الثلاثاء، 24 يوليو 2012

بندر "يطيّر" الحوار.. فماذا بعد؟


 هتاف دهام - "البناء"
صدر الحكم السعودي بحق الحوار الوطني في لبنان، الذي كان من المقرّر أن تلتئم طاولته في قصر بعبدا اليوم برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وبحضور الأقطاب الـ 19، لمتابعة البحث في موضوع الاستراتيجية الوطنية للدفاع المطروح على جدول الأعمال، إلا أنها أرجئت إلى 16 آب المقبل لمزيد من التشاور!  
ونصّ الحكم السعودي على تعطيل الحوار الوطني وضربه، بعدما كانت الدعوة التي وجّهها الملك عبد الله بن عبد العزيز في رسالة إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان،  إلى إعادة تفعيل الحوار الذي توقف في 17 حزيران 2010، انطلاقاً من حرصها على التحاور بين اللبنانيين مهما اختلفت انتماءاتهم أو أهواؤهم السياسية، فكانت دعوة رئيس الجمهورية الى استئناف الحوار في 11 حزيران 2012 الماضي، حيث اتفق المجتمعون على جملة نقاط صدرت في ما سمّي "إعلان بعبدا"، وأبرزها رفض إقامة مناطق عازلة ورفض استخدام لبنان كمقرّ أو ممرّ لاستهداف سورية.
هذه الوثيقة التي اعتبرتها الأوساط المتابعة مهمة جداً، لم تجد طريقها إلى التنفيذ، لأنّ هناك أطرافاً في لبنان لا تخفي انخراطها الكامل في التآمر ضدّ سورية، وعليه، فإنها تقول الشيء ونقيضه في آن معاً، لأن ارتباطاتها الخارجية تمنعها من تنفيذ ما التزمت به على طاولة الحوار، وهو ما انعكس لاحقاً وظهر في التباين الذي شهدته جلسة الحوار الثانية في 25 حزيران الماضي بشأن وجهات النظر والرؤية الاستراتيجية، من قضايا قومية ووطنية بالغة الأهمية، في مرحلة دقيقة تتطلب الحفاظ على سلاح المقاومة.
لكن ما الذي تبدّل في المزاج السعودي؟ تقول أوساط مطلعة أنّ التعيين المفاجئ للأمير بندر بن سلطان رئيساً لجهاز الاستخبارات السعودي،  يؤشر الى اعتماد سياسة خارجية أكثر جرأة في المنطقة، وتحديداً تجاه سورية، فالسعودية اليوم مع تعيين بندر تقود الهجوم الميداني على دمشق، فبندر هو الذي سبق أن تردّد اسمه مع بداية الأزمة السورية إثر ما عرف بـ "خطة بندر"، التي أعدّها بمعاونة مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان.
وليس جديداً أو خافياً على أحد أنّ السعودية اليوم، وعلى غرار قطر والولايات المتحدة تريد أن تجعل من لبنان مقراً وممراً للتآمر على سورية، وتقوم بتمويل أفرقاء لبنانيين لدعم ومساندة الجماعات الإرهابية، التي تأخذ من الشمال مقراً لها لضرب سورية وتهريب السلاح والمسلحين، تمهيداً الى جعل الشمال إمارة معزولة عن لبنان لتنفيذ المشاريع الغربية.
وبإيعاز سعودي قرّر تيار المستقبل والدائرون في فلكه النأي بالنفس عن المشاركة في حوار بعبدا، بانتظار جلاء الصورة في دمشق، بعد تفجير مركز الأمن القومي، وهذا ما حصل، حيث أبلغ رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة موفدَ رئيس الجمهورية ميشال سليمان أنّ قوى 14 آذار لن تشارك في جلسة الحوار اليوم، على الرغم من أن الحوار يمثل حاجة ملحّة للبنان  في المرحلة الراهنة.
الأوامر وصلت الى الفريق الآذاري بمقاطعة المشاركة، ويبدو ان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط الذي كان من أكثر المتحمّسين لحلّ الخلافات على طاولة الحوار، انضمّ إليهم بذريعة حجب "داتا الاتصالات"، رغم "أنّ اجتماع بعبدا يوم الأحد توصل إلى حلّ على مرحلتين في شأن حركة الاتصالات تقضي المرحلة الأولى منه  بأن توضع الأخيرة كاملة بيد الأجهزة الأمنية المعنية، والمرحلة الثانية إدارية تشترط موافقة رئيس الحكومة على ما تطلبه الأجهزة الأمنية، على أن تعقد جلسة في 30 الجاري لتقويم فاعلية الإجراءات التي اتخذت في الاجتماع".
وعليه، فإن الحوار الذي دعا اليه الملك عبد الله اللبنانيين في رسالته الى الرئيس سليمان، قضى عليه بندر بن سلطان، الذي سيعمل في لبنان على خلق فتنة سنية ـ شيعية، عبر بث النعراث الطائفية، وقطع الطرقات، والاعتصامات شمالاً وجنوباً.
واذا كان اللبنانيون هم المتضرّرون من تعطيل الحوار أولاً وآخراً، لما لذلك من انعكاس على الشارع الذي يقف على فوهة بركان، فإن هذا الحوار لا يعوّل عليه أحد من السياسيين، أو من أقطاب الطاولة، لأنه حوار بين فكرين ونهجين ومفهومين متناقضين بشأن  موضوع الدفاع عن الوطن.

0 التعليقات:

إرسال تعليق