسم الرمضاني، تجري مقارنة بين أسعار الخضار ما قبل رمضان وأسعارها اليوم، فتقول: «كان كيلو البندورة بـ500 ليرة وأصبح بـ1500 ليرة والحامض كان 1500 وطار لـ3000». وبهذه الأسعار، يصبح «سعر صحن الفتوش لفرد واحد 10000 ليرة لبنانية»، تقول أم رائف العلي من بلدة شقرا. وعلى هذا الأساس، «فصاحب الأسرة الكبيرة سيدفع من 20 إلى 30 ألف ليرة يومياً بدل الخضار فقط، فضلاً عن اللحوم والحلويات والمشروبات الرمضانية الأخرى». لهذا، تعتقد أم رائف أن «غالبية العائلات ستمتنع عن بدء إفطارها بالفتوش والتبولة كما كانت تفعل سابقاً».
أما تاجر الخضار أبو تيمور، فينذر بـ«ارتفاع الأسعار أكثر في الأيام المقبلة، نظراً إلى تصدير كميات كبيرة من الخضار إلى سوريا، وخصوصاً الحامض الذي يكاد ينقرض من السوق». وبلا شك، «سيشكل هذا عبئاً كبيراً على الأهالي الذين يحتاجون إليه في رمضان، فسعر الكيلو الواحد لا يقل عن 3000 ليرة، وكذلك حال باقي الخضار». وإن كان أبو تيمور موقناً أن «الأهالي سيضطرون إلى شراء الخضار»، إلا أنهم «سيشترونها بكميات قليلة جداً، أي حاجة يومهم فقط، نظراً إلى قلّة المال لديهم وانقطاع التيار الكهربائي»، يضيف أحد الشارين من محل أبو تيمور.
أما سعر الفاكهة، فحدّث ولا حرج؛ «فهي وإن كانت أسعارها مرتفعة، إلا أن بعضها منقرض من السوق؛ فالموز اللبناني لا أثر له، نظراً إلى تصديره إلى الخارج، وحلّ مكانه الموز الصومالي الذي أصبح الكيلو الواحد منه بـ2500 ليرة»، يختم أبو تيمور.
الاخبار

0 التعليقات:

إرسال تعليق