السبت، 28 يوليو 2012

الأمن المتنقل إلى الواجهة من جديد بين طرابلس وصيدا وعاصمة الجنوب تتوحد


 أنطوان الحايك - مقالات النشرة
في وقت استطاعت "ظاهرة" أحمد الأسير في جمع ما فرقته السياسة والانتخابات بين تيار "المستقبل" و"التنظيم الشعبي الناصري" في صيدا، عاد الامن المتنقل بين عاصمتي الشمال والجنوب إلى الواجهة بعد موجة من الاضطرابات في صيدا، وجولة جديدة من القتال بين بعل محسن وباب التبانة في طرابلس، وذلك في تزامن لافت مع تصاعد حدة المواجهات في سوريا، ما دفع بمصادر امنية وسياسية رفيعة إلى طرح اكثر من علامة استفهام حول مستقبل الوضع الامني في البلاد، بظل تسارع وتيرة الاحداث في المنطقة عموما ولبنان خصوصا.
واذا كان الحدث الامني جاء من طرابلس، حيث تجددت الاشتباكات بالرغم من انتشار الجيش في المدينة، بما يثبت ان القرار الاقليمي والدولي يميل بشكل واضح باتجاه ابقاء المدينة الاقرب إلى الحدود السورية على كف عفريت التطورات، وتحويلها إلى ساحة صراعات من جهة، وإلى صندوق بريد من جهة ثانية، فان الخطوة السياسية الصيداوية هي التي شكلت المفاجأة، لاسيما ان تيار "المستقبل" لم يكن بوارد المصالحة مع النائب السابق اسامة سعد لعدة اسباب يختصرها قيادي صيداوي بقوله ان سعد يأخذ على النائب بهية الحريري دعمها المطلق لتيارات سلفية واصولية منتشرة خصوصا في حي التعمير المتاخم لمخيم عين الحلوة، فضلا عن وقوفها إلى جانب تلك التيارات في صراعاتها الداخلية على خلفية دعمها ضد منظمة التحرير الفلسطينية التي يؤيدها التنظيم الشعبي الناصري بشكل مطلق، ويتلاقي معها في الكثير من التقاطعات، فضلا عن اتهامه التيار الازرق بفرض هيمنته على المدينة من خلال صناديق المال المفتوحة لانصار سعد، ناهيك عن تنفيذ "المستقبل" خطة القضم السياسي والمعنوي ضد التيار الصيداوي المعروف منذ ستينات القرن الماضي.
غير أنّ هذه الاسباب لم تحل دون لقاء الحريري – سعد باعتبار ان الفريقين المعنيين بالشأن الصيداوي الداخلي اسشتعرا بالخطر الداهم، لاسيما ان اهل المدينة وسكانها يعرفون جيدا أنّ أحمد الاسير هو صناعة حريرية بامتياز، نظرا للعلاقات الوطيدة التي تجمعه بالتيار الازرق وبقياداته، على حدّ تعبير المصدر الصيداوي. إلا ان تطورات المنطقة الدراماتيكية وبعض الارتباطات الخارجية على غرار التمويل القطري المستجد للاسير دفعت بالاخير إلى الخروج عن السيطرة، واللجوء إلى تكوين حالة تفرض نفسها على المدينة من جهة، والدخول على خط التوتر السني – الشيعي انطلاقا من المدينة التي تعتبر عن حق مدخل الجنوب الشيعي، والممر الاستراتيجي للمقاومة، وبالتالي خدمة مشروع الفتنة السنية الشيعية التي يحاول الجميع تلافيها بالرغم من اجواء التوتر المتصاعد بين السنية السياسية والثنائية الشيعية التي بدأت تتوجس فعلا بعد عجز السلطات المحلية عن انهاء اعتصام الاسير الذي يتخذ ابعادا جديدة.
في الموازاة، لا تستبعد المصادر ان تكون شرارة الانفجار الليلي في مدينة طرابلس انطلقت هذه المرة من صيدا، ومن مخيم الاعتصام تحديدا، لاسيما ان مصدر تمويل الحركة الاسيرية والتنظيمات الطرابلسية هو واحد بحسب ما يجزم المصدر عينه، وبالتالي فان توسيع دائرة التوتر جاء بالتزامن الكامل مع اتساع رقعة المواجهات في سوريا وضيق هامش الحراك الامني امام المعارضة السورية، وهذا لم يأت من الفراغ او العدم، بل اشارة واضحة إلى امكانية نقل الصراع إلى لبنان انطلاقا من صيدا مرورا بمخيماتها وليس انتهاء بطرابلس انما على امتداد المساحات المتوفرة.

0 التعليقات:

إرسال تعليق