الثلاثاء، 24 يوليو 2012

«التيار الحر»: حل سريع للمياومين أو.. انفجار كبير!

 عماد مرمل - "السفير"
لم تعد القضية قضية نزاع على تثبيت المياومين في مؤسسة الكهرباء، برغم جوهرها العادل. ما بقي من بُعدها التقني والانساني هو العنوان فقط، اما خلفه، فقد احتشدت عوامل سياسية وطائفية، باتت تهدد أهم ما حققه التحالف بين العماد ميشال عون و«الثنائي الشيعي» منذ شباط 2006، وهو التفاعل العابر للقواعد الشعبية وخطوط التماس الطائفية.بهذا المعنى، فإن الخلاف حول ملف المياومين، خرج تحت وطأة «الحمولة الزائدة» من عباءته المطلبية المتصلة بحقوق مشروعة، وحتى أنه تجاوز حدود الخلاف التقليدي بين جهتين او مرجعيتين، لينزل الى الشارع في وضح النهار، ويعبث بما أنجزته «وثيقة التفاهم» من اختراق للاصطفافات المزمنة والافكار المسبقة، مستحضراً من جديد الاحقاد المتبادلة، ولغة التحريض والتعبئة ضد «الشريك» الذي عاد الى موقع.. «الآخر». هكذا، أعاد الخلاف على تثبيت المياومين وما يكمن خلفه، إحياء العصبية الطائفية والتعصب المناطقي، كما ظهر من خلال طبيعة الاحتكاك الذي حصل بين المياومين وجمهور «التيار الوطني الحر»، امام مؤسسة الكهرباء قبل ايام، حيث تبادل الطرفان الشتائم التي طالت رموز كل فريق، علماً ان ما خفي أعظم، وما تحتفظ به الغرف المغلقة والأحياء «الصافية» هو أخطر بكثير مما ظهر على الملأ. والى حين اتضاح نتائج التحرك الذي يقوده رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية لإعادة ترميم ما يبدو انه «بيت بمنازل كثيرة»، فإن كلاً من فريقي الازمة يصرّ على ان الآخر هو الذي يتحمل المسؤولية عن تفاقمها، وعن التبعات التي يمكن ان تترتب على ذلك، كما يوحي وزير الطاقة جبران باسيل بقوله: «هل يدرك من يمارس لعبة غير نظيفة في شارع مار مخايل (حيث مقر مؤسسة الكهرباء) بماذا يتلاعب وبأي ومقدسات يمسّ»؟وما لم يقله باسيل يشرحه قيادي بارز في «التيار الوطني الحر» بتحذيره من أن أحداث شارع مار مخايل قد تفسد ما بناه تفاهم كنيسة مار مخايل، داعياً من يخوض هذه المغامرة غير المحسوبة الى مراجعة حساباته، «لأن ما يجري خطير، ويمكن أن يرتب مضاعفات سلبية جداً». ويحذر القيادي من أن الوضع في الاشرفية محتقن، وقابل للانفجار في أي لحظة، لافتاً الانتباه الى انه ليس أمراً بسيطاً أن تحتلّ مجموعة من الاشخاص، تحمل لوناً سياسياً معيناً وتتبع لطائفة محددة، مؤسسة عامة في قلب الاشرفية، «وأكثر من ذلك، تلجأ الى استخدام هذه المؤسسة كمنصة لإطلاق الهتافات المعادية للعماد ميشال عون».وينبّه القيادي الى ان هذا الوضع غير الطبيعي ترك آثاراً خطيرة على الشارع المسيحي عموماً، والاشرفية خصوصاً، «حيث يسود الغليان جمهور المنطقة الذي راح يتحرك عفوياً وتلقائياً في الشارع للاعتراض على الحالة الشاذة التي تخطف مؤسسة الكهرباء، وإذا كان «التيار الحر» قد نجح في المرة السابقة في لجم التحرك الشعبي أمام المؤسسة وحال دون تطوره الى مواجهة لا تحمد عقباها، فانه قد لا ينجح مرة أخرى».ويعتبر القيادي ان جمهور «التيار الحر» لا يستطيع ان يتقبل فكرة ان الحليف المفترض هو الذي انقض على مؤسسة تخضع لسلطة وزير هو شريك في الخط السياسي الاستراتيجي، لافتاً الانتباه الى ان ما يفعله هذا الحليف الافتراضي يؤسس لشرخ غير مبرر، كانت وثيقة التفاهم قد نجحت في مداواته.وإذ يشدد القيادي العوني على أن معظم المياومين يتبعون لحركة «أمل».. «وهذا تحصيل حاصل لا يحتاج الى نقاش»، يعتبر أن بمقدور الرئيس نبيه بري، لو أراد، ان ينهي الاعتصام بإشارة من يده، ولكنه لا يفعل ذلك لأسباب مجهولة.ويروي القيادي ان هناك مظاهر حادة من الاحتجاج على ما يجري في مؤسسة الكهرباء، جرت معالجتها بعيداً عن الأضواء وبجهود كبيرة من قبل قياديي «التيار»، مشيراً الى ان بقاء الواقع الراهن على حاله قد يجعل الامور تفلت من السيطرة في أي لحظة، وبالتالي على الجميع ان يتحسسوا دقة الموقف قبل فوات الأوان، والتصرف وفق ما تقتضيه المسؤولية.ويرى القيادي العوني أن الازمة الحاصلة أعطت جرعة من المقويات السياسية لحزبي الكتائب والقوات اللبنانية اللذين شمتا بـ«التيار» واعتبرا أن ما يحصل يؤكد صوابية موقفيهما بعدم إمكانية الرهان على التحالف مع حزب الله وحركة أمل، متسائلاً عما إذا كان المطلوب تعميم ثقافة التفاهم من خلال العمل بمقتضياته أم طعن هذه التجربة في ظهرها والإيحاء بأن من عارضها منذ البداية كان محقاً.ويؤكد القيادي أنه إذا لم يتم التوصل قريباً الى حل سياسي، فإن الازمة ستتفاقم وستزداد تعقيداً، وربما يبلغ الأمر حدّ وقوع «المحظور»، لاسيما أن الواقع القائم يسمح لمنتهزي الفرص وللمصطادين في الماء العكر بالدخول على الخط واستدراج الفريقين بسهولة الى المواجهة في ظل حالة الاحتقان القائمة.وينبه القيادي الى ان الشارع يسابق الحل، وإذا لم يتم طي ملف اعتصام المياومين هذا الأسبوع، فإنه سيصبح مرشحاً للانفجار بعنف، وعندها ستقع المواجهة الكبرى في الشارع وفي السياسة، مشدداً على ان هناك ثابتة اساسية لا يمكن التنازل عنها في أي تسوية وهي ان الاعتصام داخل مؤسسة الكهرباء ممنوع ويجب وقفه فوراً، ليس كرمى لعيون جبران باسيل والتيار الوطني الحر، وإنما حرصاً على هيبة الدولة ومؤسساتها، لأن القبول بما تتعرض له مؤسسة الكهرباء سيشجع آخرين في المستقبل على تكرار السيناريو ذاته في مرفق عام آخر، وعندها تصبح مرافق الدولة رهينة الأمزجة الشخصية والسياسية.

0 التعليقات:

إرسال تعليق