الاثنين، 30 يوليو 2012

الأخبار : اعتصام الأسير: خديعة الحريري تلغي إضراب اليوم


ألغي إضراب صيدا العام، الذي كان مقرراً اليوم، ضد اعتصام الشيخ أحمد الأسير عند مدخلها الشمالي، إذ تبيّن أن أطرافه ليست جميعها مضربة عن صاحب الاعتصام الثاني. حراك عطلة نهاية الأسبوع أنهى الإجماع الصيداوي ضد الأسير، الذي أصبح الرابح الوحيد. قرار إلغاء الاعتصام تدرج ابتداءً من يوم الجمعة الفائت. يومئذ، لم يكد كلام النائبة بهية الحريري في النهار أن يضيع صداه في صيدا، حتى أوفدت في الليل ابنها أحمد الحريري للقاء الأسير. أكثر من ساعة، جمعت «الأحمدان» في ثانوية رفيق الحريري بتنسيق من مطرب الطرفين فضل شاكر. لم يؤكد الأسير في حديث مع «الأخبار» حدوث اللقاء فحسب، بل حدوث لقاءات عدة بينهما «بناءة وإيجابية»، رفض الإفصاح عن تفاصيلها، احتراماً لاتفاق شرف مع الحريري. لكن مصادر مطلعة كشفت «لـ«الأخبار» أن الأسير أثنى خلال اللقاء الأخير على الحريري، واصفاً الأمين العام لتيار المستقبل بأنه «قيادي واعٍ وصادق».
وبحسب المصادر، فإن الأسير شرح للحريري مخاطر إضراب الاثنين، الذي حشدت له والدته في ذلك اليوم، قائلاً بأنه «سيكون إضراباً ليس بوجهه فحسب، بل بوجه تيار المستقبل وطروحاته السياسية التي لا تختلف عن طروحاتي». وطلب الأسير من الحريري «مساعدته في تأمين موعد مع رئيس الجمهورية، ليطلب منه التعهد بطرح مسألة السلاح جدياً على طاولة الحوار». صيدا لم تنشغل بما سرّب عن لقاء الأحمدين، بل عن اتصال هاتفي جرى بين الأسير والرئيس نجيب ميقاتي، طلب خلاله الأول موعداً، اشترط الثاني أن يكون سرياً أيضاً.
صباح السبت الفائت، اجتمع ممثلو كل من رئيس التنظيم الشعبي الناصري أسامة سعد ورئيس البلدية السابق عبد الرحمن البزري والجماعة الإسلامية وتيار المستقبل، للبحث في الإجراءات اللوجستية وتوزيع الأدوار في إضراب الاثنين. شمل التنسيق خريطة توزيع الأحياء بحسب انتماء سكانها السياسي، بحيث تتولى الأغلبية الحزبية فيه الدعوة إلى المشاركة في الإضراب الشامل وضمان تنفيذه. في الوقت ذاته، كان موظفو بنك البحر المتوسط والمؤسسات المقربة من الحريري والمستقبل، يتبلغون من إداراتها بأن الإضراب ذاته ليس مؤكداً. خلال النهار، كانت معظم الفاعليات التي زارتها النائبة الحريري قبل أقل من 24 ساعة، تكتشف من وسائل الإعلام بأن نائبة المدينة التقت رئيس الجمهورية وبحثت معه في سبل معالجة أزمة اعتصام الأسير. ولما عاتبها البعض لاحقاً بسبب إخفائها أمر الزيارة، ردت بأنها كانت محددة سابقاً.
حتى فجر يوم أمس، كانت اللجان التنسيقية التي تمثل أطراف الإضراب تواصل اجتماعاتها للاتفاق على نص البيان الذي سيخرج عن لقاء البلدية الموسع الثاني صباح أمس. تم الإجماع على الرفض الشامل للخطابات التحريضية الفتنوية من أي جهة وقطع الطرقات والاعتداء على المواطنين واستنكار الممارسات التي تشكل خروجاً على ثوابت صيدا الوطنية وتراثها. الجماعة الإسلامية أصرت على تضمين البيان إدانة «الممارسات التي ارتكبها عناصر من التنظيم الناصري ليل الخميس الفائت في المدينة، إثر تعرض أحد المقربين منه للاعتداء من قبل الأسير وأنصاره والقوى الأمنية»، في إشارة إلى تعرضهم لأشخاص مقربين منها ومن التيار السلفي. رفض سعد للأمر أثار حساسية مع الجماعة التي أصرت عليه. فما كان من الأخير إلا أن أعلن أنه لن يحضر لقاء البلدية، لكنه سيوفد ممثلين عن التنظيم «لأنه ما من داعٍ لعقد اللقاء، وخصوصاً مع وجود أطراف تتلاقى مع طروحات الأسير، بل المهم إنجاح الإضراب الذي سنلتزم به».
صباح أمس في قاعة بلدية صيدا، انتشر حديث صحافي مكتوب لوزير الداخلية مروان شربل يعلن فيه الاتفاق مع الفاعليات الصيداوية على تأجيل الإضراب العام إفساحاً في المجال لطرح القضية على طاولة مجلس الوزراء عصر اليوم. الاتفاق المزعوم فاجأ الهيئات والتجار على اختلاف انتماءاتهم السياسية، فضلاً عن عدم حضور شخصيات الصف الأول الى اللقاء الذي دعوا إليه. وإثر إعلان رئيس جمعية تجار صيدا، علي الشريف، في كلمة مقتضبة فرط اللقاء والإضراب العام، حتى ساد هرج ومرج في القاعة احتجاجاً على ما وصفه بعض الحاضرين بـ«الإسقاط الفوقي عليهم لاتفاقات ما تحت الطاولة على حساب مصلحة صيدا التي تنتقد منذ شهر تقاعس الحكومة عن معالجة الأزمة». ممثلو البزري وسعد وتيار الفجر أكدوا عدم علمهم باتفاق شربل، الذي لم يتصل بهم في الأساس، متسائلين عن الفاعليات الصيداوية التي اتفق معها. وأكد شربل لـ«الأخبار» أنه سيطرح القضية الصيداوية في اجتماعه مع رئيس الحكومة، وعلى طاولة مجلس الوزراء لنقاشها، وتبادل الآراء بشأنها. لكنه أوضح أنه لا يملك تصوراً معيناً لحل الأزمة لعرضه اليوم، إلا «أننا سنجوجل الأفكار لمعالجة الأمر بحكمة ومن دون أي رد فعل سلبي». وكرر شربل وجهة نظره القائلة بأن إزالة الاعتصام تحتاج إلى غطاء سياسي.
نبأ إلغاء الإضراب لم يعصف وحده بشوارع صيدا ومكاتب قواها السياسية الوطنية. شعور بالخديعة كان يحلق فوق البزري وسعد وأنصارهما بسبب «الازدواجية التي مارستها الحريري». البزري تمنى «تغليب المصلحة العامة على الحسابات الضيقة»، معرباً عن عدم ثقته بوعود شربل والحكومة في إيجاد حل. أما سعد فقد استهجن من «ازدواجية الخطاب وعقلية الاستخفاف بالناس من بعض القوى التي تمد تحرك الأسير بالدعم والرعاية، في الوقت الذي تدّعي فيه في العلن أنها ضده».
مصادر سياسية صيداوية قالت لـ«الأخبار» إن «قوى خارجية (تدعم الأسير والمستقبل على السواء) تدخلت مع الست بهية لإفشال الإضراب». فالمدينة كانت «ستُضرب بوجه تحرك يقف ضد سلاح المقاومة، وهو ما لا يرضاه الكثير من القوى».

"الأخبار"

0 التعليقات:

إرسال تعليق