الثلاثاء، 27 مارس 2012

انفتاح كويتي وإماراتي مفاجئ على النظام السوري... وهذه هي الأسباب

هل بدأت تتبلور وجهة نظر غربية وتحديدا أميركية ـ فرنسية متحفظة إزاء مسار التغيير في العالم العربي لمصلحة «الأخوان المسلمين» والسلفيين، بعدما كان قد تقدم، على مدى شهور «الربيع العربي» موقف الفريق الأميركي الغربي المتحمس لوصول الإسلاميين إلى السلطة؟
يأتي طرح هذا السؤال في ضوء مؤشرات عدة، أبرزها إعلان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، أمس، رفضه منح تأشيرة دخول للشيخ يوسف القرضاوي المقيم في الدوحة، وثانيها، ارتفاع لهجة الخطاب الإماراتي ضد «الأخوان المسلمين»، وآخرها اتهام قائد شرطة دبي الفريق ضاحي الخلفان جماعة «الأخوان» بالتآمر على الدول الخليجية لتغيير أنظمتها، متوقعا أن تكون البداية من الكويت في العام المقبل.
يأتي طرح السؤال أيضا في ضوء ما تضمنه تقرير دبلوماسي مصدره عاصمة أوروبية بارزة، يتضمن إشارة الى ما يسميها «توجهات اميركية جديدة» في التعامل مع «الأخوان»، بدأ يتم التعبير عنها في العلن (تصريحات مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وبعض المسؤولين في الإدارة الأميركية) وفي السر عبر القنوات الدبلوماسية والأمنية، فضلا عن وجود شعور متزايد لدى جماعات «الأخوان» ببداية تحول في الموقف الأميركي.
ويشير التقرير الذي تسلمته مراجع لبنانية الى تحول بارز في موقف دولتين عربيتين إزاء الموضوع السوري، هما الكويت والامارات، حيث أعيد فتح قنوات التواصل بينهما وبين العاصمة السورية، وترافق ذلك مع بداية أخذ ورد، يتجاوز سقف كل خطاب دول مجلس التعاون الخليجي، وخاصة السقف السعودي.
ويتوقف التقرير نفسه عند ما يسميها «حرب الفتاوى» بين قطر والسعودية، والتي تعبر عن مظهر من مظاهر التنافس السياسي بين الدولتين. الأولى، تحتضن شيخ الأزهر الأسبق يوسف القرضاوي «الذي قدم ويقدم نفسه مرجعية دينية لثورات المنطقة». الثانية، ترد بالسلاح الشرعي نفسه عبر مفتي عام السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء فيها عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ.
ويقول التقرير إن المفارقة اللافتة للانتباه «أن التنافس بين الاثنين يتمثل في المزايدة على إصدار فتاوى تكفيرية، فالقرضاوي يفتي بضرب الأقباط في مصر من جهة، ثم يرد آل الشيخ بالدعوة إلى هدم كل الكنائس في العالم العربي، لا سيما الكنائس في الكويت والإمارات لان بقاء هذه الكنائس حسب زعمه هو إقرار لدين غير الإسلام».
ماذا يعني ذلك؟ يجيب التقرير «بدأت تتكون ارضية لصراع يتخطى العناوين الدينية، باكورتها إصدار القرضاوي فتوى دعا فيها المواطنين الاماراتيين للانتفاضة على حكامهم لانهم اعتقلوا المواطنين السوريين المعارضين للنظام السوري بعد تظاهرهم امام السفارة السورية في ابو ظبي، ذلك أن الحكومة الاماراتية «لا تسمح لأي كان، وتحت اي شعار، بتعريض الاستقرار في البلاد للخطر». هذا التصرف السيادي الاماراتي اعتبره القرضاوي في فتواه «كفرا» من جانب حكام الامارات. اعقب فتوى القرضاوي فتوى اخرى لآل الشيخ مزايدا فيها على القرضاوي وداعيا مواطني دولة الامارات الى هدم الكنائس الموجودة عندهم.
يتوقف التقرير عند «مسارعة دولة الامارات الى الرد بعنف على كل من القرضاوي وآل الشيخ عبر قائد شرطتها حيث اعتبر في هجوم لافت للانتباه على حكام السعودية، ان الفكر السعودي الديني الوهابي هو من انكر الافكار الدينية تهديما على وجه الارض، ودولة الامارات تعاني من الامكانات السعودية والقطرية الهائلة في تصدير افكارهما السلفية الشاذة». ولم تكتف دولة الامارات بذلك، انما هاجمت المحاولات السعودية والقطرية لإقامة حكم اسلامي في سوريا لان من شأن ذلك ان يقسم العالم العربي الى قسمين، سني وشيعي، ويدخله في صراع دام لا تحمد عقباه. كما هددت، بلسان، قائد شرطتها، «الاخوان المسلمين» في مصر «بعاقبة السوء لأي تحرك يقومون به في الشأن الداخلي لدول الخليج»، وحذرت من إصدار مذكرة إلقاء قبض بحق القرضاوي. واعتبرت «ان من يتباهى بالربيع العربي سيندم».
ويعتبر التقرير ان الخبر الصاعق كان في الاعلان عن استضافة دولة الكويت مؤتمرا للمعارضة السلفية السعودية، وبرغم اعلان السلطات الكويتية عن حظر المؤتمر، عشية انعقاده، الا ان الرسالة وصلت، بما ينم عن حالة انعدام الثقة بين دول مجلس التعاون والتي تنذر بمخاطر تنعكس عدم استقرار داخل هــذه الدول وعلــى صعــيد العلاقة البينية، والتوجس الكويتي بدأ يظهر الى العلن مع سيــطرة الاسلاميين، ولا سيما التيار السلفي، على مجلس الامــة بدعــم من قــطر والسعودية.
ويشير التقرير الى «انه بعد رحيل بابا الاقباط في مصر الانبا شنودة الذي اتصف بهدوئه ومسالمته وحفاظه على اسلوب متسامح في كل شيء حتى وصل به الامر الى عدم الاحتجاج على اللجنة التي شكلت للنظر في الدستور المصري الجديد والتي خلت من اي تمثيل لطائفة الأقباط، فان التوجه هو لاختيار بابا جديد للأقباط يتصف بالتشدد للحفاظ على حقوق الاقباط ويلتقي مع مشيخة الازهر التي بدأت تنوء تحت عبء مسايرة الاسلاميين»، ويتحدث التقرير عن أن التلاقي بين بابا الأقباط وشيخ الأزهر «سيكون على تعزيز الوسطية وروح التسامح في مواجهة التطرف، وهذا سيؤدي ايضا في المستقبل غير البعيد الى تغيير جذري في طبيعة النظام المصري».
ويخلص التقرير الى أن الصراع الذي نشهده حاليا «هو بين الاسلام القرآني غير المذهبي وبين الاسلامي المذهبي»، اي ان الاميركي يحضّر الارضية لهذا الصراع ليعيد التوازنات الى المنطقة، بعدما تبين له ان التوازنات القائمة في العالم العربي هي التي تحمي امن اسرائيل والمصالح الاميركية والاوروبية في المنطقة، و«ان اي تغيير في هذه التوازنات سيهدد الوجود الاسرائيلي والاميركي في الشرق الاوسط».

0 التعليقات:

إرسال تعليق