السبت، 28 يوليو 2012

الجمهورية : لماذا لم تُضبَط حالة الأسير حتى الآن؟


لا يمكن تجاهل الظاهرة الاستثنائية الناشئة في الوسط السنّي في لبنان المتمثّلة بالشيخ أحمد الأسير التي تطرح في الأوساط السياسيّة أكثر من علامة استفهام حول تطوّرها في مدّة قياسية.
شكّل الأسير حالة مشاكسة لـ"حزب الله"، خصوصًا أنّ إمام مسجد بلال بن رباح أطلق كلاماً وصل إلى حدوده القصوى من الصراحة والجرأة والمتفلّت من كلّ الضوابط.
حسب معلومات أمنية، فإنّ الهدف الأساسي من تحرّكات الأسير في صيدا هو جرّ حزب الله إلى فتنة سنيّة - شيعية وهذا ما لا يريده أهل صيدا منذ البداية، وعلى هذا الأساس فإنّ المدينة ذاهبة إلى إضراب عام ضدّ هذه الظاهرة يوم الاثنين المقبل، والنائب بهية الحريري موافقة على هذا الإضراب ومقتنعة به في ضوء ما سمعته من الأجهزة الأمنية من كلام مفاده أنّ استمرار الوضع على هذا النحو يمكن أن يؤدّي إلى إراقة الدماء، خصوصاً أنّه بات في جعبة الأسير كميّة كبيرة من السلاح.
وهنا يطرح السؤال، ماذا فعل وزير الداخلية مروان شربل الذي وعد بضبط تحرّكات الأسير عبر القنوات الديبلوماسيّة؟ وماذا ينتظر أن يحصل في صيدا لكي يتّخذ قراره؟
وما هي أصلاً كلفة الاعتصام؟ ولماذا لم يلجأ حتى الآن إلى استخدام إطفائية ماء وخراطيم المياه إلى جانب فرقة مكافحة الشغب على غرار ما يحصل في الدول الحضارية؟ فإذا كان الهدف من عدم ضبط الوضع هو المصالح الانتخابية، فإنّ هذا التصرّف يؤذي المستقبل السياسي لوزير الداخلية.
وتفيد المعلومات أنّ «التنظيم الشعبي الناصري» عمد خطأ إلى ضرب عنصر من جمعية «الاستجابة» التي يرأسها نديم حجازي، ما دفع نحو 100 شاب من هذه الجمعية إلى الاستنفار، فسارع الجيش إلى ضبط الوضع مانعاً حصول أيّ احتكاك قد يُحدث فتنة مذهبيّة.
وحسب المعلومات نفسها، باتت لدى جماعة الأسير خيم مزوّدة بمراحيض ومزنّرة بأسلاك شائكة وأسلحة رشّاشة من نوع «كلاشينكوف» ومسدّسات، وعصي كهربائية تُستخدم أثناء التظاهر، ما نبّه إلى وجود مخطّط كبير وخطير لدى هذه الجماعة، وفي ضوء هذا الواقع اجتمع مجلس الأمن الفرعي في الجنوب مصدراً إنذاراً أخيراً للمعتصمين، وداعياً وزير الداخلية إلى طرح الموضوع في مجلس الوزراء.
وتتخوّف الأجهزة الأمنية من ارتداد هذا التحرّك الخطير على الوضع الأمني في المخيّمات الفلسطينيّة، لا سيّما مخيّم عين الحلوة الذي يبدو أنّ هناك جماعات فيه مستعدّة للوقوف إلى جانب الأسير، ما يعني أنّ انفجار الوضع في صيدا إذا حصل سيؤدّي إلى اشتعال جبهة عين الحلوة.
وحسب مصادر ديبلوماسية عربية، فإنّ قطر هي الداعمة الأساسية لتحرّك الأسير حتى الآن، ولا يقف الموضوع عند هذا الحدّ، بل إنّ القوى السياسيّة في الحكومة المعنية بملف الأسير تتعرّض لضغط قطري مشفوع بتحذير من الاقتراب منه، ولعلّ عدم ضبط حالة الأسير منذ الشرارة الأولى لانطلاقها وعدم تحسّب نتائجها وسلبياتها على المجتمع الصيداوي أوّلاً واللبناني ثانياً، هو خير دليل على أنّ جهات سياسية غريبة تدعم هذا التحرّك الذي يُهدّد بإدخال لبنان في حرب طائفية ومذهبية إذا لم يوضع حدّ له.
بدوره نفى الأسير لـ"الجمهورية" أن يكون «على صلة بأيّ مسؤول خليجي»، مؤكّداً أنّه «يرفض الدعم من أيّ جهة خارجية».
وعلّق على قرار الإضراب العام في صيدا، فقال: «أكثر ما يمكن أن يفعله الخصوم هو «الزعرنات» وإقفال الطرق، وبالتالي لن يكون للإضراب أيّ نتيجة، وإنّي أؤيده لكي ينكشف مَن مع الإضراب في صيدا ومنّ ضدّه». واعتبر أنّ تحرّكه «ليس خارجاً عن المألوف، بل على العكس يعبّر عن رأي جهة رافضة لمنطق السلاح»، مؤكّداً «أنّ غالبية تجّار صيدا تؤيّد تحرّكاته، والإعلام هنا لا يضطلع بدور إيجابي، بل يساهم في التعتيم على الحقائق».
ورداّ على الأصوات التي دعته لنقل الاعتصام إلى طريق سينيق، قال الأسير «إنّ هذا الطريق يقفل الممرّ إلى المدينة الصناعية الموجودة في تلك المنطقة فقط، وبالتالي هي لا تؤثّر في (الرئيس) نبيه برّي و(الأمين العام لحزب الله السيد) حسن نصرالله، ولهذا السبب أقفلنا الطريق السريع الذي يعبر برّي منه إلى منزله، كذلك يستعمله مقاومو نصرالله».
وجدّد الأسير تأكيده أنّ تحرّكاته «تعبّر عن انتفاضة سلميّة على غرار انتفاضة 14 آذار في وسط بيروت»، وردّاً على سؤال حول عدم نقله الاعتصام إلى وسط بيروت قال: «14 آذار حالة جماعية، في الكلام جميعهم إلى جانبي، لكن في الميدان لا أحد إلى جانبي إلاّ بعض الأنصار من هنا وهناك، وعلى هذا الأساس اقتصر تحرّكي على مدينتي».
وعن التحرّكات التصعيديّة التي ينوي الإقدام عليها في المرحلة المقبلة أكّد الأسير «أن التظاهر عقب كل صلاة جمعة هو أحدها، إضافةً إلى التخطيط للتحرّك في مناطق أخرى بدأت الأسبوع الماضي في سعدنايل، إضافة إلى تحرّكات أخرى كبرى لا أنوي الكشف عنها في الوقت الراهن».

0 التعليقات:

إرسال تعليق