الأحد، 22 يوليو 2012

الديار : تفجير دمشق: بصمات خارجية واحتمال الردّ على خرق قواعد اللعبة


يجمع المراقبون بان الانفجار الذي وقع في دمشق واودى بحياة اعضاء خلية الازمة السورية، انما يشكل مفصلا اساسياً من مفاصل الصراع الحاصل على بلاد الشام.
فقبل وقوع الانفجار كانت القوات السورية تنفذ عملية عسكرية واسعة في دمشق بهدف الامساك بالعاصمة. يومها اعترفت الاوساط الديبلوماسية في بيروت بان الجيش السوري نجح في تحقيق عدة مكاسب ميدانية، ولو انها اضافت بان ذلك لن يعني ابداً اعادة عقارب الساعة الى الوراء.
ومن هنا تعتقد بعض الاوساط ان الضربة القاسية التي تعرض لها النظام السوري مع تغييب بعض ابرز رجال القيادة، انما جاء في لحظة عسكرية حرجة ومنتقاة بعناية، ذلك ان هنالك من يعتقد بان هذه العملية والتي نفذت باحتراف كبير، انما هي اكبر من قدرة اي جهة سورية تشارك في القتال، كما ان طريقة تنفيذها لا تشبه اسلوب «القاعدة» او حتى التنظيمات الاسلامية المتطرفة والتي لديها خبرة في اعمال الاغتيال والتفجيرات الامنية.
ذلك ان بصمات تفجير دمشق تنطبق اكثر على عمل استخباراتي دولي ان من حيث الاسلوب، او من حيث التوقيت. وجاء التعامل الاعلامي الدولي معه ليعزز هذا الاعتقاد.
لكن الاوساط الديبلوماسية الاوروبية التي راقبت لحظة بلحظة انعكاس التفجير على القيادة العسكرية للجيش السوري والاثار السلبية التي من الممكن ان تظهر على تماسك رجال النظام، فانها توقعت حصول ردة فعل مماثلة ولكن في منطقة الخليج.
ذلك انه كما حصل مع موضوع فرار الطائرة الحربية السورية، الى الاردن وما اعتبر كرد سريع على ذلك من خلال اسقاط الطائرة الحربية التركية في اليوم التالي، على اساس ان هذه الاعمال انها تشكل اخلالاً بقواعد اللعبة، فان تفجير دمشق واستهداف قيادات رفيعة في النظام انما يعتبر بالتأكيد اخلالاً في قواعد اللعبة ما يستلزم حصول ضربة موازية وبنفس التأثير الاعلامي، بغية عدم تكريس هذا الاسلوب.
وتعتقد مصادر مطلعة ان ايران والتي تشارك عن قرب في موضوع رسم سقف الازمة السورية، قد تكون وجدت نفسها في موقع المضطرة لتنفيذ عملية امنية انتقامية في الخليج (حيث يجري التركيز على قطر) من اجل اعادة تثبيت شروط قواعد اللعبة وتستذكر هذه الاوساط قرار الدول الخليجية بمنع رعاياها من السفر الى لبنان، لتضعه في اطار ما ينتظر سوريا امنياً، واحتمال انعكاسه على الساحة اللبنانية.
وتشير اوساط ديبلوماسية الى ان العواصم الاوروبية تراقب بدقة كل الاشارات الصادرة من دمشق وهي ستبقى كذلك بضعة ايام، فاذا ما اثبت النظام انه قادر على تخطي الصدمة، فهذا يعني ان بقاء النظام سيطول. اما في حال ظهور تداعيات سلبية، فان المسألة ستأخذ ابعاداً اخرى، كمثل الدخول فوراً في تقسيم البلاد الى ثلاثة او اربعة مناطقي.
وتعتقد هذه الاوساط ان القيادة العسكرية ستستغل هذه المرحلة، لتصعيد خطواتها العنيفة تجاه مجموعات المعارضة المسلحة، حيث تبدي خشيتها من اعتماد سياسة الارض المحروقة، لا سيما في احياء دمشق التي تشهد اشتباكات اضافة الى مناطق الريف، ومنطقة حمص.
لكن الاهم، ان الانطباع الموجود لدى هؤلاء بان الوضع في سوريا قد يحتاج الى مزيد من الفوضى، لكي يذهب في اتجاه واضح لفرز المناطق.
وربما قد يكون هذا ما يقصده بعض المسؤولين الغربيين بان الظروف الحالية لا تبدو ناجحة امام انجاح اي تسوية او حل.
فالاعتقاد السائد بان حصول الفرز بين المذاهب والطوائف في سوريا قد يشكل الهدف المطلوب، ولو ان التقسيم الكامل لا يبدو مطلوبا. اي حل على الطريقة العراقية، او ما يعرف «بالتقسيم المقنع»، بحيث هنالك كيانات عراقية شبه مستقلة ولو انها تلتزم الى حد ما بحكومة مركزية في بغداد.
ولذلك تتحدث هذه الاوساط عن منطقة تخضع للنفوذ العلوي شمال البلاد، وحيث يكون لها السيطرة على كامل الشاطئ، فيما الاكراد يسعون لانتزاع منطقة حكم ذاتي على غرار منطقة كردستان في العراق. اما في الوسط وحيث من المتوقع ان تشهد مرحلة طويلة من الاضطرابات الامنية، فانها من المفترض ان تكون منطقة نفوذ سنية، مع احتضان الحكومة المركزية التي يخطط على ان تكون شبيهة بالحكومة اللبنانية. اي تقاسم السلطة على طريقة اتفاق الطائف.
وتبقى المشكلة في جنوب سوريا وكيفية تعاملها مع الحدود الاسرائيلية.
كل هذه الافكار الغربية، توحي بان طريق جلجلة سوريا ما تزال طويلة. فيما يبدو لبنان يقترب كثيرا من تكريس صيغة حكم جديدة تطال بنية الدولة الحالية.
فالعواصم الاوروبية التي يتابع التفاصيل اللبنانية بكل تشعباتها، وهو ما جعل الرئيس ميشال سليمان مثلا يتفاجأ بالمتابعة الفرنسية لادق التفاصيل اللبنانية وذلك خلال زيارته للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، تسعى لابقاء لبنان تحت السيطرة الامنية.
ولذلك فهي شجعت على عقد طاولة الحوار في محاولة لفك الترابط قدر الامكان بين الواقعين اللبناني والسوري، او بتعبير ادق، الحد من التأثيرات السلبية اللازمة السورية على الساحة الامنية اللبنانية.
ورغم ان هذه الاوساط لا تعكس اطمئناناً كاملا لهذه الناحية الا انها تبدو واثقة بان اي تطورات امنية قد تحصل لن تخرج عن السيطرة.
لكنها تبدو اكثر «تشجيعاً» للازمات السياسية المندلعة، والتي تبدو اقرب الى «ازمات حكم».
فالاحداث المتلاحقة تظهّر صورة الدولة المفككة العاجزة والمرتبكة. وهو ما يعني بالنسبة لكثيرين ان حال التحلل التي تصيب الدولة اللبنانية، تدفع اكثر فاكثر لتحضير المسرح اللبناني الداخلي للبحث عن دولة جديدة، او «جمهورية ثالثة» تقوم على صيغة جديدة تلائم الواقع الداخلي اللبناني، وتتماشى مع التغيرات الاقليمية. ويعتقد هؤلاء ان اللامركزية الموسعة قد تكون البنية التحتية للنظام السياسي المتوقع.
لكنها تدرك ان الدخول في هذا الباب يحتاج لانفجار سياسي، الى جانب حرائق امنية، تماما كما حصل مثلاً مع اتفاق الطائف، او حتى مع اتفاق الدوحة.
وهو ما يعني ربما افراغ القيادة السياسية من معناها السياسي الدستوري، من خلال التهديد للمجلس النيابي ومجلس الوزراء على الا ينسحب ذلك على رئاسة الجمهورية، بغية اظهار عمق الازمة والذهاب الى مؤتمر وطني عام من جديد وايجاد نظام سياسي جديد على انقاض «جمهورية الطائف».
الديار

0 التعليقات:

إرسال تعليق