لقد شرفني دولة الرئيس الأخ الأستاذ نبيـه بـري أن أمثلـه في المؤتمر الدولي الخامس والعشرين للوحدة الاسلامية ناقلاً تحية اعتزاز وإكبار لمرشد الجمهورية الاسلاميـة الامام القائد السيد علي الخامنئي ومسؤوليها وشعبهـا مع الشكـر الخالص لسماحة آيـة الله الشيخ محمد علي التسخيري لدعوته الكريمـة ولعملـه الدؤوب في إطار المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية الذي حقق انجازات مشهودة في إطار عملية التواصل بين أبناء الأمة الاسلامية الواحدة بمختلف مذاهبهـا وقومياتها وهو الهدف الذي طالما دعى له إمام الأمة الراحل القائد السيد روح الله الموسوي الخميني قدس سره على قاعدة التوحيد ووحدة الكلمـة وهو الشعـار الذي يبقى من العلامات الفارقـة في مسيرة هذا الامام العظيم وثورته المظفرة الثورة الاسلامية الايرانية .
واليوم ينعقد مؤتمركم هذا بإجتماع مناسبات ثلاث كل مناسبة تحمل أبهى معاني العطاء والفداء والمضاء على درب الوحدة كإحدى العناوين المحفزة للصحوة الاسلامية من مناسبة ولادة الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم التي تعني ولادة العدالة والحريـة واستعادة الانسان لانسانيته وأيضاً ولادة حفيد الرسول (ص) الامام الصادق عليه السلام الذي ذاع صيته علماً تزخر به صدور العلماء أو على شكل كتب تحتل صدارة مكتباتنا بمـا ترك من أثر طيب يفيض على ألأجيال كلما أرادت الاستزادة من علم ينفع ويصدح باسم الله .
والمناسبة الثالثة الذكرى السنويـة لانتصار الثورة الاسلاميـة الايرانيـة بقيادة الامام الراحل القائـد السيد روح الله الموسوي الخميني وبتضحيات الشعب الايراني الأبي الذي صنع أروع ثـورة في العصر الحديث التي باتت تشكـل مركزاً مفصلياً تتردد أصداؤها انعكاساً على العالم حتى بات السياسي والاقتصادي والاجتماعـي والعسكري والروحي يؤرخ للعالم ما قبل الثورة الاسلامية الايرانية وما بعدها وبكل اختصار الصحوة الاسلامية بما تعني الكلمة من معنى من تكسير القيود وخلع شاه ايران المقبـور الى التصدي للعصر الاسراءيلي بـدءاً من نـزع علـم العدو الصهيوني الاسرائيلي الى رفع علـم فلسطين مكانه ، الى نصرة المستضعفين في العالم الى نهضة علميـة باتت تشد انتباه الأعداء فتقلقهم وتثلج قلوب الاخوة والأحبة والأصدقاء فيتطلعون الى مستقبل واعد .
أيها المؤتمرون الأعزاء .
إن الصحوة الاسلاميـة نتاج عمل شاق وصعب كلف الكثير من الأعداء والاستعداد والتضحية والعناء سيما وأن الأعداء كرسوا المزيد من الجهود المدعومـة بقدرات مالية ومادية هائلة ، والحفاظ على الصحوة قد يكون أصعب من تحقيقها بعد تفتح أعين الأعداء فكما يقول الشهيد مصطفى شمران أحد صانعي نهضتنا في لبنان مع الامـام المغيب القائد السيد موسى الصدر وفي إطار حركة أمل ومن المشهود له بجهاده وعلمـه في ايران يقول هذا الشهيد القائد الكبير " من المعروف أن احدى مكائد الاستعمار نظريـة فرق تسدد للوصول الى هذا الهدف والسيطرة على الشعوب وثرواتها تسعى جاهدة لتأجيج الخلافات المذهبية والعنصرية والسياسية في المنطقة " فكيفما ذهبنا فموضوع الوحدة ماثل أمامنا وهو شرط استمرار الصحوة وجبه الأعداء وتحرير المقدسات للقفز فوق جميع الحواجز المذهبية منها والطائفية العرقية والقومية الآثنية واللغوية .
نحن أيها السادة في زمن اعلان عنصرية الدولة اليهودية وسكوت معظم العالم عنها وأمام تهويد المقدسات وسط صمت رسمي وشعبي مطبق ، نحن في زمن تهديم الأماكن المقدسة من حفريات بيت المقدس الى الحرم الابراهيمي الى مصادرة كنائس ومساجد وتحويل هويتها بل حرق المزيد منها وتحويل المقابر الى ساحات عامـة ليرغم الأهل في فلسطين العزيزة على نقل أجداث الأجداد الى مناطق خارجـة عن أحلام الصهاينـة مؤقتـاً ونحن أمام جدار الفصل العنصري الذي نسيته العديد من الأنظمة الاسلامية والعربية بل حتى شعوب هذه البلدان والمستوطنات التي كانت سيفاً مسلطاً على الصهاينـة وقادتهم في فلسطين المعتصبة أصبحت سيفاً مسلطاً على الشعب الفلسطيني المظلوم وورقـة تستخدم ضدهم حتى على مستوى الدول التي تسمى راعية للسلام باتت المستوطنات لم تشكل عندهم أي حيز لاتخاذ موقف جدي .
إن تعداد تعديات العدو الصهيوني لا يمكن اختزاله في كلمة ولكن مـا يمكن تأكيده أن عامل التجزئة أخذ مأخذه عند المسلمين على مستوى الحكام حتى تقدم الخاص على العام وباتت اسرائيل الغـدة السرطانيـة بتعبير الامام الخميني قدس سره ، والشر المطلق بتعبير الامام السيد موسى الصدر ، باتت هماً ثانويـاً وتقدمت أولويات هامشيـة على حساب القضية المركزية . هل نحن في صحوة أم في غفلة ؟
إن فلسطين من وجه نظرنـا هي المكون الجمعي للعرب والمسلمين والأحرار في العالم والذين لا يجتمعون على ما يتهدد الأمـة عسكرياً واقتصادياً وفكرياً فهل يجتمعون على رابط هش وضعيف ؟ وهل ان هذا الخيط العنكبوتي يستطيع أن يحمل كل هذه التحديات؟ الجواب واضح وجلي ، ان التنازل عن فلسطين والمقدسات هو إقـرار بالتخلي عن ديننا وعقائدنا وتراثنا ، أذكر قولاً للامـام السيد موسى الصدر " إذا تخلى المسلم أو المسيحي عن القدس فهو يتخلى عن دينه " أوليس يـوم القدس العالمي الذي أعلنه الامام الخميني قدس سره هو لإبقاء الأمة لتكون على تماس مع همومهـا وان عـدم الاحياء ليوم القدس هو الابتعاد عن الاسلام .
كنا سابقاً نعاني من سطوة الاعلام الغربي الموجـه صهيونياًٍ والذي كان يزدري ويسخر من كل من يقول ويعمل في مقاومـة العدو الصهيوني ويحرف الحقيقـة كل ذلك أمام صمت رسمي عربي اسلامي وذهول شعبي من جور هذه الوسائط الاعلامية ، أمـا اليوم فنحن أمام فضائيات واعلام اسلامي وعربي يستثني اسرائيل من أولوية الصراع بل يعمل على تهميش الصراع واستحضار اعداء جدد هم من أفضل من واجـه اسرائيـل نظريـاً وعملياً كتصوير الجمهورية الاسلامية الايرانية انها تشكل خطراً عليهم حتى أن التقدم العلمي في ايران لا يعتبرونـه جزءاً من صحوتها صحوة الأمة الاسلامية بل يعتبرونـه خطراً عليهم وهل من باب المصادفـة أن تتركز الهجمـة على ايران والمقاومــة في لبنان وفلسطين وسوريـا والعراق وشعب البحريـن المظلوم وماذا يعني ذلك أليس هو بمثابـة الاجهاز على قوى المقاومـة والممانعة في وجه اسرائيل والاستكبار العالمي وهل هي مسألة أولويات أو مسألة وظيفة سياسية لحساب مخطط الفوضى الخلاقة والشرق الأوسط الجديد، فحيث توجد دولة مناهضة للاستكبار تكون الدولة عرضة للمؤامرات وهذا ما تواجهه سوريا وايران وعندما يكون الشعب مناهضاً للصهيونيـة والاستكبار العالمي يكون الشعب مستهدفاً وهذا ما يحصل في البحرين وفلسطين .
أيها السادة ،
قـد يسهل الحديث نظرياً عن الصحوة ولكن أم المشكلات تبرز في التطبيق خاصة أمام الأسئلة الأساسية التي يعتبرهـا البعض محرجـة ولكن هي في الواقـع بديهيـة بل هي مبرر وجود بعض الأحزاب التي تزخر كتب المنظرين لها بجذرية المواقف التي تعد محرجة .
نحن أمام الربيع العربي ومـا حصل في العديد من الدول العربيـة ناتج عن ظلم معظم هذه الأنظمة لشعوبها أحـد لا يستطيع أن يقف أمام تطلعـات الشعوب من صحوتها في مواجهة الحكام الظالمين ولكن المشكلة هي في استغلال هذه الثورات باستمرار الفوضى في هذه البلدان حتى لا تستطيع التنبؤ بزمن ومدة استمرار هذا الواقع .
السؤال لمـا نسمي الربيع العربي أليس هو رداً على الخريف العربي ، الخريف العربي يعني الاستمرار باحتلال فلسطين وتهويد الأرض والقتل اليومي للشعب الفلسطيني وزج الالاف من أطفال وشباب وبنات وشيوخ الشعب الفلسطيني في السجون الاسرائيليـة ، الخريف العربي يعني المفاوضات الثنائية بين بعض الدول العربية واسرائيل من كمب ديفيد الى وادي عربـة الى أوسلو الى سواهـا من صفقـات الغاز والنفط وتحسين صورة اسرائيل في العالم ، الخريف العربي هو استخدام المال العربي للحـد من تنامي دور المقاومـة ومحاصرة الدول المساعدة للمقاومة كسوريا والجمهورية الاسلامية الايرانية هذه بعض الخريف .
أما الربيع العربي فينبغي أن يرد على جميع هذه التحديـات والصحوة ينبغي أن تحل كل هذه المعضلات ، هذا يعني رفض الاتفاقيات الثنائية وهذا يعني اعتبـار العدو الصهيوني هو العدو الأساس وهذا يعني أن نعيد الاعتبار للقدس كقضية أساسية ، وهذا يعني توجيه تحية الى المقاومـة في لبنان وفلسطين والتأكيـد على دور الدول الممانعـة والمواجهة للعصر الاسرائيلي كإيران وسوريا التي تعاقب بهجمة عربية مدروسة مدعومة مالياً وإعلامياً لأن سوريا احتضنت المقاومة ومكانتها ، ولأن سوريا رفضت المفاوضات الثنائية ، ولأن سوريا رفضت كما ايران الشرق الأوسط الجديد الذي يبرر اسرائيل .
والسؤال من يحرف الصحوة عن مسارها ؟ ولماذا تصمت الألسن أمام أسئلـة جوهرية ؟ ماذا عن العلاقة مع اسرائيل ؟ فعدم الاجابة عن هذه الأسئلة فلسطين والقدس والأراضي العربية المحتلـة وخطط سوداء للعدو الصهيوني يجعلنا نطرح مـا هو مفهوم الصحوة من جديد.
أيها الأعزاء ،
لا يختلف اثنان على أن الواقع المحيط بأمتنا واقع مترد وصعب ومرعب خاصة إذا كان طموح الأمة ومستقبلها يقتل بسلاحها ومالها ومحـو ذاكرة أبنائها ولكن هذا يدفعنا أكثر للتمسك بحقنا وعقيدتنا بوحدتنا بوعي صحوتنا وأخيراً أقول أن أمالنا بالنصر كبيرة من كان يتصور أن شـاه ايران سيخلع الى مقبرة التاريخ ، ويجيب الشاه المقبور صحفياً ماذا يتمنى ؟ يقول الشاه ليتني لم أولد .
من كان يتصور أن المقاومة في لبنان ستهزم الجيش الصهيوني الذي قيل أنه لا يقهر .
من كان يتصور أن غزة تحاصر بالحديد والنار والدمار ولم تقهر .
من كان يتصور أن حسني مبارك سيتحول مريض على نقالة ويجرجر في المحاكمات .
وهل ذهب رأس النظام والنظام يترنح .
من كان يتصور نهاية الطاغية صدام حسين وكذا زين العابدين بن علي وسواه .
لا زالت الآمال معقودة على تحقيق تطلعات الأمة بربيع واعد فلنلاقـي بالتحيـة مبادرة شيخ الأزهر الشيخ الدكتور أحمد الطيب والمتمثلة بوثيقـة الأزهـر التي تجيب على أسئلـة هامـة ومحورية على مستويات عدة .
واسمحوا لي أيها الأحبـة أن أختم كلامـي بكلمـة للامام السيد موسى الصدر الذي قال : " أن الله لن ينصرنا إذا تفرقنـا عن حقنـا وان كانت الهزيمـة من صنع أيدينـا ، فالكعبـة عندمـا تعرضت لعدو خارجي وكانت المواجهـة خارج قـدرات حماتهـا، حماهـا الله وأرسل على الأعداء طيراً أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل ، أما عندما أصبح العدو داخلياً دمرت الكعبة عدة مرات
أخوتي الأعزاء ،
أقـرأ في وجوهكـم صحـوة باديـة متقـدة وكأن الله تعالى يريـد أن يكون شرف حمايـة القـدس على أيديكـم وأنتـم في الطليعـة ، ويحضرني قـول الامام المغيب السيد موسى الصدر :" إن شرف القدس يأبى أن يتحرر إلا على أيدي المؤمنين الشرفاء " .
وأذكر دائماً مـا قاله الامام القائد السيد علي الخامنئي :" إن وحـدة الاسلام العالميـة هي حصن منيع يصد تطاول الأعداء على حرمة الاسلام والمسلمين " .
ومن كان يعتقد أن مواجهة العدو باهظة فليتأمل في الاستسلام والخنوع كم هو مكلف أكثر بكثير
أخيراً، فإن الامام السيد موسى الصدر وأخويـه الشيخ محمد يعقـوب والصحافـي عباس بدر الدين المخطوفين منذ عام 1978 على يد المقبور معمر القذافـي في ليبيا ينتطرون المساعي الحثيثة وتظافر الجهود لتحريرهم من سجنهم ، مع علمنا بتعاون القيادة الليبية الحالية فإن الوقت ينفذ وهذا ما يدعونا ليضم مؤتمركم الكريم دعوته لتحرير رجل عمـل لوحدة الاسلام والمسلمين والمقاومة في مواجهـة اسرائيل وداعيـة حوار طالما عمل في لبنان وايران والعالم أجمع لكرامة الانسان والانسانية جمعاء .
اللهـم عظم البـلاء وبـرح الخفاء وضاقت الأرض ومنعت السماء ، فإليك يا رب المشتكى وعليك المعول في الشدة والرخاء .
0 التعليقات:
إرسال تعليق