الجمعة، 27 يوليو 2012

هل أدار الاسد ظهره للغرب وشرع بتنفيذ الخطة "ب"؟


 أنطوان الحايك - مقالات النشرة
هل يتكرر المشهد الدمشقي في مدينة حلب، العاصمة الاقتصادية لسوريا والمدينة الاقرب إلى الحدود التركية؟ وهل فعلا ادار الرئيس اسوري بشار الاسد ونظامه الامني الظهر للدول العربية والغربية وشرع بتنفيذ خطة حسم عسكري ممتدة على طول البلاد وعرضها استنادا إلى سياسة القضم، اي مدينة تلو الاخرى، لاستعادة السيطرة الامنية على البلاد، وبالتالي استعادة زمام المبادرتين السياسية والدبلوماسية؟ وهل يجوز القول ان العلاقات السورية – التركية انتهت إلى ما شاء الله في ظل مشهد سياسي وامني واستخباري جديد بين البلدين؟
يبدو ان الاجابة عن السؤال الاول لن تطول كثيرا. فالتحذيرات الصادرة عن وزارة الخارجية الفرنسية حول امكانية ارتكاب مجازر جديدة في حلب، معطوفة على الواقع الميداني والتعزيزات التي استقدمها الجيش السوري إلى المدينة وهي بمجملها من الفرقة الرابعة، اي القوات الخاصة، تؤكد ان اقتحام المدينة وتصفية مسلحيها بات مسألة ساعات او ايام قليلة، خصوصا ان الجيش السوري يقوم في هذه الاثناء بالاستفادة إلى اقصى الحدود من البلبة التي لحقت بالمسلحين جراء حسم المعارك بسرعة قصوى في العاصمة وريفها. وذلك باعتراف المعارضة ووسائل اعلامها عبر الحديث عن انسحابات تكتيكية من جهة وعن نقل المعركة إلى حلب من جهة ثانية.
وفي هذا السياق، يكشف زوار العاصمة السورية ان الامور في العاصمة باتت تحت السيطرة الكاملة، بعد الخسائر الفادحة التي تكبدها الجيش السوري الحر بفعل الخطأ الذي ارتكبه الاعلام العربي حين اعلن عن نجاح عملية بركان دمشق، وصور المدينة على انها سقطت عسكريا، ما دفع بالخلايا النائمة والمرابضة منذ بدء الاحداث في العاصمة وعلى مقربة من المراكز الامنية  إلى التوجه صوب الاحياء التي اعلن الاعلام عن سقوطها بيد المسلحين، حيث استسهل الجيش السوري الذي تصرف تحت صدمة حادثة الثامن عشر من تموز التي اودت باربعة من كبار القادة الامنيين عملية الالتفاف والمحاصرة وبالتالي استعادة السيطرة بسرعة غير متوقعة، ما يعني ايضا ان عملية التفجير المذكورة كانت حلقة في سلسلة طويلة من الاحداث قصد منها المنفذون الاعلان عن ساعة الصفر لاستكمال باقي الخطوات التي سرعان ما تعثرت بحسب التعبير.
اما السؤال الثاني فالاجابة عنه اقل حراجة، اذ تشير الوقائع إلى ان الاسد ادار ظهره فعلا للغرب وللعرب في وقت واحد من خلال واقعين لا يمكن الا الاخذ بهما وهما التعيينات الامنية التي جاءت لتعطي صقور النظام والبعث دفعا امنيا جديدا، والشدة العسكرية المفرطة التي تعمد القوات الخاصة إلى استخدامها، فضلا عن تجاهل اعلامه الرسمي لعدد القتلى من المسلحين تاركا للمعارضة مهمة الاعلان عن عدد الضحايا دون تعليق او نفي لحجم الارقام المتداولة.
اما العلاقات التركية السورية فشكلت الحدث السياسي الابرز من خلال عدد من المؤشرات والمعطيات ليس اولها مسارعة تركيا إلى الاعلان عن الاحتفاظ بحقها في ملاحقة حزب العمال الكردستاني داخل الاراضي السورية والعراقية، ولا آخرها الضمانات الراسخة التي اعطاها الرئيس الاسد لاكراد شمال حلب، والتي ارست معادلة جديدة قائمة على واقع ميداني تتضح صورته يوما بعد يوم، بحيث يسيطر الجيش السوري على مدينة حلب بشكل نهائي وكامل، وبالتالي نقل المعركة إلى ريف حلب الشمالي، اي نطاق سيطرة الاكراد وحزب العمال الكردستاني تحديدا، ما يعني معارك عصابات بين الاكراد مدعومين من الجيش النظامي من جهة، والمنظمات الاصولية والسلفية والوهابية المدعومة من تركيا من جهة ثانية، ما يعني بشكل او بآخر نقل المعركة الكردية إلى الداخل التركي، بما يدفع بالاخيرة إلى الغرق بحروب امنية جانية تشغلها عن الساحة السورية، بما يعني أنّ النظام بدأ بتنفيذ الخطة "ب" لمواجهة ما يصفه الاسد بالحرب الكونية.

0 التعليقات:

إرسال تعليق